تسعى الولاياتالمتحدة لضخ مليارات الدولارات في مناطق السلطة الفلسطينية لتطوير اقتصادها، وسط العراقيل الإسرائيلية التي تخنق الفلسطينيين، وذلك لمنع انهيار الاقتصاد الفلسطيني، ما يعتبر تغييرا في التوجه الأمريكي الذي يحاول التوصل إلى تطور اقتصادي يسبق التوصل إلى سلام نهائي في المنطقة. ويبدو أن الولاياتالمتحدة اقتنعت بموقف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي كان يؤكد على السلام الاقتصادي قبل السلام السياسي، وفقا لما نشره اليوم الخميس موقع صحيفة «معاريف». نموذج جديد وسوف تعتمد الخطة الأمريكية التي يتبناها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على ضخ مليارات الدولارات مع دول الاتحاد الأوروبي، تحت عنوان "نموذج جديد من المشاركة بين القطاع الخاص والعام" في مناطق السلطة الفلسطينية. وأضاف الموقع أن هذه الخطة سوف تفتح مشاريع في عدة قطاعات مثل: "المواصلات، والسياحة، والاتصالات السلكية واللاسلكية، واستغلال الموارد الطبيعية" وغيرها من مشاريع البنى التحتية، والتي ستخلق فرص عمل لآلاف العمال الفلسطينيين. وجاءت هذه الخطة بعد قناعة الإدارة الأمريكية بضرورة أعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني من الأساس، خاصة في ظل الأزمة التي تشهدها المفاوضات السياسية، ما سيساهم في خلق المقدمات لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وأكد مصدر إسرائيلي وصفته الصحيفة بالكبير وكذلك مصدر أمريكي مطلع أن البيت الأبيض يسعى خلال فترة قريبة لطرح هذه الخطة حيز التنفيذ، خاصة أن مستثمرا أمريكيا كبيرا رافق كيري في زيارته الأخيرة إلى المنطقة، والذي اختاره كيري ليكون على رأس هذه الخطة الاقتصادية، وقد التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وكذلك مع مسئولين اقتصاديين وأمنيين فلسطينيين وإسرائيليين. ونحو هذا الصدد صرح جون كيري بأن نتنياهو وافق على الخطة وتجند للعمل لصالحها كما أن أبو مازن وافق ولكن كيري لمح ل"إسرائيل" بأنه من اجل إنجاح الخطة الاقتصادية يجب على "إسرائيل" رفع عدة عراقيل تقف في الطريق حيث رفض نتنياهو إعطاء السلطة أراضي في منطقة c والتي تقع تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة من اجل نقلها للسيادة الفلسطينية بهدف إقامة المشاريع عليها قبل استئناف المفاوضات. كما رفض نتنياهو إقامة مشروع سياحي كبير شمالي البحر الميت من اجل إقامته يجب نقل السيطرة للسيادة الفلسطينية علي الأرض كما رفض نتنياهو استخراج الغاز من موقع اكتشافه أمام شواطئ فزة كما رفض إقامة مطار فلسطيني ولكن نتنياهو فقط وافق علي إقامة مشاريع معينة للبني التحتية الفلسطينية. فياض والسلطة وعلى جانب أخر توقعت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أن تُغرق استقالة رئيس الحكومة الفلسطينية بالضفة المحتلة سلام فياض اقتصاد السلطة أكثر فأكثر، مما سيساهم في انهيار الاستقرار النسبي الذي تحقق في السنوات الأخيرة. وقالت الصحيفة في تقرير مطول نشر أمس الأربعاء، انه من المتوقع لرحيل فياض أن يعيد القوانين العشائرية القديمة لاقتصاد السلطة، وفي سنوات فياض القصيرة في رام الله تمكنت حركة فتح من نسيان الغضب الجماهيري على الفساد في