لم تبرد نار حقد الخديوي توفيق على الزعيم أحمد عرابي، بالقبض عليه وتقديمه إلى محاكمة صورية كان الهدف منها إعدامه ورفاقه. وتأججت هذه النار عندما حول أحمد عرابي الأمر إلى محاكمة للخديوي نفسه. الذي خان مصر وباعها بأبخس ثمن للإنجليز. وذلك بردود عرابي القوية والحازمة على كل ما وجه إليه من أسئلة خلال التحقيق معه. فلجأ الخديوي إلى أسلوب حقير لعله يطفئ نار حقده..
وبينما أحمد عرابي نائمًا في زنزانته بعد يوم طويل مرهقا من الاستجواب. إذا ببعض الضباط الجراكسة، ومنهم الحارس الخاص للخديوي يقتحمون الزنزانة.. ويحاول إهانة زعيم الثورة العرابية بتوجيه ألفاظ السباب والشتائم البذيئة له.
ولم يتردد أحمد عرابي في صباح اليوم التالي في إبلاغ الكولونيل ولسن عند مروره بالسجن بهذه الواقعة.
ووجد رئيس القومسيون نفسه مضطرًا للتحقيق في الواقعة. لكنه بالطبع كان من ذلك النوع من التحقيقات "الملفقة" التي تنتهي بعدم الوصول إلى الفاعل!
... من أنت؟
وتقرر اللجنة التي كلفت بإجراء التحقيق استدعاء أحمد عرابي من سجنه لسؤاله عن تفاصيل ما حدث في الزنزانة.
ويقول أحمد عرابي لرئيس اللجنة: الساعة تسعة ونص أفرنكي فتح باب الأودة التي أنا بها وكنت نائمًا وقتها وإذا بدخول أناس كثيرين لا أعلم عددهم لكون الأودة مظلمة ليس بها نور.
وقال لي قائل منهم بصورة مزعجة: يا عرابي.
فقمت من نومي فزعًا.
وقلت : ماذا تريد؟.
قال لي : أما تدري.. من أنا؟.
قلت : لا.. أعلمني باسمك وماذا تريد مني في هذا الوقت؟.
فقال: أنا إبراهيم أغا يا ابن الكلب يا خنزير.
ثم تفل علي ثلاث مرات بصورة قبيحة وكلام قبيح. فما أمكنني أن أجاوبه في هذه الحالة وبهذا الوقت. ثم مكث على هذا الحال نحو الثماني دقائق. وخرج مع من كانوا معه. وعلمت أنه هو إبراهيم أغا نوبتجي الحضرة الخديوية. الذي كان قد سبق خروجه من مصر في مدة سرقته مجوهرات شبكة الخديوي.
يسأله رئيس اللجنة: هل تكلم معك أحد خلاف إبراهيم أغا تلك الليلة؟.
يقول أحمد عرابي : لم يدخل عليّ أحد الأودة وأزعجني بكلام غير إبراهيم أغا.
رئيس اللجنة : هل الأشخاص الذين كانوا مع إبراهيم أغا تعرف أحدًا منهم؟.
أحمد عرابي : لا أعلم منهم أحدًا لكون الأودة كانت مظلمة كما قررت.
رئيس اللجنة : من الذي فتح الأودة؟.
أحمد عرابي : الذي أعلمه أن الصاغقول أغاسي الخفير هو الموكول بفتح الأودة. ولا يمكن لأحد فتح الأودة التي أنا بها ممن معه إلا بإذنه.
رئيس اللجنة : هل الصاغقول أغاسي دخل الأودة مع من كان صار دخولهم مع إبراهيم أغا؟.
أحمد عرابي : لم أتحقق من ذلك لظلام الأودة.
رئيس اللجنة : الأشخاص الذين صار دخولهم كان بهم أحد لابسا ملابس عسكرية؟.
أحمد عرابي : الظلام منعني من رؤيتهم.
أولادي كانوا يموتون
يسأله رئيس اللجنة: من ابتداء حضوركم للسجن لحد الآن.. لم يحصل شيء مثل ما حصل في هذه الدفعة.
يرد أحمد عرابي قائلاً: نعم في يوم الخميس 5 أكتوبر 1882 حضرت برفقة الكولونيل يتني الإنجليزي من الأودة التي كنت مقيما بها بطرف خفر الإنجليز بقشلاق عابدين إلى هذا السجن المصري. فصار دخولي في أودة خلاف الأودة التي أنا بها الآن. وبعد دخولي فيها حضر الصاغقول أغاسي الموكول إليه أمر السجن وفتشنا وأخذ منا سندًا مأخوذًا على أحد معاوني الضبطية باستلام أختام حرم وكريمة محمد بك. اللتين كانتا في وصايتي ومن جملة ذلك ورقة فيها مذكرة عن أسباب الحوادث التي طرأت على مصر في الأيام الأخيرة. كان جرى تحريرها لأجل أخذ ما يلزم منها عند الاقتضاء. وأخبرنا المذكور أنه سيعرضهم على المجلس.. ثم بعد ساعة حضر جمع كثير ودخل علي الأودة. فيهم أغوات من القواصة التورك. الذين بمعية الحضرة الخديوية ومعهم تشريفجية أعرف منهم حسين أفندي فوزي. ثم تقدم مني أحد القواصين بصورة هائلة مزعجة.
وقال لي: قم.
فقمت وقلت له: ماذا تريد؟
قال : أريد أن أفتشك.
ومد يده علي وصار يفتشني حتى أخرج الجزمة من قدمي وفتشها أيضًا. فلم يجد معي شيئًا إلا جملة أحجبة كانت تحت ملابسي وهي ليست بشيء وإنما كان حملها بسبب أن أولادي كانت تموت بداء التشنج في حال الصغر. ولم يجد نفعًا فيهم أدوية الحكماء. ففزعنا على حسب اعتقاد الناس إلى التحفظ على الأولاد بحمل تلك الأحجبة. وفي الواقع حفظهم الله بسبب ذلك. ثم بعد ساعة أخرى حضر أناس قواصة أخرى تورك. ومعهم جاويشية مراسلة من مراسلة المعية والحضرة الخديوية وأجروا تفتيشي وتفتيش السجادة والغطاء فلم يجدوا شيئًا فبقوا باقي يومها وليلتها بصفة خفر على الأودة. ولم يحدث منهم ما يكدر الخاطر.
يسأله رئيس اللجنة: هل تعرف أحدًا منهم وإن كان حضورهم بأوامر أم لا؟.
يقول عرابي : لم أعرف منهم خلاف حسين أفندي فوزي وهو الذي يعلمهم.
أقوال الخفير
وهنا يأمر رئيس اللجنة بإعادة أحمد عرابي إلى السجن ثم يبدأ التحقيق الصوري في الواقعة باستدعاء الصاغقول أغاسي المسئول عن السجن.
ويسأله رئيس اللجنة: أحمد عرابي تشكى عليّ أنه في ليلة الأحد الساعة تسعة ونصف أفرنكي يعني الساعة ثلاثة ونصف عربي تقريبًا فتحت الأودة عليه ودخل عليه جملة أناس بما فيهم إبراهيم أغا النوبتجي.. فكيف حصل ذلك؟.
يرد الصاغقول أغاسي قائلا: لم صار فتح أودة أحمد عرابي ولم أحد دخل عليه في تلك الليلة.
رئيس اللجنة : هل يمكن فتح أحد أود المسجونين بغير أمركم؟.
يقول الساغقول أغاسي: لا يمكن فتح أحد الأود إلا بأمري.
رئيس اللجنة: أفدنا عن اسم الخفير الذي كان على تلك الأودة ومفتاحها مع من؟.
الصاغقول أغاسي : الخفير المقيم بالجهة التي بها أودة أحمد عرابي هو مصطفى سليمان والذي معه مفتاح الأودة والأود المجاورة لها هما طلعت عزمي وياور صدقي الصغير.
يستدعي رئيس اللجنة الخفير مصطفى سليمان.
ويقول له : علم أنك كنت خفيرًا على السجن في ليلة الأحد من بعد الساعة ثلاثة لغاية الساعة ستة. فهل كنت خفيرًا في تلك الليلة وفي الوقت المذكور أم لا؟.
يقول الخفير: نعم كنت خفيرًا في تلك الليلة من جهة يمين السلالم.
الخفير: أعرف أودة عرابي وأودة عبد العال.. أما باقي الأود فلم أعلم من بهم.
