لا وقت للمجاملات وتبرير الفشل واختلاق الأعذار من أحد أو لأحد, فالفشل فى تقديم خدمة ما للمواطن أمر لا يحتاج إلى مُحكّم دولى أو خبير أجنبى, ولا ينبغى أن نطلق عليه سوى الفشل ولا شىء غيره لأن عكس ذلك لا يؤدى إلى الحل بل يُعقّد الأمر ويزيد من احتقان الناس ذلك أن هذه الطريقة من تسفيه آراء الناس هى ذاتها القشة التى ستقصم ظهر البعير, وأحذر من التحجج بتكرار ذات المشاكل أيام النظام البائد وكأن نظام المخلوع قدوةً للفشل, أو أننا لم نتغير, وكأن الثورة لم تحدث, أو أن أجواء التغيير لم تصل أصداءها للبعض. فلن أتحدث اليوم عن مشكلة جنودنا فى سيناء نحمد الله تعالى أن ردهم إلينا سالمين, فقد قُتلت بحثاً وتحليلاً وتنقيباً وفلسفةً وفزلكة من مهرّجى السياسة الجدد الذين لا يهمهم سوى الرقص على جثة الوطن لمجرد الكيد للرئيس وجماعته بالباطل قبل الحق , ولكن سأتحدث عن كارثة انقطاع التيار الكهربائى المستمر والمستفز عدة مرات فى اليوم الواحد بطريقة باتت لا تُطاق على مدى أكثر من أسبوع (حتى كتابة هذه السطور) ونحن فى بدايات فصل الصيف وتزامناً مع موسم الامتحانات بمختلف مراحلها والذى يمثل موسم القلق والحصاد التعليمى للأسرة المصرية فى المراحل التعليمية المختلفة حتى التعليم الجامعى, مما ينذر بكارثة كبرى إذا ما استمر هذا الوضع السيىء طوال فترة الصيف وخاصة فى المستشفيات وغرف العناية المركزة وحضانات الأطفال وغيرها من الخدمات التى لا تتم إلا فى وجود التيار الكهربائى. وأظن أن حملة تمرد لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى قد وجدت ضالتها وسط مناخ مُشجّع على طبق من ذهب وأرضية عصيان خصبة يشجع عليها ويؤججها السخط الشعبى المتفشى فى جميع أرجاء المجتمع من الإسكندرية وحتى أسوان إزاء هذه الظاهرة , حيث أن المشكلة باتت عامة ومثيرة ولم تسلم منها قرية أو مدينة فى جميع أنحاء الجمهورية تقريباً , فالكل فى البلاء والغضب سواء حيث أن المواطن لن يصبر طويلاً على استمرار تلك الكارثة ولن يطيق التحمل أكثر من ذلك تعطل أهم خدمة حيوية يستحيل الاستغناء عنها حيث أن الحياة لا تستقيم بدون الكهرباء التى تتداخل فى جميع احتياجاته المباشرة, لا سيما وأن الأمر لم يعد يتعلق بالخلاف السياسى العميق بين الرئيس والمعارضة على مادة فى الدستور أو القانون , أو مشكلة قوى المعارضة وجبهة الإنقاذ من ناحية مع الرئيس شخصياً والتيار الإسلامى وجماعة الإخوان تحديداً أو مدى مشروعية تعيين النائب العام , فكلها خلافات نسبية وقد تكون اجتهادية تقبل الصواب الخطأ , أما الظلام لا يمكن أن نجتهد فى تسميته سوى مسمى الظلام , فالمواطن العادى قد لا يهمه هذا العراك الدائر بين النظام ومعارضيه بقدر ما يهمه بالأساس الحصول على خدمة جيدة , وأظن أيضاً أن جماعة الإخوان وعلى رأسهم المرشد العام ليست منفصلة عن نبض الشارع وأنّاته وأوجاعه , وينبغى التحرك فوراً ودون أى تأخير على هذ الصعيد, ذلك أننى أزعم أن تفاقم تلك المشكلة أو كارثة انقطاع الكهرباء دون تحرك أن حل جذرى وفورى فإنها ستكون النهاية الحقيقية والقطيعة الشعبية الكاملة مؤيدين للنظام قبل معارضيه , فلا مجال للطبطبة والتبرير, فنحن بصدد أزمة حقيقية (وبالمناسبة ليس كيمياء أوإختراع) فالظلام خير شاهدٌ ودليل على مدى الكارثة , فلم يعد ينطلى على أحد حجة "تخفيف الأحمال" المزعومة فتلك حجة البليد التى كان يستخدمها النظام