حالة من القلق الشديد تنتاب إسرائيل منذ اندلاع الثورات العربية وظهور جيل جديد من الشباب المطالب بالحرية والديمقراطية وعلي استعداد لدفع أرواحهم من أجل تحقيق هذا الهدف. مشهد الثورات العربية الجامحة جعل تل أبيب تستجمع خبراءها لتحليل الفكر الإسلامي ورصد مؤشرات صعود الإسلام حتي داخل المجتمعات الغربية نفسها! انها مجرد بداية هكذا كان تعبير إيهود باراك إزاء الانتفاضات التي وقعت علي الحدود الإسرائيلية في ذكري النكبة من جانب مصريين وسوريين ولبنانيين وفي نفس الوقت كان هناك كتاب يثير جدلا واسعا داخل إسرائيل تحت عنوان تراجع الغرب.. وصعود الإسلام حيث يجمع مقالات لنحو11 خبيرا يهوديا ليضع الفكر الإسلامي وتطوراته عبر العصور أمام الغرب وجها لوجه للوقوف علي مدي قوته وتحليل ذلك من خلال الوضع الحالي في الدول العربية من ثورات عاتية اسقطت أنظمة ديكتاتورية موالية للغرب وقبعت في السلطة لعقود وسقوطها يعني بالنسبة لإسرائيل زلزالا لم يكن تتوقعه في المنطقة العربية يثير معه مخاوف أمنية ووجودية حتي أن صحيفة هاآرتس الإسرائيلية ذكرت أخيرا أنه لا مفر لقبول إسرائيل بالسلام مع جيرانها العرب من أجل التعايش السلمي وأن تل أبيب مازالت تناقض الحقيقة بأنها لا تعيش في مكان معزول عن الفلسطينيين والعالم العربي من حولها. يقوم الكتاب الإسرائيلي علي أفكار المؤرخ الألماني أوزوالد شبينجلر كما عبر عنها في عمله الأكثر شهرة تراجع الغرب حيث يقوم علي نظرية أنه ما من حضارة تبلغ لحظة الذروة حتي تبدأ في التراجع ثم الضمور ومن ثم فان هذه النظرية تنطبق علي الغرب وهذا يعني صعود الإسلام بعد أعوام طويلة من التراجع وفقا للتفسير الإسرائيلي. يعرض الكتاب للمؤلفة الإسرائيلية شافيت يوريا لأفكار المثقفين المصريين علي مر العصور حيث رصدت انبهار رفاعة الطهطاوي بالغرب ونقله لحضارتهم عن طريق الترجمة واهتم الكتاب برؤية الطهطاوي وكتبه رغم أنه لم يكن سياسيا أو حاكما مصريا. وعرض الكتاب لفكر حسن البنا قائلا انه بينما لم يرفض الحداثة إلا أنه لم يفصلها قط عن روح الشرق. وقالت الكاتبة انه بينما كان الطهطاوي منبهرا بالغرب أصبح الخطاب الداخلي بين المفكرين الدينيين المصريين هو رفض استيراد الغرب ومن يفعل ذلك فهو مذنب. وتري الكاتبة أن الخطاب الإسلامي أصبح حاليا مناهضا للغرب. الكاتبة رصدت أيضا شعبية يوسف القرضاوي وعودته إلي مصر بعد أعوام طويلة قضاها في المنفي, وخسرت شعبيته ليس فقط بسبب معرفته العميقة ولكن أيضا بسبب انتشاره عبر القنوات الفضائية وموقع إسلام أون لاين الذي يمتلكه, وقالت انه يكرس جزءا كبيرا من كتاباته لإصلاح الفكر الإسلامي ويبتعد عن توجيه الانتقادات لاخفاقات الغرب. الكتاب الإسرائيلي يركز علي الفلسفة الإسلامية ويهتم بتحليل رؤية الفلاسفة المسلمين كما يعرض للتداخل الحالي بين الدين والسياسة في الشرق الأوسط خاصة بعد اشتعال الثورات العربية. كتاب آخر للمحلل الاستراتيجي الإسرائيلي جونثان سباير الكاتب بصحيفة هاآرتس الإسرائيلية بعنوان تصاعد الصراع الإسلامي الإسرائيلي القوة لها الكلمة الأخيرة يري أن إسرائيل تدخل منذ فترة في حرب باردة مع جيرانها ولكن ما يحدث حاليا من ثورات في البلدان العربية المجاورة يصل لمستوي التحدي الحقيقي لتل أبيب. ويقول الكاتب أن قوات إسرائيل البرية غير مدربة بشكل كاف علي الحرب مدعيا أنه كان من الصعب قبل خمس سنوات تصديق مقولة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي قال أن تل أبيب أشبه بفيلا في غابة في اشارة للدول العربية المجاورة علي حد وصفه! سباير الباحث في مركز هرتزيليا للأبحاث العالمية والتلميذ لزعيم الدولة الصهيونية زئيف جابوتنسكي يعتقد في أن القوة العسكرية فقط من شأنها أن تقنع العرب بالقبول بالوجود اليهودي. ويقول في كتابه أن الحرب الباردة التي نشأت في الشرق الأوسط تقوم علي أساس قوات ودول موالية للغرب ضد إيران ووكلائها مثل حماس وحزب الله وقال انهما يقومان علي مفهوم المقاومة وهم علي اقتناع تام بان إسرائيل مجرد ظاهرة مصطنعة ودولة عابرة إلي زوال. جوناثان يحدد أهم المخاطر التي تواجه إسرائيل حاليا في تصاعد دور المقاومة الإسلامية خلال العقدين الماضيين. ورصد الكاتب الإسرائيلي دروسا من حرب لبنان الثانية التي شارك فيها وتعرضت دبابته لصاروخ من حزب الله وقال كنت أتمني الا يحدث أبدا ما واجهته خلال هذه الحرب. وأشار للاشتباك الذي حدث بين حزب الله والقوات الموالية للحكومة اللبنانية في بيروت والتي رأت ان تنامي دور حزب الله ينال من سيادتها قائلا ان تلك الدروس تعلمنا أن القوة لها الكلمة النهائية. وقال جوناثان الذي هاجر من لندن لتل أبيب عام1991 ويعد لاعبا أساسيا في المناقشات الدائرة في تل أبيب حاليا حول الشرق الأوسط إن إسرائيل انتقلت من دولة تعبئة قومية إلي دولة أكثر حداثة في المشاريع كما اتجهت نحو الفردية. الكتاب يعرض أيضا لفشل اتفاقيات أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين نظرا لعدم نجاح فكرة أن الاقتصاد والرغبة المشتركة في تحقيق الازدهار يمكن أن يتفوقا علي الاعتبارات الأخري لكنه لم يعلق علي ميل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتعزيز التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية بدلا من التوصل لاتفاق سياسي مع الفلسطينيين. وقالت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية التي عرضت الكتاب المثير للجدل ان جوناثان يذكر باعجاب شديد كثرة عدد المهاجرين الناطقين بالروسية في وحدات قتالية بالجيش الإسرائيلي لكنه لايناقش تأثير مناهضة الحزب الاسرائيلي اليميني إسرائيل بيتنا للديمقراطية والذي يستمد الكثير من الدعم من مجتمع اليهود الروس.