السلطة مما أدى في نهاية المطاف إلى انتصار حركة حماس في الانتخابات. وتابعت: بدون الأموال التي ضمنها فياض، ودون ثقافة الإدارة السليمة التي قادها، من شأن اقتصاد السلطة أن يغرق أكثر فأكثر. وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قَبل استقالة فياض رغم حملة الضغوط الأميركية عليه، مضيفة: "وهكذا تكون وصلت مرحلة "بناء الدولة" للاقتصادي غير السياسي من رام الله إلى منتهاها، وبدأ عهد جديد كفيل بأن يذكرنا بأسلوب أيام عرفات في المقاطعة". ولفتت "معاريف" النظر إلى أن فياض عانى من انعدام الكاريزما أو قاعدة التأييد الجدية في الشارع، فالسماء المنطفئة والمزاج الأوروبي جعلا من الصعب عليه الاتصال بالجماهير، وتحولت نجاحاته إلى موضع مزاح، مستشهدةً بإحدى المزاحات الأكثر انتشاراً والتي تُروى عن فلسطيني أوشكت زوجته على الولادة، ولكن فياض وصل قبل سيارة الإسعاف. وبحسب الصحيفة: "لقد حسم النزاع مع عباس مصير فياض، ولكن العنوان كان على الحائط منذ عدة سنوات، أحد لم يعجب حين قرر الرئيس قبول استقالته، رغم الضغط الأمريكي الشديد. أبو مازن لم يستطب أبداً أن يكون الثاني في أهميته بالنسبة للأمريكيين. وكلما ارتفع نجم فياض، أصبح رئيس السلطة ذا صلة أقل، مما اغضب أبو مازن ورجاله". وواصلت تقول: "السبب الفوري للنزاع الحالي كان استقالة وزير المالية نبيل قسيس، الذي يعتبر مقرباً من الرئيس، حيث قبل فياض استقالته بناء على رأيه الخاص، دون أن ينتظر المصادقة من عباس". ونوهت إلى أن محاولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مساعدة فياض شكلت دليلاً آخراً على مكانته الخاصة وسياسته المستقلة مما قرب فقط تصفيته، وعلى المستوى الأعمق يبدو أن فياض ببساطة ما كان يمكنه أن يواجه حركة فتح وحده التي وجهت نحو الغضب الجماهيري في ضوء الأزمة الاقتصادية. أزمة ثقة ويرى محللون إن نجاح فياض كان سببا في بدء المعركة ضده، فعلاقاته مع عباس وصلت إلى الحضيض بسبب أزمة الثقة بينهما، كذلك فإن عباس والحرس القديم المحيط به من حركة فتح رأوا في رئيس الوزراء فياض منافسا سياسيا، ويجب العمل على عزله من منصبه. بالإضافة إلى إن استقالة فياض هي خطوة أخرى على طريق انهيار السلطة الفلسطينية في رام اللهالمحتلة، وتأكيد على عمق الأزمة السياسية التي تعيشها. واتهمت مصادر إسرائيلية عباس بأنه ينتهج حكما قريبا جدا من الديكتاتورية، لافتةً إلى أن صحافيين يُزجون في السجن، والمظاهرات تُقمع بشدة، والانتقادات تُواجه بعقوبات أشد، كما أن الحكومة لا تقوم بمهامها، في حين أن الزعيم يُواصل رحلاته خارج البلاد، على حد قولها. وساقت المصادر عينها قائلةً إن عباس يرى بأم عينيه كيف ترتفع شعبية فياض في بروكسل وفي واشنطن وفي الضفة الغربية، وبالتالي فإنه رأى فيه، مع قادة حركة فتح، عائقا أمام طموحاته السياسية والاقتصادية، ذلك أن فياض رفض تعيين قادة كبار من فتح في منصب وزراء، كما رفض تحويل الأموال لهم. وتابعت المصادر قائلةً، كما أكدت الصحيفة العبرية، إن الأزمة المالية التي عصفت وتعصف بالسلطة الفلسطينية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، ذلك أن عباس والمحيطين به استغلوا هذه الأزمة لتوجيه الغضب الشعبي على ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة البطالة إلى رئاسة الوزراء، وإلى فياض بشكل شخصي. وأوضحت المصادر أيضا أن الخلاف بين عباس وفياض احتد بعد إعلان الأخير عن معارضته لتوجه السلطة الفلسطينية إلى الأممالمتحدة للحصول على اعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في المنظمة الأممية السنة الماضية، فقد اعتقد رئيس الوزراء الفلسطيني، بحسب المصادر الإسرائيلية، أن هذا التوجه، لا يتعدى كونه عملاً رمزيا، وحذر من تداعيات التوجه إلى الأممالمتحدة، وتحديدا فرض العقوبات على السلطة الفلسطينية من قبل الدولة العبرية، وقالت المصادر أيضا إنه في حقيقة الأمر فقد كان فياض على حق، فتجميد الأموال الفلسطينية من قبل الحكومة الإسرائيلية أدى إلى تأجج الأزمة الاقتصادية، ولم يكن الأمر بعيدا عن أنْ يؤدي إلى انهيار السلطة بشكل كامل، على حد تعبيرها. ونوهت الصحيفة العبرية، نقلا عن المصادر نفسها، بأنه في السنة الأخيرة كان فياض على حافة تقديم استقالته، ولكنه في كل مرة عدل عن تهديده بالاستقالة، وبحسبها فإن القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لفياض، كانت استقالة وزير المالية، نبيل قسيس من منصبه في بداية مارس المنصرم. وأردفت المصادر أن وزير المالية كان يتعرض لحملة انتقادات واسعة من قبل المواطنين بسبب الأزمة الاقتصادية، وبالتالي قام بتقديم استقالته، وفياض، من منطلق صلاحياته كرئيس وزراء، وافق عليها. وفي ذلك الوقت، كان عباس كعادته خارج رام اللهالمحتلة، وغضب وطالب فياض بإعادة قسيس إلى منصبه، ولكن فياض رفض الإذعان لمطلب الرئيس عباس، وادعى بأن خطوة من هذا القبيل تمس مسا سافرا في صلاحياته كرئيس للوزراء، وهي نفس الصلاحيات التي طلبها محمود عباس من الرئيس الراحل، ياسر عرفات، عندما تسلم منصب رئيس الوزراء في العام 2003. وكشفت المصادر الإسرائيلية النقاب عن أنه في الأيام الأخيرة، بعدما تحولت استقالة فياض إلى مسألة وقت فقط، حاول وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، ونظراؤه الأوروبيون التوسط بين رئيس الوزراء وعباس، ولكن المحاولات كان مصيرها الفشل منذ البداية، لافتةً إلى أن استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني من منصبه ستضع علامة سؤال كبيرة حول المعونات الاقتصادية الأوروبية للسلطة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، قالت المصادر للصحيفة العبرية، إن الاستقالة ستدفع الدولة العبرية إلى التردد في العودة إلى طاولة المفاوضات وتطوير مشاريع اقتصادية مشتركة مع الفلسطينيين بدون فياض، مشيرةً إلى أنه بدون الحارس على الميزانية، فمن المحتمل جدا أنْ تتوقف الدول الغربية عن دعم السلطة، وبحسب المصادر إذا تحقق هذا السيناريو، فإن الأزمة الاقتصادية في السلطة ستتفاقم، ومن هنا وحتى اندلاع أعمال العنف الطريق ستكون قصيرة جدا، على حد قولها. وبحسب المصادر فإن استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني من منصبه تُعتبر ضربةً قاسيةً للأمريكيين الذين يُحاولون إعادة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى طاولة المفاوضات، كما أن الاستقالة ستُربك الإدارة الأمريكية التي رأت في فياض عنوانا وشخصا مسئولا.