في ظل الوضع المتوتر والخطير الذي يعيشه الشارع المصري حالياً، تأتي الذكرى الثانية ل "جمعة الغضب" التي توافق 28 يناير وهو اليوم الرابع للثورة المصرية والذي يعتبر أوج اشتعالها في تلك الجمعة. فهناك تصاعد في الأحداث التي بدأت يوم الجمعة الماضي والذي يواكب ذكرى ثورة 25 يناير الثانية، فبدأت الأحداث بعد عصر يوم 25 يناير الماضي بقطع طريق الكورنيش بالقاهرة والاعتصام أمام مبنى ماسبيرو ومحاولة البعض لاقتحامه ، كما شهدت مدينة بورسعيد حالة من الغضب راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات المصابين ، وذلك بعد الحكم في قضية "مذبحة بورسعيد".
أيام لا تنسى
ففي حدود الساعة الواحدة ليلاً من فجر الجمعة 28 يناير 2011 ، بدأت موجة من الاعتقالات الواسعة لعشرات من النشطاء السياسيين في صفوف الناشطين السياسيين من شباب الثورة ومن كافة الأحزاب التي أكدت مشاركتها في هذه التظاهرات وفى بداية هذا اليوم أصدرت وزارة الاتصالات أمرا بوقف خدمة الإنترنت والرسائل القصيرة (sms) والاتصال عبر الهواتف المحمولة في جميع أنحاء الجمهورية المصرية وفي كل الشبكات .
وبدأت بعد أداء صلاة الجمعة تظاهرات شعبية واسعة في عدد من المدن المصرية, فخرج الملايين في أغلب المدن المصرية كالقاهرةوالإسكندريةوالسويس والمنصورة وطنطا والإسماعيلية ودمياط والفيوم والمنيا ودمنهور ومحافظة الشرقيةوبور سعيد ومحافظة شمال سيناء مطالبين بتعديلات في سياسة مصر ورافضين سياسة القمع والرعب التي اتخذتها الشرطة المصرية منهجا لها خلال عده سنوات سابقة.
وأطلق الأمن في القاهرةالقنابلالمسيلة للدموع واعترض رجال الأمن المتظاهرين في محاولة لمنعهم من الوصول إلى ميدان التحرير والميادين الكبرى في مصر، كما أطلقت القوات الأمنية الرصاص المطاطي على المتظاهرين مما أدى لإصابات عديدة، ولاحق رجال أمن بملابس مدنية المتظاهرين وقاموا باعتقال بعضهم.
وفي نهاية اليوم نزلت مدرعات الجيش المصري إلى شوارع المدن لتعويض دور قوات الشرطة التي هربت بعد أن أثبتت أنها لا تقدر على تحمل الضغوطات وحدها. وبدأت حالات من النهب والسلب تقول الحكومة انها من المتظاهرين ولكن المتظاهرين يقولون ان السبب عملاء جندتهم الحكومة للتخريب (و قد كان واضحا ممن قبض عليهم لاحقا حيث انهم كان أغلبهم من الهاربين من السجون وأما مسجلين خطر) وكادت السرقات أن تطال المتحف المصري لولا ان المتظاهرين وقفوا بالمرصاد لمحاولات سرقة المتحف وتجاهلوا حظر التجول حيث شكلوا دائرة كبيرة محيطة بالمتحف كله ودوريات للمراقبة داخل المتحف وحوله واستمر هذا الوضع طوال الليل حتى وصلت قوات الجيش التي طلبها المتظاهرون لحماية المتحف المصري.
واستوحت كافة مناطق مصر هذه الفكرة في عمل "اللجان الشعبية" والتي تكونت من اهالى المناطق، حيث تكونت في كل منطقة لجنه تضم خيره شباب ورجال المنطقة والذين تسلحوا بكل ما يمكن اعتباره سلاح (من أسلحة نارية إلى بيضاء إلى الشوم والعصي وحتى سكاكين المطبخ أو الزجاجات الفارغة) وانتشروا في شوارع مناطقهم على شكل دوريات لتأمين المنطقة وتعويض دور الشرطة المفقود وعجز الجيش عن تأمين كافة أنحاء البلاد، من خلال فحص تراخيص والبطاقات الشخصية لكافة الأشخاص المارين في الشوارع سواء راجلين أو في سيارات، وتفتيش السيارات التي تمر في الشوارع للتأكد من خلوها من السلاح، ووضع متاريس تساعدهم على السيطرة على حركه المرور وللحماية من هجمات الخارجين عن القانون وعمل كمائن في الشوارع الرئيسية والهامة .
وأفلتت الأمور من يد الحكومة المصرية خاصة محافظتي السويسوالإسكندرية خروج المظاهرات من جميع محافظات الجمهورية بأعداد تقدر بمئات الآلاف تدمير كثير من مقرات الحزب الوطني وأقسام الشرطة في جميع أنحاء مصر. نزول الجيش المصري محاولاً فرض الأمن علي الشارع المصري ومن ثم فرض حظر التجول.
ولاقى عدد غير معلوم من المتظاهرين مصرعهم بأعداد بلغت في بعض التقديرات الي ألف قتيل بالإضافة الي اعتقال الالاف. انهيار البورصة المصرية مع خسائر بلغت 72 مليار جنيه ، ودهس جموع الحاشدين بسيارات تابعة للأمن المركزي مما خلف ورائهم الكثير من القتلى والمصابين بإصابات بالغة الخطورة.
