سلط الباحث الإسرائيلي «جوناثان سباير» الضوء على الحصار المتزايد على حكومة الرئيس المصري «محمد مرسي» ، مشيرا إلى أن هذا الخناق يتزايد خاصة مع تصاعد الأزمة الاقتصادية ، وارتفاع الاعتداءات الإسلامية، بالإضافة إلى الشرط الذي وضعه صندوق النقد الدولي للقرض، بأن لا يعمل القرض على «تفاقم السخط الاجتماعي». أشار الباحث في معهد «جلوبال ريسيرش» التابع لمركز دراسات الشؤون العامة في «هرتزيليا» ، مقالته بصحيفة «جيرزاليم بوست» الإسرائيلية ، إلى تحول الجماعات الإسلامية في مصر لتكون أكثر حزما و خاصة في ضوء الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد ، منوها أن الفصائل «السلفية» تعمل على تحريض الحكومة «الإخوانية» على الانضمام لسياستهم من أعمال العنف ضد الأقباط المصريين عن طريق التحريض على الفوضى كطريقة لفرض مطالبهم العامة.
و قال سباير، أن حكومة «الإخوان المسلمين» تجد نفسها في ظل هذه الظروف واقعة في معضلة لا مفر منها بين الصراع الاقتصادي و الاجتماعي في البلاد، منوها أن الشروط الموضوعة من قبل صندوق النقد لإعطاء مصر القرض الذي سوف ينقذها من الانهيار المؤكد ، يثير شكوك لجنة الصندوق من أن يدفع القرض البلاد للدخول في أزمة أخرى الذي يؤدي إلى تفاقم السخط الإجتماعي و الذي يعمل لصالح معارضي الحكومة.
اوضح سباير، أن جزء من المشاكل الحالية التي يواجهها الرئيس المصري و حكومته هي انقلاب الفصائل السلفية على سياسة الحكومة ، الأمر الذي ظهر من خلال التظاهرات التي قاموا بها أمام منزل أحد المسئولين الإيرانيين في القاهرة، و هنا يجد «مرسي» نفسه عاجزا أمام مواجهة الاستفزازات السلفية و خاصة مع الوجود المسبق لغريزة استرضاءهم.
و من ناحية أخرى أوضح الكاتب أن المعارضة اليسارية و العلمانية في مصر تنشط على نحو متزايد، و تتحول إلى إثارة العصيان المدني كطريقة مفضلة للتظاهر، و تتلخص مطالبات هذا الفصيل الآن في تشكيل حكومة جديدة «محايدة» و «ذات مصداقية» ، للإشراف على الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في وقت لاحق لهذا العام.
و فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي و قرض الصندوق ، قال أن قرار زيادة الدعم على الوقود و سلع أخرى لتأمين القرض ، من الممكن و أن يزيد من غضب القاعدة الجماهيرية للشعب و زيادة التوترات الحالية ، مضيفا أن حتى «قطر» و التي شعرت بالتعاطف مع حكومة «مرسي» المحاصرة من غير المتوقع و أن يستمر كرمها الحالي طويلا ، أيضا من غير الممكن أن تقدم لمصر حلا «طويل الأمد» ، مشيرا أن الحصول على المتطلبات المالية الدولية يتطلب زيادة الدعم ، كما نوه سابقا، الأمر الذي قد يعمل على تفاقم التوترات المتنامية.
و أنتقل «سباير» للحديث عن قضية أخرى أثارت جدلا واسعا هذه الأيام ، و هي تزايد المطالبات بعودة الحكم العسكري للبلاد ، مشيرا إلى مقالة «اريك تراجر» السياسي الأمريكي ، بصحيفة «اتلانتك» الأسبوع الماضي و التي ألقى الضوء من خلالها على ما قالته حركة «6 ابريل» السياسية من ضرورة عودة الحكم العسكري للبلاد ، فبالرغم من احتجاجهم الشديد على هذه الفكرة من قبل ، عادت المطالبات بضرورة أن يمسك الجيش زمام الأمور هذه الأيام مرة أخرى ولو لفترة محددة.
ونوه الكاتب إلى وجود احتمالية أخرى في أن تسعى جماعة «الإخوان المسلمين» خلال الأشهر القليلة المقبلة في استخدام الأجهزة الأمنية للدولة لاتخاذ قرارات أكثر صرامة ضد المقاومة المتنامية لحكمها، مشيرا إلى أن «الجماعة» قد انتظرت طويلا لمدة قد تزيد على 80 عاما للوصول لحكم مصر ، و لهذا فلن تتخلى أو تتنازل عنه بهذه السهولة ، متابعا أنه على الأقل في الفترة الحالية لا توجد إشارات أن الجيش ينوي العودة إلى السلطة مرة أخرى، و يرجع الكاتب هذا الأمر لسعادة جنرالات الحكم العسكري من متابعة مشهد جماعة «الإخوان المسلمين» و هم يتحملون مسؤوليات فشلهم المتوالي، و من المحتمل أن يتغير هذا الوضع في الفترة المقبلة في حالة عدم تدهور الأوضاع أكثر من ذلك.