يطاردنى تساؤل ملح وشك دائم عما تريده " حماس " من مصر ؟! هل تسعى إلى حماية المقاومة الإسلامية من خلال حلفائها فى الحكم وهم الأخوان ؟! أم لعلها تسعى لتكون مصر " غطاء سياسياً " لحركة تراها أمريكا وإسرائيل "أرهابية " ، بينما يريد الإسلاميون فى مصر نقل الأنطباع الجيد عنهم بأنهم قبلوا بالهدنه مع تل أبيب بعد وساطه ناجحه للرئيس محمد مرسي مع " حماس " وهى التى رفعت اسهمه لدى واشنطن ! وأجدنى مندفعاً بتلقائية للقول بأنه لا ضير إذا كان هذا هو ما يدور فى ذهن قاده حماس ، فالمرء لا يستطيع – رغم اختلافه معهم – أن ينسي نضالهم وكفاحهم ضد الأحتلال الأسرائيلي وتكبيده خسائر فادحه .. لكن للأسف تصرفات " حماس " وحلفائها العسكريين " كتائب القسام " تشى بان حركة المقاومة الإسلامية المجيدة تحولت إلى ثغرة كبيرة فى جدار الأمن القومى المصرى ، وتكاد تهدد العلاقة السوية المتوازية بين القوات المسلحة المصرية ومؤسسة الرئاسة ، وكلتاهما له شرعيته ومكانته ..
يوم السبت 16 مارس قال العقيد أركان حرب أحمد محمد على المتحدث العسكرى بأسم القوات المسلحة أن عناصر الجيش تمكنت من ضبط فتحه نفق بمنطقة " الصرصوريه " جنوب العلامة الدولية رقم 4 على الحدود مع قطاع غزه وعثر بداخلها على 5 أثواب قماش وإن ثلاثة منها من نوع " مموه – كاكى – زيتى " مطابق للمستخدم فى الزى الرسمى للقوات المسلحة المصرية وعدد 2 ثوب قماش أبيض مطابق لزى بدله الفسحه المستخدم لضباط الشرطة ..
وناشد المتحدث المواطنين توخى الحيطه والحذر فى الفترة القادمة تحسباً لامكانية حدوث حالات انتحال للصفة العسكرية ..
ومعنى الخبر واضح وهو أن " حماس " – وليس غيرها - تستعد ومعها رجالها فى سيناء وخط القناة وبقية المحافظات لأرتداء زى ضباط الجيش والشرطة وفتح النار على المواطنين.. ليس هناك معنى آخر لكلام المتحدث العسكرى .. ستكون فتنة عندما يتصور المواطنون أن رجال القوات المسلحة والداخلية يقتلون الناس وتلك كارثة كبرى .. وهى حرب أهلية تنكرية لا يمكن أن تتنصل منها حماس .. وربما هناك سيناريو آخر وهو أن يشتبه رجال الجيش الحقيقيون فى الميليشيات "المتنكرة " أو يتوهم الناس أن هناك أنقلاباً فى القوات المسلحة ضد بعضها ، أو أن ضباط الداخلية الناقمين على وزيرهم والرئاسة قرروا التمرد المسلح .. وفى الحالين سيتولى العسكريون ورجال الشرطة التصدى للمتنكرين .. أنه سيناريو الخراب والفوضى والفتن ..
وإذا كنا سمحنا فيما مضى بتهريب أطعمة وبنزين وسولار ومواد تمونية مدعمة لأهلنا المحاصرين فى غزه ، فما هو مبرر تهريب الأقمشة الآن ؟ وهل قرر رجال "حماس " أن يصبحوا "متعهدين" تفصيل البدل العسكرية للجيش والشرطة بدون علم المؤسستين !! وهل رسا عليهم أمر التوريد من وراء ظهر القوات المسلحة التى تشترط مواصفات خاصة لملابسها .. طبعاً سيخرج المنتمون للتيار الأسلامي ليتهمونا بأننا عملاء لإسرائيل وأمريكا ، وأن " حماس " هى عمق إستراتيجي لمصر ، ويهللون قائلين أنه ليس من أجل حفنه أقمشة تصرخون أيها الصحفيون المضللون ..
والحقيقة أن " الحكاية " ليست بضعه أقمشة ، وأنما خطورتها تكمن فى أن الجيش الثالث أضطر لتغير زيه فى السويس إدراكاً منه لخطورة الأقمشة المضبوطة والمراد بها ، وأعتقد أنه لا أحد يستطيع التشكيك فى هذه المؤسسة الوطنية التى يأبي شرفها العسكرى أن تتعرض للغدر مرة أخرى ..
أننى لن أسير فى ركاب من يقولون أن هناك ازمة عاصفة بين الجيش والرئاسة أو بين العسكر والأخوان .. على العكس أتصور أن الفريق أول السيسي وزير الدفاع رجل كيسّ فطن ، فقد بادر إلى تفسير دخول أبناء الأخوان المسلمين للكلية الحربية مؤكداً أن صلاحية ولياقة الطالب المتقدم للكليات العسكرية بصفة ٍ عامة لن يُعرقلها إنتماء أسرته السياسى مشيراً إلى أنه إذا ثبت تورط هذا الطالب فى أى نشاط سياسي او تنظيمي فستتخذ ضده الأجراءات اللازمة .. من ثم فالجيش لا يمارس تمييزاً ضد الأخوان كتنظيم أو كحكومة وإلا كان قد ظل على لوائحه القديمة التى تحظر دخول الأسلاميين المعاهد العسكرية ..
لكن الأمن القومى المصرى شئٍ أخر .. ولن يقبل الجيش أو الشرطة أن يتم تفتيش السيارات أو الباصات للتأكد من أن من يرتدون الزى العسكرى هم ضباطٍ حقيقيون وليسوا ميليشيات حماس المتنكرين ..
أعود لوزير الدفاع الموضوعي الذى ارتأى أن يعامل من يدخل الكليات العسكرية من الأخوان بمنطق أن المتهم برئ حتى تثبت أدانته ، وأقول أن تصريحه الذى قال فيه " أن دماء المصريين لن تضيع هدراً ، والجيش لن يسكت على حق جنوده " جاء أيضاً ليفصل بين " حماس " المقاومة ، و" حماس " التى تشير دلائل كثيرة إلى تورطها فى قتل 17 جندياً مصرياً فى رمضان الماضى وهم صائمون .. الجيش المصرى يضغط على الحركة بعنف سواء من الناحية الأستخباراتيه أو بهدم مكثف للأنفاق .. الضغط جعل خالد مشعل يهرع إلى القاهرة لمقابلة الرئيس مرسي ،لكن الرئيس تنصل من المقابلة بايعاز من القوات المسلحة التى شرحت له من خلال قائدها العام الفريق السيسي الخطورة التى تشكلها حماس حالياً على مصر ..
والفريق السيسي رجل واضح ولو وجد فى أتهامات الأعلام المصرى لحماس ما يبرر تدخله وتعليقه لفعل مثلما الحال فى ألتحاق أبناء الأخوان بالكليات العسكرية .. كما أرتبطت حادثه ضبط "الملابس" المموهه فى الأنفاق بحادث أخر هو ترحيل 7 فلسطينين كان بحوزتهم خرائط لمنشآت سياديه مصرية وكانت المجموعة قد وصلت لمصر من سوريا بعد أن تدريت فى إيران ..
من ثم فإن أعتذار الرئيس مرسى عن لقاء مشعل بحجة وجوده خارج القاهرة ، ظهر وكأنه موقف سياسي خاصةٍ بعد أن قدمت له المخابرات العامة والحربية ما يفيد أن المواجهة مع " حماس " ليست ايدولوجية ، ولكن لأن حماس تستغل مصر كدرعٍ سياسي تواجه به إسرائيل ، وينشط جناحها العسكرى فى الداخل بدون أنقطاع مقوضاً السيادة المصرية ودافعاً الشعب والجيش والشرطة إلى حربٍ أهلية .. ورغم أن الرئيس "مرسي" تدخل – كما يتردد – لأطلاق سراح الفلسطنين السبعة دون تحقيق ،إلا ان مصادر رسمية أكدت أن الرئيس لم يفاتح السيسي أو يعاتبه على ردم 230 نفقاً من أصل 300 نفق كما رددت بعض وسائل الأعلام ، ومع ذلك ما زالت القوات المسلحة تطلب منه أن يخرج بتصريح متوازن ضد "حماس" تأكيداً للسياده الوطنية المصرية وردعاً لمن يتجرأون على فتح "ثغرات" فى جدار الأمن القومى المصرى لكن الرئيس مازال متردداً!..
المصريون غاضبون وحانقون للغاية ليس فقط لأعتداءات "حماس" المتكررة على السيادة المصرية ومقابلتها الكرم المصرى فى تزويدهم بالكهرباء والأدوية والغذاء بنكران واضح للجميل ، بل لأن حماس أعلنت الجهات ضد المصريين بدلاً من الإسرائيلين ..
لقد بلغت الروح الحناجر وشعبنا يعانى يومياً من أرتفاع أسعار الخبز والأدوية والسولار والبوتاجاز والطعام ، ثم نفاجأ بوثيقة – لا نعلم مدى صحتها – تؤكد أن الرئيس مرسي تبرع ب33 مليون دولار لعائلات الأسرى الفلسطنين بغزه بواقع خمسه آلاف دولار لأسرة كل أسير ..
وأندهشنا من تحرك وزارة المالية بسرعة البرق لتدبير المبلغ فى وقت تئن فيه الميزانيه العامة من أعباء الديون وأحتياجات الأستيراد بالدولار ، ومن الطبيعى أن نسأل ألم يكن الأولى صرف هذا المبلغ ( 231مليون جنية ) فى رفع المعانة عن الفقراء الذين لا يجد كثيرون منهم ثمن 5 أرغفة خبز يومياً تكلفهم 90 جنيهاً شهرياً .. حتى الآن لم يصدر نفى من الرئاسة للوثيقة المنشورة بتوقيع المستشار الجليل حسام الغليانى رئيس المجلس القومى لحقوق الأنسان ..
مثل هذه التصرفات تجعل حالة الغليان تزداد لدى المواطن البسيط الذى يبكى ويقول " يا ليتنى كنت فلسطينياً " .. وهكذا نجح الأخوان فى تغير ما تعلمه المصريون كأول دروس الوطنية على يد الزعيم الراحل مصطفى كامل الذى قال " لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً " وقول أمير الشعراء أحمد شوقى " وطنى لو شغلت بالخلد عنه ، لنازعتنى اليه فى الخلد نفسى " ..
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه