يعكف حالياً مجموعة بارزة من الزملاء العاملين في الصحافة الإلكترونية بشبكة الإعلام العربية محيط ومواقع أخرى شقيقة على تأسيس نقابة جديدة لهذه المهنة تحت اسم نقابة الإعلام الإلكتروني، بهدف الارتقاء بالمهنة وتوفير متطلبات العمل الأمثل للصحفيين والمهنيين العاملين في هذا المجال الإعلامي الهام. وفي هذا الصدد يجدر بنا التعريج على عدد من النقاط الهامة، والتأكيد على متطلبات ضرورية لهذه النقابة الوليدة. بداية فإن حرية تأسيس النقابات هو حق دستوري للمهنيين والعمال في أي مهنة أو حرفة، وهو أحد ثمار ثورة 25 يناير التي خلصت مصر والمصريين من نظام ديكتاتوري مستبد، أفسد الحياة السياسية والنقابية، وحرص على التحكم في قوى المجتمع المدني. وعلى الرغم من وجود نقابة للصحفيين في مصر، إلا إنها –بسبب قوانين تأسيسها ولوائحها- لازالت لا تعترف بالصحافة الرقمية، وتقبل في عضويتها فقط الصحافيين العاملين في الصحف المطبوعة حتى لو لم يكن لها جمهور يقرأها. يحكي لي بعض الزملاء العاملين في موقع إخباري له نسخة مطبوعة أن رئيس التحرير يوصي بنشر التحقيقات القوية التي ترده في النسخة الإلكترونية دون المطبوعة؛ لضمان مقروؤيتها! وعلى الرغم من غياب مؤسسة نقابية للصحافة الإلكترونية أو الإعلام الرقمي فإنه يمكننا القول إن الإعلام الرقمي كان هو "الراعي الإعلامي الرسمي " للثورة المصري ولثورات الربيع العربي. حيث تم أيام الثورة على صفحات ومواقع هذا الإعلام الجديد نشر الأخبار والصور والفيدويوهات أولاً بأول، بآليات أسرع وأشمل من أي وكالة أنباء عالمية. فضلا عن الصحف المطبوعة. وكذلك على صفحات ومواقع هذا الإعلام الجديد وُجّهت الدعوات لجمعات الغضب وأسابيع الصمود المختلفة خلال أحداث الثورة على شكل أحداث (events) بمواقع التواصل الاجتماعي. وحيث إننا بصدد تأسيس نقابة وليدة فعلى الزملاء القائمين عليها أن يدركوا أولاً أن العمل النقابي يتأسس أولا على ممارسة ديمقراطية في إطار مهني؛ بما يعني أن النقيب وأعضاء مجلس النقابة لابد أن يكونوا منتخين انتخاباً حراً مباشراً، بالنظام الفردي طبعاً! وكذلك لضمان الاستفادة من التجارب الفاشلة السابقة لتأسيس نقابة للصحافة الإلكترونية، لابد من إجراء انتخابات النقيب وعضوية المجلس فور اعتماد أوراق التأسيس من الجهات المسؤولة في الدولة، والإعلان عن ذلك قبله بوقت كاف. وعلى الرغم من أن اعتماد الترخيص سيكون عن طريق وزارة القوى العاملة؛ بسبب الفراغ التشريعي أو الظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد، فإنه يجب على القائمين على هذه النقابة العمل على أساس أنها نقابة مهنية تعمل على تنظيم ممارسة المهنة والارتقاء بمستوى القائمين عليها، وليس فقط نقابة عمالية تبحث عن معاشات أعضائها وتنحصر اهتماماتها في التأمينات الاجتماعية والمصايف، مع التأكيد على أهمية مثل هذه الخدمات في إطار دور أشمل للنقابة. فأي مهنة في العالم هي مجموعة من المعارف والمهارات والقيم. والإعلام الإلكتروني لا يشذ عن ذلك؛ حيث يتضمن مجموعة من المعارف حول المحتوى الصحفي والنشر الإلكتروني وأنظمة الاتصالات، ويتضمن مهارات للتعامل مع هذه الأنظمة بأدوات وآليات عديدة ومتطورة يوماً بعد يوم، وقيماً للالتزام الأخلاقي بقواعد النشر. ومجال الإعلام الإلكتروني ، بسبب شعبيته الجارفة، والمشاركة الجماهيرية التفاعلية الواسعة التي هي سمته الأساسية، في حاجة كبيرة إلى الإلمام بهذه المعارف، والتدريب على تلك المهارات. والالتزام بقيم المهنة الأخلاقية. تحقيقاً للرسالة الإعلامية التي يكون فيها الإعلام مرآة المجتمع، وساحة واسعة للتعبير الحر المسؤول! وذلك مع التعاون والتنسيق مع نقابة الصحفيين. شكراً لكل من يساهم في تنظيم أعمال المهنة، وشكراً لكن من ضحى من أجل أن تعيش مجتمعاتنا حرة.