عامان مرا على ثورة يناير و مازالت أهم مطالب الثورة «عيش، حرية، عدالة اجتماعية» التي خرجت الجماهير من اجلها لم تتحقق بعد الثورة لكون من تولى أمور البلاد لا يؤمن بها ولا يؤمن بالثورة أصلا. إن الغاية الأساسيه من كل نظام أو فلسفة للحكم في المجتمعات المعاصرةهي تحقيق العدل، أو على الأقل الحد الأدنى منه. والعدالة الاجتماعية هي المرتكز الأساس الذي يقوم عليه مفهوم العدل. فهى تعني المساواة، والتضامن الاجتماعي وتحقيق حد مقبول للحياة الكريمة، والعدل لا يمكن أن يتحقق بدون وجود المساواة، أو على الأقل الحد الأدنى منها.
عدم عدالة التوزيع ونمو الدخول فى المجتمع بشكل هلامى يتمدد لدى البعض وينكمش لدى الكثير بالاضافة الى ظهور وتوطن حجم للفساد يعوق النمو، وهو الفساد الذى يرتبط غالبا بالفجوة الكبيرة بين المرتبات والدخول مما يزيد من هموم الفقراء ليزدادوا فقرا ويساهم في زيادة الأغنياء ثراء مما يسبب تهديدا مباشرا لأمن واستقرار الدولة الأمر الذي يتطلب وقف تلك السياسات الخاطئة لضمان استقرار الدولة وحماية أبناء الوطن من التهام الفقر للفقراء .
تطبيق العدالة يتطلب إعادة توزيع الدخول والثروات، وتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور والتي لم يلتفت إليها النظام الحالي رغم أنها أحد المطالبات المستمرة قبل وبعد الثورة. ولتحقيق التوازن الاجتماعى نحتاج إلى الاهتمام بالطبقات الاجتماعية الضعيفة والمحرومة والمهمشة، والمساواة في توزيع الثروات مع تساوي الحقوق والاستحقاقات، وتوفير مستلزمات العيش بكرامة وعزة.
ارتفاع الاسعار يجب ان يلازمه ارتفاع في الاجور، لماذا ؟؟ لكي يحافظ المجتمع على العدالة في توزيع الدخل الذي يلبي رغبات المستهلك ويوفر له حاجاته الاساسية ويعيش بالقليل اليسير من الرفاهية وليس كلها، وهذا ما يجب على الدولة تحقيقه وهو توفير الامن الغذائي ورفع مستوى معيشة الفرد وتوفير الحاجات الاساسية والضروريه له، لكي ينعكس ذلك على خلق مجتمع سليم صحي خالي من التعقيدات النفسية والمشاكل الاجتماعية، لانه عندما يعيش الفرد في رخاء يجد متسعا في حياته وراحة في الابداع وعمل شيء يفيد المجتمع ولا يضره.
وهنا نجد اننا في مصر اصبحت اجورنا تتاكل بزيادة الاسعار المطرده ، مع بقاء الدخل كما هو حيث قلت القيمة الشرائية للجنيه المصرى، فالشريحة التي تعتمد على الرواتب الشهرية اصبحت من الطبقة السفلى واختفت عندنا الطبقة الوسطى واصبحنا نعيش في مجتمع فيه الفقير وفيه الغني ولا يوجد حل وسطا بين الغنى والفقر سوى من رحم ربي .
أن التعديلات الضريبية التي عدلتها الحكومة بموجب القانون رقم 101 لسنة 2013، لا تحقق العدالة الاجتماعية لمحدودي الدخل، بل أنها ستزيد الأعباء عليهم، و كان من المفترض رفع حد الإعفاء الضريبي، بالنسبة لضرائب الدخل إلى 18ألف جنيه سنويًا للعاملين بالدولة، بدلًا من 12 ألف جنيه، لأن ذلك يعني أن الضرائب ستفرض علي كل من يتعدي راتبه ألف جنيه شهريًا، وهو لا يتناسب على الإطلاق مع ارتفاع الأسعار الذي تشهده مختلف السلع بالبلاد، وبالتالي فإن فرضها غير ملائم خلال تلك الظروف الإقتصادية غير مناسبة.
ومن عجب العجاب بأن نجد الحكومة خفضت الضريبة على التصرفات العقارية وعمليات تسقيع الأراضي، التي يستفيد منها كبار المستثمرين إلى 2.5% بدلا من 5% في القانون الحالي، بدلا من زيادتها إلى10 % على المكاسب الرأسمالية الكبيرة. فى نفس الوقت اللى بتفرض ضرائب على المسكن الخاص، طبقًا لقانون الضريبة العقارية، بالرغم من وجود الإعفاء الضريبي علي الوحدة التي لم تتجاوز 2 مليون جنيه، وقيمتها الإيجارية لا تتعدي 24 ألف جنية، مبررًا أن السكن الخاص يعد حقًا للمواطن، مادام لم يستفد منه تجاريًا ومدام مخصص للغرض السكني !!!
واخيرا دعنا نقول لا حرية بلا عدالة، ولا عدالة بلا مساواة، ولا مساواة إلا بتقريب المسافة بين الطبقات.
رحم الله الفاروق عمر بن الخطَآب حين كان بطنه يُحدث أصواتًا من كثرة ما أكل بالزيت،
فكان يقول لبطنه:
“قرقري أو لا تقرقري، لن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين”،
نُريد فِي هذآ الزمآن مِثل الفآروق !!
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه