منذ اللحظة الأولى للاتهامات التى وجهت إلى حركة حماس بتورطها فى مقتل الجنود المصريين فى رفح، وأنا أثق فى أنها مجرد حرب إعلامية توظف أى شيء لتصفية الحسابات مع الإخوان ونظام الرئيس محمد مرسى، ولا يمكن تصور أن تتورط حماس فى عملية خطيرة كهذه، فلا مصالحها تبرر ذلك، ولا طبيعة علاقاتها مع مصر وأجهزتها الأمنية، منذ فترة مبارك وحتى الآن، تتلاءم مع مثل هذه العمليات، وأتمنى من كل أطراف النزاع السياسى فى مصر الترفع عن استخدام ورقة حماس فى صراعاتنا الداخلية، فحركات المقاومة الفلسطينية لها مكان استثنائى فى الضمير الوطنى المصرى، وستظل تلك المكانة محفوظة طالما بقى العدوان وطالما استمرت المعاناة الفلسطينية من اغتصاب الحقوق التاريخية، ومن يلعب هذه اللعبة فى مصر عليه أن يدرك أنه يلعب لعبة خاسرة، وحسنا فعل حزب الوفد عندما قدم اعتذارًا مسؤولاً لحماس عن الاتهامات التى وجهت لها اعتباطاً بالتورط فى مقتل الجنود المصريين فى رفح، هذه مسألة، المسألة الأخرى الضرورية هى عتاب ضرورى لا بد من إرساله إلى إخواننا فى حماس من بعض المواقف والتصريحات الأخيرة التى لا تدعم سلامة العلاقة بين الحركة ومصر بكل مكوناتها وأجهزتها ومؤسساتها المهمة، فعلى مستوى المواقف لم يكن هناك أى مبرر يستدعى أن يقوم وفد رفيع من حماس بزيارة مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، فى الوقت الذى يهيج فيه الإعلام عن العلاقات الخاصة بين الجماعة وحماس والحديث عن أن هذه العلاقة تخترق الأمن القومى المصرى، والاتهامات الشائعة بأن هناك ترتيبات بين الجماعة وحماس من أجل خطط إنقاذ إذا تطورت الأمور فى مصر بما يهدد الإخوان، ونحو ذلك من مخاوف بعضها مصطنع، وبعضها ربما كان وسوسة تحتاج إلى تهدئة المخاوف وليس إلى تأجيجها، وإضافة المزيد من مؤشرات الجدية والواقعية لها، لم يكن مناسبًا على الإطلاق زيارة وفد حماس لمكتب إرشاد الجماعة فى تلك الظروف، ولا أظن أنه كانت هناك دوافع عاجلة وخطيرة واضطرارية لمثل هذه الزيارة، وهناك بدائل رسمية أقل حساسية وأقل توتيرا وإثارة لعلامات الاستفهام، وهى فى النهاية تصب فى المجرى نفسه، فمؤسسة الرئاسة بكاملها تقريبًا الآن هى لصيقة بالجماعة، وأما على مستوى التصريحات، فكان مثيرًا للدهشة تعليق المتحدث باسم حماس أمس على واقعة تهريب أقمشة أزياء رجال القوات المسلحة المصرية إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، وقد تم ضبط كميات كبيرة منها، وكان تعليق المتحدث باسم حماس أن هذه الأقمشة نفصل منها ملابس للأطفال، هذا كلام غير مسؤول وغير حكيم، ويثير شبهات بشكل مجانى من فرط سذاجته، لأنه لا يعقل ألا يجد أطفال غزة من بين مئات أنواع الأقمشة المصرية سوى زى الجيش المصرى لكى يفصلوا لهم منه ملابس، والحقيقة أن تلك الواقعة خطيرة بالفعل، وللمرة الأولى يضطر الجيش المصرى لتغيير ثياب جنوده بعد إعلانه عن اكتشاف مجموعات تخريبية تستخدم أزياء منسوبة للجيش، ومن الممكن أن ترتكب أعمال إجرامية ضد منشآت أو مواطنين وتنسب إلى القوات المسلحة، ومن الممكن أن تقوم بأعمال مجنونة على الحدود يتحمل نتيجتها ومسؤوليتها الجيش المصرى، أتمنى أن تكون هناك مراجعة شاملة وجادة من قبل إخواننا فى حماس للموقف من الشؤون المصرية الآن، وطبيعة التواصل مع الإخوان تحديدًا، أقول هذا لصالح المقاومة الفلسطينية بشكل عام، ولصالح مكانة حماس فى الضمير الوطنى المصرى بشكل خاص.