رئيس اللجنة: هل دخل على أودة عرابي في تلك الليلة والوقت المذكور أحد في مدة خفرتك؟.
الخفير: لم يدخل أحد.
وهنا أيضًا يسمح رئيس اللجنة للخفير بالانصراف ثم يستدعي طلعت عزمي وياور صدقي الصغير اللذين كانت معهما المفاتيح.
ويسألهما: هل صار فتح أودة عرابي ودخل بها أحد في ليلة الأحد الماضي؟.
فيرد الاثنان: في الليلة المذكورة لم صار فتح الأودة ولم دخل أحد.. وإذا لزم فتحها لأجل دخول يمك أو مياه أو لأجل خروج المسجون لإزالة ضرورة، فيكون بحضور الصاغ أو البكباشي.
يسألهما: هل تركتما المفاتيح في جهة ما أو أعطيتموها لأحد؟.
يردان: لا يمكننا ترك المفاتيح أو إعطاؤها لأحد.
وهنا يأمر رئيس اللجنة أيضًا بالسماح للاثنين بالانصراف، لكنه بعد أن يتصل برئيس القومسيون، يعود ليقرر حجز الصاغقول أغاسي والخفيرين مصطفى سليمان وخليل برازي في قشلاق البوليس تحت إذن اللجنة.
واسألوا الخديوي!
وحتى يكتمل التحقيق الهزلي يتم استدعاء إبراهيم أغا..
ويسأله رئيس اللجنة: ما اسمك؟. وما وظيفتك؟.
فيقول : اسمي إبراهيم حليم ووظيفتي نوبتجي باشا الحضرة الخديوية.
يقول له رئيس اللجنة: في ليلة الأحد الماضي هل صار حضورك إلى محل الحبسخانة التي بها المسجونون. ودخلت أودة أحمد عرابي وأحمد عبد الغفار أم لا؟.
بالطبع يرد قائلاً : أنا لم حضرت إلى هذا المحل.. ولم دخلت بطرف أحد من المسجونين ولم يكن لي شغل بطرفهم.
رئيس اللجنة : وما رأيك فيما قاله أحمد عرابي وأحمد عبد الغفار في حقك؟.
يرد إبراهيم أغا قائلاً: لم حضرت ولم حصل مني شيء مثل ما قيل من المذكورين. خصوصًا أنهما قالا إني حضرت الساعة ثلاثة وأربعين دقيقة. مع أني كنت في الليلة المذكورة بخدمتي طرف الحضرة الخديوية لحد الساعة خمسة ونصف ليلاً. حتى دخل جنابه العالي إلى الحرم. وهكذا في كل ليلة لم يمكنني الانفصال من محل خدمتي إلا بعد دخول الخديوي. وإنه يسأل من المعية السنية عن ذلك حتى بالنهار لم يمكنني الانفصال من محل مأموريتي إلا بعذر ضروري وبأمر مخصوص.
هكذا استشهد المرتزقة بالخديوي..
ويتم استدعاء عرابي وعبد الغفار وإطلاعهما بأن إبراهيم أغا ينكر ما حدث.
فأصر الاثنان على أقوالهما.
فيقول إبراهيم أغا : لم أحضر إلى السجن مطلقًا.. وبيني وبينهم جميعًا عداوة من قديم.. والجميع يعلمونها.
وكالعادة.. ينصرف إبراهيم أغا سالمًا.
وينهي رئيس اللجنة التحقيق المزعوم قائلاً: حيث إنه من التحقيق الذي صار إجراؤه، أنكر إبراهيم أغا الحضور كما أن الخفراء والأشخاص الذين معهم مفاتيح السجن والصاغقول أغاسي ايضًا، أفادوا بعدم حضور أحد. فلهذا لم ير شدة ضرورة لحجز الصاغقول أغاسي والاثنين الخفراء بخصوص ما ادعى به كل من أحمد عرابي وأحمد عبد الغفار على إبراهيم أغا والحالة هذه إنما لملاحظة أنه في المستقبل ربما يلزم الحال للاستعلام منهم عن شيء. فالأوفق مخابرة من يلزم بعدم حجزهم الآن. إنما تؤخذ عليهم الكفالات اللازمة. حتى إنه عند اللزوم متى صار طلب أحدهم يمكن الحصول عليه.. وبهذا قررنا هذا القرار على هذا المحضر.
