حالة من الحزن والألم والأسى انتابت الحياة الثقافية والفنية العراقية بعد استشهاد الفنان التشكيلي العراقي ياسين عطية أثر انفجار السيارة المفخخة الذي حدث في حي "البنوك" ببغداد صباح يوم الخميس الماضي، أثناء تناوله وجبة الإفطار في مطعم "الركن الأخضر"؛ حيث كانت السيارة تنتظر أمام المطعم. وقال الفنان صباح أمين ل"شبكة الإعلام العربية محيط" يرثي صديقه: "عن الفقيد الفنان ياسين عطية الذي طالته يد الإرهاب الخميس الماضي، بعد أن هزت بغداد انفجارات لسيارات مفخخة لأحياء مختلفة منها، راح ضحيتها العشراء من الشهداء والفنان ياسين عطية منهم. هكذا وبالصدفة دخلت قاعة حوار للفنون التشكيلية في بغداد، حين جلست بباحتها الداخلية حيث يتواجد الفنانين بتنوع اختصاصاتهم، وإذا بأجمل هدية قد اعدها الله لي بتلك اللحظة، صديقي وحبيبي ياسين عطيه ؟؟ نعم هو ياسين بعد غربة خمس عشر عاما في الدنمارك. لم اتمالك جوارحي إلا من الوضع الذي منعني عن احتضانه حيث كان بجلسة مع صديقتين له من أيام دراسته يتبادلون الذكريات، كان يختلس بنظرات خاطفة مبتسبة بلمعة عين طاغية النظر لي، اشعرني بحاجته العارمة كحاجتي لاحتضانه، لملمت شوق امطاري لتراب أحضانه بالكاد حتى تفجر العناق بعد عدم احتمال منه، فقام من مقعده وإذا بي قفزت من مقعدي تسبقني لهفتي كان العناق أطول من الوقت وأجمل من الخيال حتى انتبه الجميع، استغرقنا في ذاك العناق ما استغرقنا ذاته العناق الوجوه مسح عنها غبار المفخخات وبانت ألواننا كما لم تفرقنا سنين، هو ياسين حبيبي دمعة تقفز من عيني تعانقها دمعة من عينيه وقبلات. وما بين أطراف الحديث دهشة ومحبة وابتسامات هاربة مع ذكريات مقدسة، تهنا عن الصديقتين - ههههه - حتى أدرك هو الوضع، عرفني عليهن احسسن بقوة علاقتنا، تركنا بكل أدب به التعارف، لن اطيل ما لم استطع وصفه هو ياسين عطية. استفسرت عن رحلته وحكى بالتفصيل مجمعات حنينه لبلده العراق، وكيف أنه انجز فنيا مستوى مرقوق وكيف أن الفنان العراقي مبدع في كل بلدان أوروبا. لن اطيل. وفرنا سبل الاتصال وكان الاتفاق أن نعيد لم شمل مجموعتنا الرائعة، اتصل بي ليلة الأربعاء الماضي واتفقنا أن نلتقي يوم الجمعة هذا اليوم، لم يأتي ياسين ولن يأتي .. لم اشعر بشيء إلا كنار في رأسي وثورة في قلبي، انفجرت صرخة امتدت من قلبي لداخل غرفتي وإذا بعائلتي تجري نحوي من هول الصراخ وضرب المنضدة برأسي، تفجر ما بي كليا ببكاء عارم لم يفارقني حتى اللحظة، كتبت على صفحتي، "لماذا لم تأتي ياسين ألم نتفق على اللقاء؟"، وكثير كثير من الانفلات العاطفي ما يشرح لوعتي أو يحاول، أم اتقبل الصدمة كنت اضحك بعنف من البكاء. كانت الدموع تشرحني بصمت، ذهول، انفلات، يداي ترتعشان كأن خنجراُ قد قتلني، ذبحني، لا أعرف ما أفعل، بت، وعشقت، تفانيت عشقاً لعراقٍ قد سكن فيك طيفاً من جذرك حتى أطراف الأفانين؛ لأنك اخترت المحبة ( كلمة الله على الأرض)، طالتك مخالب الكره بعزفها على أوتار من دم بأقبح نشازات، يتبرأ منها الدم الطاهر الذي تناثر، لحنٌ عقيم غبي، يتحدى الله في قلوبنا العاشقة، الله في قلبك يا صديقي طرد معزوفة الكره والدم، كلنا ياسين، وياسين كلنا. أدان أيضا وكيل وزارة الثقافة طاهر الحمود جريمة قتل الفنان ياسين في تفجيرات بغداد. وقال: "إن الفنان العراقي عاش في ظل النظام الدكتاتوري ظروفا صعبة وعانى التقتيل والمطاردة, مما اضطره إلى الهجرة والابتعاد عن الوطن ومنهم الفقيد ياسين عطية، لكن ثقافة الحقد المتأصلة داخل حزب الإرهابيين دفعتهم إلى السعي