يوافق اليوم السبت الثاني من فبراير الذكرى الثانية ل "موقعة الجمل" التي راح ضحيتها11 قتيلاً من المتظاهرين و2000 جريح على الأقل، وحكم على كل المتهمون فيها بالبراءة، الا أن الغموض مازال يحيط بالواقعة التي تعتبر من أهم أحداث ثورة 25 يناير ، والتي كان لها دور كبير في سقوط نظام مبارك ، في حين يتم بالإشارة الى تورط جماعة الإخوان المسلمين في الأحداث ، بل وقاموا بصناعتها لكسب ود وتعاطف الشعب المصري. وكانت الموقعة تشبه معارك العصور الوسطى, حيث اتهم الموالون للحزب الوطني الحاكم والتابعون لنظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك في 2011 ، للانقضاض على المتظاهرين في ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير وذلك لإرغامهم على إخلاء الميدان حيث كانوا يعتصمون، وتسبب ذلك في ادانات عربية ودولية .
قتلى بلا قاتل وعلى الرغم من صدور حكم يوم 10 أكتوبر/تشرين الاول 2012 ببراءة جميع المتهمين في " موقعة الجمل "، إلا أنا هناك شخصيات سياسية ورموز من نظام مبارك السابق على رأس من خططوا لهذه الواقعة.
وكشفت التقارير الأولية للجنة تقصي الحقائق ، التي تم تشكيلها بعد الأحداث ، أن النائب عبد الناصر الجابري عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الهرم ومساعده يوسف خطاب عضو مجلس الشورى عن الدائرة ذاتها قاموا بالتحريض على قتل المتظاهرين في يوم موقعة الجمل لإخراج المتظاهرين من ميدان التحرير بالقوة، كما اتهم أيضاً الأمين العام السابق للحزب الوطني صفوت الشريف بالتحريض للهجوم على المتظاهرين.
إلا أن دائرة الاتهام قد اتسعت، وشملت العديد من رموز النظام السابق من وزراء وغيرهم، مثل عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة السابقة، وحسين مجاور رئيس اتحاد العمال، ورجل الأعمال وعضو الهيئة العليا للحزب الوطني الديمقراطي إبراهيم كامل.
حتى بعض من كان يعارضو عددا من رموز النظام بشكل أو بآخر شملهم كذلك الاتهام، وهو المستشار مرتضى منصور الذي أدعى بأن اتهام كهذا "مكيدة له"، كونه نوى ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر.
وقد شارك في الإعداد للموقعة أيضا مسئولين كبار من الدولة حيث شارك وزير الصحة واخرج سيارات الإسعاف في نقل الحجارة إلى البلطجة وأيضا شارك عددا من العاملين بوزارة الإعلام وموظفي وزارة الإنتاج الحربي وموظفي الإدارة المحلية وكذلك سيارات نقل صحف تابعة لجريدة الأهرام الحكومية وموظفي الاتحاد العام للعمال ووزارة القوى العاملة وكذلك أفراد شرطة بملابس مدنية بعضهم برتب كبيرة تصل إلى رؤساء مباحث بالأقسام.
معركة الثلاث دقائق
ويأتي ذلك في الوقت الذي اتهم فيه الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق ومؤسس حزب الحركة الوطنية، جماعة الإخوان المسلمين بالتسبب في قتل العشرات خلال موقعة الجمل .
وقال في حوار تليفزيوني اذيع ،على قناة "القاهرة والناس" يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي ، إن لديه العديد من التسجيلات والفيديوهات التي تؤكد وقوف أعضاء بالجماعة أعلى العمارات ومعهم أسلحة، وإن أحد اللواءات أكد وقوفهم في أماكن محددة للهجوم على المتظاهرين، مطالبًا الرئيس محمد مرسي بفتح التحقيق في استشهاد المئات أثناء الثورة وفقًا لهذه المستندات.
وأضاف "شفيق": "ما أطلق عليه "موقعة الجمل" لم يستمر إلا 3 دقائق وتواجد بالتحرير وقتها جمل واحد و3 أحصنة، لكن علينا السؤال عمن كانوا يسعون إلى السلطة، وعمدوا إلى قتل الثوار لزيادة الاحتقان والإسراع في إسقاط النظام السابق".
وقال: "سنرى تكرارًا قريبًا للفيلم"، وتابع أن الثراء الفاحش الذي ظهر على غالبية قيادات الإخوان سيتم فتح التحقيق فيه قريبًا جدًا.
مشيرًا إلى أن المواطن لم يعد يشعر بالأمان، ووقعت أجهزة الأمن بين متطلبات لابد أن تحققها للمواطنين وبين أوامر تتلقاها من الجهات الأعلى التي لا تتوافق مع مصالح المواطن المفتقد للأمن.
دعاية إخوانية
وأجرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في عددها الصادر أمس الجمعة 1 فبراير لقاءت مع بعض أهالي منطقة "نزلة السمان" بمناسبة الذكري الثانية لثورة 25 يناير، وقال عدد من الأهالي الذين التقت بهم الصحيفة: إنهم ينتظرون رد اعتبارهم بعد أن تبين للجميع أنهم لم يتعمدوا مهاجمة الثوار ولم يثبت قتلهم أي شخص حتى الآن.
كما ألقوا التهمة على جماعة الإخوان المسلمين، فيما آلت إليه أحوالهم المعيشية الآن من تدهور وركود بسبب توقف حركة السياحة منذ وصول الجماعة إلى الحكم.
وقال نجل عبد الناصر الجابري "ابن أحد المتهمين في موقعة الجمل"للصحيفة: "القصة كلها كانت عبارة عن "بروباجاندا" إعلامية ليس أكثر.. تسببت فيها جماعة الإخوان المسلمين من أجل توريطنا فيها دون ذنب ولكسب تعاطف الشعب معها حتى وصولها إلى الحكم وإسقاط الرئيس السابق حسني مبارك.. بينما تبين للجميع الآن وبعد مرور عامين من هذه الأحداث أننا لم نعتد على أحد ولم نقتل أحدا".
ويتابع: "الآن يتم تكريم القتلة من الإسلاميين.. في حين يتنكرون من رد الاعتبار لأهالي نزلة السمان، برغم أن القضاء برأنا، ولم تثبت التهمة على أحد منا إطلاقا".
وقال الشيخ سيد مناع، رئيس الجمعية الشرعية بنزلة السمان، وهي إحدى الهيئات السلفية الكبرى:"شباب المنطقة هنا من البسطاء الذين لا يعرفون أصلا النظام السابق أو الحالي، ولا يعلمون حتى شيئا عن معالم القاهرة أو شوارعها، هم فقط كانوا يبحثون عن رزقهم وأكل عيشهم، فخرجوا بطريقة عشوائية غير مدبرة ينددون بوقف حالهم وتوقف حركة السياحة".
وأضاف الشيخ مناع، وهو شيخ يتعدى الستين من العمر: "الإخوان استغلوا الأحداث وألصقوا الاتهامات بنا، في حين أنهم هم الذين كانوا مسلحين بالمولوتوف والسيوف، وكل القتلى والمصابين هم نتيجة لضرب عناصر الإخوان في ميدان التحرير.. لم نكن ننتظر حكم المحكمة لنتأكد من براءتنا التي كنا على يقين منها".