ورقة استفتاء العزل
وفي اليوم التالي يتم استدعاء أحمد عرابي من سجنه ليواصل رئيس القومسيون التحقيق معه.
ويقول له: قد وجدت في الأوراق التي ضبطت في منزلك. ورقة محررة بها صورة استفتاء من العلماء عن جواز عزل الجناب الخديوي. لأسباب تمويهية مخترعة.. فها هي الورقة المذكورة اطلع عليها وأفد.
ويقرأ أحمد عرابي الورقة التي تقول: "ما القول في حاكم مولى من طرف سلطان المسلمين على أن يعدل في الناس ويقضي بأحكام الله فنقض العهد وأحدث الفتن بين المسلمين وشق عصاهم. ثم انتهى به الأمر إلى أن اختار ولاية لغير المؤمنين على ولاية المؤمنين. وطلب من الأمم الخارجة عن الدين القويم أن ينفذوا قوتهم في بلاد حكومته الإسلامية. وحمل رعاياه على أن يدينوا ويخضعوا لتلك القوة الأجنبية. وبذل عنايته في المدافعة عنها. ولمَّا دعاه المؤمنون للرجوع عن ذلك أبى وامتنع وأصر على الخروج من طاعة السلطان والمروق من الشريعة. فهل يجوز شرعًا أن يبقى هذا الحاكم حاكمًا حتى يمكن قوة الأجانب من السلطة في البلاد الإسلامية أو يتعين في هذه الحالة عزله. وإقامة بدل له يحافظ على الشرع ويدافع عنه؟ أفيدوا الجواب.
ويقول أحمد عرابي: اطلعت على الورقة ولم تكن بخطي ولا كانت بطرفي.
رئيس القومسيون: أما تعلم بها كلية؟. أحمد عرابي : لا أعلم بها كلية.
رئيس القومسيون: لكن هذه الورقة ضبطت ضمن الأوراق التي ضبطها عساكر الإنجليز في منزلكم. ووردت للقومسيون من طرفهم مترجمة بظاهرها بالإنكليزي.. فكيف لا توجد في منزلكم..
أحمد عرابي : يمكن أنها ضبطت بالمنزل من ضمن الأوراق ولا يبعد أنها كانت مع أحد الناس وتركها على الترابيزة التي عليها الأوراق.
المصريون في بيت عرابي
يسأله القومسيون : في مدة سقوط وزارة محمود سامي كنتم جاريين تحرير محاضر بمنزلكم بعزل الجناب الخديوي. وجاريين إحضار الأهالي والعلماء لتختيمهم عليها بالجبر عنهم.. واستحضارهم لمنزلكم كان بواسطة ضابطين من الآلايات. وأشخاص من مستخدمي الضبطية. كما هو متضح من التحقيقات.. فأفد عن أسباب ذلك..
يرد أحمد عرابي: لما تقدمت اللائحة من جناب قنصلي دولتي إنكلترا وفرنسا وقبلها الخديوي ولم تقبلها النظارة. وحضرت أعضاء مجلس النواب وأشيع ذلك بين الناس. تقاطر الناس أفواجًا أفواجًا من المديريات والمحافظات ومصر وإسكندرية. لرفض اللائحة المذكورة ورفض من يقبلها محررين بذلك الإعراضات والمحاضر.. أفهل كان كل هذا جبرًا عن الناس.. وكنت أنا الجابر لهم.. الحق أن جميع المسلمين تأثروا بقبول هذه اللائحة وأنكروها غاية الإنكار، بل إن جميع المصريين أنكروها لما فيها من التدخل في أمور البلاد الداخلية.
يسأله رئيس القومسيون: إلى أين تقاطر الناس. هل إلى منزلكم أو لأي جهة؟ وهل كانت المحاضر التي يحررونها ترد إليكم مختومة أو تختم بمنزلكم؟ وما الذي أجريتموه في هذه المحاضر؟ وأين هي الآن؟.