البائد(اللهم إلاّ إذا كان النظام لم يسقط بعد ولم يكن بائداً بأى حال من الأحوال) فقد سافرنا خارج البلاد ولم نسمع تلك البدعة وليس بالضرورة أن أكون متخصصاً فى مجال الكهرباء كى نشخص الحل, فالمواطن يدفع ثمن خدمة لا يجدها, وأذكر ونحن فى السعودية لم تنقطع الكهرباء إلاّ فى ظرف واحد فقط (وهو عدم دفع فاتورة استهلاك الكهرباء فى الوقت المحدد وبعد إعطاء أكثر من فرصة سماح للدفع) وبمجرد الدفع يتم توصيل التيار أوتوماتيكياً, رغم أن السعودية والخليج عموماً معروف بارتفاع كبير وملحوظ فى درجات الحرارة. فإذا كان الأمر كما صرحت وزارة الكهرباء فى بيانها الثلاثاء (21 – 5) الماضى هى أزمة الوقود وأهاب بالمواطنين تخفيف الأحمال وترشيد الاستهلاك فتلك مصيبة وكارثة وعذر أقبح من ذنب ,حيث من البديهى والطبيعى والمفترض أن تأخذ الوزارة حذرها واحتياطاتها اللازمة لتزويد محطات التوليد بالوقود اللازم استعداداً لقدوم فصل الصيف, فليس من قبيل الصدفة أن يأتى الصيف فجأةً ودون سابق إنذار,لا سيما وقد أخذنا العبرة من العام الماضى فكان أمام النظام الجديد وجهازه التنفيذى متمثلاً فى وزارتى الكهرباء والبترول عاماً لأخد كل التدابير والاحتياطات اللازمة لمنع الأزمة أو الحد منها على أقل تقدير, لا أن تتفاقم وتتزايد بهذه الصورة المريبة , ما يجعلنا نتشكك فى الأمر وكأنه مُدبّر ومخطط له, لا سيما بعدما أدان الدكتور(أحمد مطر) رئيس المركز العربى للبحوث السياسية والاقتصادية على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى(فيس بوك), بيان وزارة الكهرباء واعتبره بياناً كاذباً , بل وطالب بإقالة الوزير المهندس (أحمد إمام), وقال إن بعض رؤساء شركات الكهرباء خونة ومتواطئون مع حركة تمرد وجبهة الإنقاذ , وقيامهم بقطع الكهرباء عمداً لإغضاب الشعب المصرى, وأضاف د.مطر أنه تم رصد وتحديد رؤساء أسماء رؤساء محطات الكهرباء الخونة الذين يتواطئون مع"تمرد" وجبهة الإجرام , ويقطعون التيار الكهربائى عمداً لإثارة غضب الجماهير(حسب قوله). وفى النهاية لا أعفى الرئيس الشرعى المنتخب من المسئولية السياسية من باب التذكير والتقويم فى إدارة الأزمة وكواحد من مؤيديه حتى لو كان الأمر مدبراً له فالأجدر به سرعة الحسم ومحاسبة المسئول أكثر إلحاحاً فيما لو كانت الأمور مستقرة,ذلك أنه رئيس السلطة التنفيذية المنوط بها حل هذه المشكلة الخطيرة , لاسيما بعد تأكيد مصدر مسئول بقطاع الكهرباء( للأهرام) بعد بيان وزارة الكهرباء , أن القادم أسوأ لعدم وفاء قطاع البترول بالتزاماته والكميات المحددة التى تقرر توفيرها لمحطات الكهرباء, أو توفير الوقود البديل, مؤكداً استمرار الأزمة لحين توفير الوقود المطلوب لتشغيل المحطات. إذاً الوزارة تبشرنا بمزيد من الإظلام ونحن نستقبل فصل الصيف الطويل, وبدلاً من أن تحل المشكلة تطالبنا الوزارة بترشيد الاستهلاك لتخفيف الأحمال.. وكأن مكتوباً على المواطن دائماً أن يدفع فاتورة فشل المسئول بينما يظل قابعاً فى مكانه!, ما يجعلنا أن نطرح سؤالاً: ما هى وظيفة وزير الكهرباء ما دام المواطن هو من يدفع الثمن(ناهيك عن دفع فاتورة استهلاك الكهرباء التى زادت بالفعل) ويقوم بالترشيد ويأتى الحل على يديه؟!. حيث أنه مازال بعض المسئولين فى بلادنا يمثلون جزءاً من الأزمة والمشكلة وليس الحل كما هو الواجب و المفترض!. فلا خير فينا إن لم نقلها, ولا خير فيكم إن لم تسمعوها.