لاغتيال كل الآمال التي يطمح إليها المثقف العراقي في ايجاد واقع جديد تكون فيه حرية التعبير هي السائدة"، إن ما عاناه الفنانون العراقيون لم ينته بزوال النظام البائد إذ تعرضت الثقافة في العراق إلى مخاطر الإرهاب؛ فمنفذي الأعمال الإرهابية في مدن العراق يحاولون استغلال ظروف سياسية داخلية وإقليمية بالغة الحساسية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في العراق, مستهدفين جميع المكونات العراقية. ففي الوقت الذي نتقدم فيه بأصدق مشاعر المواساة لذوي الفقيد وزملائه, نجدد دعوتنا للأوساط الثقافية والفنية إلى موقف وطني مسؤول في تجريم حزب البعث ثقافيا ومنع عودة الماضي بمآسيه وذكرياته الأليمة. والفنان الشهيد ياسين عطية كان يعيش في الدنمارك منذ نهاية التسعينيات وجاء إلى العراق مطلع الشهر الحالي في زيارة قصيرة لكن الإرهاب كان يتربص به فكان ضحية لإحدى مفخخاته وسط بغداد. أما عن الفنان سعدي الرحال أحد أصدقاء الفنان الذي ساعدنا في جمع معلومات هذا التقرير فكتب على صفتحه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إلى ياسين عطية.. الفنان والشهيد: رسمت بريشتك الأشياء كلها بالألوان المزهرة.. ورسمك الموت بالأحمر الموجوع". كما كتب الفنان سعدي داوود على صفحته: "بمزيد من الأسى والحزن أودعك من قلب أدميته بخلقك وطيبتك.. وصلت دعوتك أيها الإنسان الطيب.. سرقتك المفخخات كما سرقت مني أخي في طلقه في القلب إلى جناته.. يرحل الطيبون.. كنت معي يوم الجمعه في القشله وشارع المتنبي إنا لله وإنا إليه راجعون". وكتب الفنان سلام عمر: " ياسين استشهد بمفخخة.. بكر قتلوه بطلقتين. بشار خطفوه وقتلوه ووالدته قتلوها رميا بالرصاص. حسين رموه من خلفه بالرصاص. عمر خطفوه وذبحوه بالسده. وعلي على طريق اللطيفيه". وكتب سعد جسيم: " الفنان ياسين عطية الروح الباقية بيننا، إخواني أقدم لكم الفنان ياسين عطية وروحه الباقية بأعماله، اغتاله العراق بعد غربة دامت أكثر من عشرون عاما، استقبلته العراق باحضان سيارة مفخخة من إنذال أبناء عهره ولقطاء، لكن ياسين سيكون رمزا ولن يموت بداخلنا، الغالي العزيز ياسين سنلتقي في يوما ما ولا نحتاج لتلك الوسائل الإنترنيتية للتخاطب". وكتبت أيضا بلاسيم محمد: " صديقي ياسين كلنا افتقدناك.. يا ترى كم حلما مات بداخلك.. وكم لوحة معلقة في روحك.. وكم حسرة في قلبك.. كم نحن جبناء.. سوف نصمت أيضا". أما الفنان طاهر علون فكتب: " كان أسمه ياسين.. إلى الشهيد الفنان"ياسين عطية" الذي استشهد بانفجار سيارة ملغمة في بغداد حيث كان عائدا من منفاه الدنماركي لزيارة عائلته بعد سنوات طويلة من الاغتراب. "في المسافة بين ظل الحياة وبينك كانت هنالك نخلة الله انبتها من قبل للناس فأحتموا بالظلال أو أكلو تمرها وهي ذي أمهم في شكل نخلة أو ربما الأرض والرحم، إذ درجوا صبية وصغارا لكنها وحشة الغاب والقطيع الذي عاث ببغداد قتلا، وذي نخلة الله بغداد في كل يوم قرابين فيها ياسين كان أبنها ولوحاته، صوته، صوت منفاه منها يعود إلى رحمها، أجل سيعود إلى نخلة الله يحضنها لا يموت". يذكر أن الفنان ياسين عطية من مواليد بغداد عام 1963، تخرج في معهد الفنون الجميلة، اعتقل من قبل مخابرات صدام نهاية الثمانينات لأسباب سياسية، واطلق سراحه بأعجوبة، وفي عام 1998 دخل الدنمارك ليقيم في العاصمة كوبنهاغن، وبعد هذه السنوات قرر أن يزور بغداد فغادر الدنمارك يوم الأول من مايو متوجها إلى العراق لتشهد آخر أنفاسه في انفجار أودى بحياة العديد من المواطنين العراقيين.