يرد أحمد عرابي : المحاضر كانت تأتي مختومة وكان حضور الناس بها إلى مصر جهرة لا خفية. وبحضور جميع الناس لمنزلي أو منزل رئيس النظار محمود سامي. كانوا يأتون بها ويقدمونها إلينا إعلانًا بعدم قبولهم اللائحة المذكورة ومن يقبلها. وكان ذلك بحضور أعضاء مجلس النواب وكلهم مصادقون على ذلك. وكما قلنا أولاً فإن الأمة المصرية لم تختلف في هذه الطلبات. وكانت تلك المحاضر باقية بطرف أربابها. وبحضور دولتلو درويش باشا. وتشكيل وزارة راغب باشا وصدور العفو العمومي صرف النظر عن هذا وذاك.
رأي لجنة القومسيون
وأخيرًا ينتهي التحقيق مع أحمد عرابي..
وتخلص لجنة القومسيون التي أجرت التحقيق معه رأيها في وثيقة تقول: إنه لما صدرت الإرادة الخديوية إلى أحمد عرابي باشا في يوليو 1882 بأن الضرب على الطوابي من دومنتمة الإنجليز ما كان إلا للتهديد الذي حصل للدونتمة باستمرار التجهيزات الحربية بالطوابي، بعد صدور الأوامر بإبطالها وأمره الجناب الخديوي بصرف النظر عن جميع العساكر وإبطال التجهيزات. ويحضر لطرف سموه برأس التين لإعطائه التنبيهات اللازمة، فلم يمتثل وأظهر العصيان. بالرد على سموه بأنه لابد من استمرار التجهيزات ما دامت المراكب في الميناء. وفي الحال استعد للمقاومة وجدد استحكامات كفر الدوار وغيرها للمحاربة. مخالفًا في ذلك للإرادة المشار إليها ولم يكتف عرابي بعصيانه للجناب الخديوي كما توضح، بل أرسل الأمر الصادر له بإبطال التجهيزات، وبطلبه كما ذكر (بإفادة منه لوكيل الجهادية بقصد استمرار التجهيزات. ويحذرهم من الإصغاء للأوامر الخديوية التي تصدر إليهم بإبطال التجهيزات. وأنهم لا يتبعون إلا أوامره هو فقط. ولما لم يمتثل عرابي باشا لإبطال الحرب والتجهيزات والتوجه إلى سمو الخديوي واستمر على العصيان صدرت له إرادة خديوية مآلها الشريف أن ذهابه إلى كفر الدوار مستصحبًا العساكر وإخلاء الإسكندرية من غير أن يصدر له أمر بذلك وتوقيف حركة السكة الحديد وقطع جميع المخابرات التلغرافية عن سموه ومنعه ورود البوسطة لجنابه. ومنعه رجوع المهاجرين لوطنهم إسكندرية.. واستمراره على التجهيزات العسكرية. وامتناعه عن الحضور بعد طلبه. كل ذلك أوجب عزله. ولهذا قد عزله من نظارة الجهادية والبحرية. فلم يذعن لهذا أيضًا. بل بقي مستمرًا على ترأسه على الجيش. وعلى استدامة التجهيزات الحربية وتكليف الأهالي بالانقياد لأوامره والمخالفة لأوامر الخديوي. كل ذلك بعد رفع الراية البيضاء إشارة للسلم والدخول في المكالمة. وبعد صدور الأوامر إليه بإبطال التجهيزات وقبل وبعد عزله من نظارة الجهادية. كما هو مثبوت بالدلائل وبالمنشور الذي أصدره لكافة الجهات..
هكذا انتهت محاكمة أحمد عرابي..
وبقي صدور الحكم عليه.. هذا الحكم الذي كان معدًا سلفًا.. قبل المحاكمة!!
اقرأ أيضا:
الفصل الأول : 12 شاهد إثبات يحاولون إحكام التهمة علي عرابي
الفصل الثانى : الجيش يحضر إلي السجن ويطلق سراح زعيمه!!
الفصل الثالث : قصة حب أنقذت عرابي ورفاقه من السجن
الفصل الرابع : عرابي ورجاله يردون علي المصحف قسم الثورة خلف الشيخ محمد عبده
الفصل الخامس : تلغرافات من أحمد عرابي للأستانة: خديوي مصر اجاز إلي عدو البلاد
الفصل السادس : النديم يؤلف نشيداً ضد الإنجليز والجماهير تردد خلفه