"اثنين الغضب"
وإحياء لهذه الذكرى ، وتحت شعار "اثنين الغضب" ، أعلنت عدد من القوي والحركات السياسية بمختلف المحافظات عن مشاركتها في تنظيم وقفات احتجاجية اليوم الاثنين في الذكرى الثانية ل"جمعة الغضب" ضمن أيام ثورة يناير المجيدة بالإضافة لمظاهرات تخرج يوم الجمعة القادمة.
ففي أسيوط قال هلال عبد الحميد أمين الجنوب بالمصري الاجتماعي إن القوى السياسية سوف تنظم اليوم وقفة احتجاجية ومظاهرات يوم الجمعة للمطالبة بالخمسة مطالب التي أعلنتها جبهة الإنقاذ الوطني للخروج من الأزمة والتي تمثلت في تشكيل لجنة قانونية محايدة لتعديل الدستور فوراً، وإزالة آثار الإعلان الدستوري الاستبدادي، وإقالة النائب العام الحالي؛ فضلاً عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني وتقنين وضع جماعة الإخوان المسلمين.
كما قرر التيار الشعبي المصري بقنا في اجتماع أمانته تنظيم وقفة ومسيرة اليوم تبدأ من ميدان المحطة وتجوب شوارع وميادين قنا، وذلك إحياءً لذكرى 28 يناير2011 وتضامنًا مع الضحايا المصريين الذين يتساقطون يوميًا تحت شعار ثورتنا مستمرة، حسبما صرح "علي عبد المالك" أمين التيار الشعبي بقنا.
وأشار إلى أن الوقفة ستكون في تمام السادسة مساء يتبعها مسيرة يشارك فيها عدد من أعضاء القوى الثورية وشباب الأحزاب وتيارات مدنية.
صلاة الغائب
كما دعا عدد من الأحزاب والقوي الثورية الجماهير للاحتشاد اليوم لإحياء ذكري جمعة الغضب 28 يناير، لأداء صلاه الغائب علي كوبري قصر النيل الساعة 1 ظهرا علي أرواح الشهداء منذ 25 يناير 2011، وحتي في اليومين الماضيين في السويس وبورسعيد والإسماعيلية، ثم الاحتشاد في مسيرة سلمية الساعة 4 عصرا من أمام مسجد السيدة زينب إلي مجلس الشورى.
ودعت الأحزاب والحركات، قوات الأمن لاستيعاب الدرس وعدم الاعتداء أو الصدام مع المتظاهرين الذين يحق لهم التظاهر في أي مكان،في ظل التزامهم بسلمية المسيرة.
وتم الإعلان عن ذلك في مؤتمر صحفي عقدته أحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي , الدستور, المصري الديمقراطي , المصريين الأحرار, الكرامة, حركه 6 ابريل (الجبهة الديمقراطية) , اتحاد شباب ماسبيرو , التيار الشعبي , حركه المصري الحر, ائتلاف ثورة اللوتس , الجبهة القومية للعدالة والديمقراطية , فضلا عن حركة (شباب من اجل العدالة والحرية) التي عقد بها المؤتمر.
كما دعت الإعلامية جميلة إسماعيل، القيادية بحزب الدستور، إلى إحياء الذكرى الثانية لجمعة الغضب، وصلاة الغائب علي كوبرى قصر النيل الساعة الواحدة ظهراً.
وأضافت من خلال تغريدة لها، علي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" نصلي معاً صلاة الغائب علي كوبري قصر النيل، ثم مسيرة بالنعوش 4 ظهراً من ميدان التحرير إلى مجلس الشورى.
عصيان مدني
وفي الإسكندرية انتهى اجتماع للقوى الثورية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الاثنين ، وتم الاتفاق خلاله على الفعاليات التي سيقوم بها الثوار اليوم في ذكرى جمعة الغضب 28 يناير التي سقط خلالها المئات من شهداء ثورة يناير بينهم83 شهيدا من الإسكندرية.
وأكد المجتمعون من مختلف القوى الثورية أن مسيرات اليوم ستنطلق من شرق مدينة الإسكندرية من أمام كنيسة القديسين ومن أمام مسجد القائد إبراهيم بعد الثانية ظهرا، مشيرين إلى أنه سيتم وقف المرور بشكل جزئي وكلي في معظم الشوارع الرئيسية بالمحافظة.
وناشدو المواطنين بعدم التذمر من ذلك، حيث أن ذلك سيكون بمثابة تذكير لمن تولوا السلطة بالأرواح التي أزهقت من أجل أن نعيش جميعا في وطن حر، مشيرين إلى إنه إذا كان ذلك قد يتسبب في توقف مصالح البعض لساعات فإن هناك شهداء وأسر بأكملها قد توقفت حياتهم تماما من أجل الآخرين.
وأشار المجتمعون من القوى الثورية إلى أنه سيتم وقف جزئي لطريق شارعي الكورنيش وطريق الحرية أثناء توجه المسيرات لسيدي جابر من الرابعة حتى السادسة مساء بينما سيتم وقف الطريق كليا من السادسة إلى العاشرة مساءا بشوارع الكورنيش وطريق الحرية والترام وبورسعيد بمنطقة سيدي جابر.
وأكدت القوى الثورية أنهم لن يتوجهوا غلى المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية بمنطقة كوم الدكة تجنبا للاحتكاك مع قوات الأمن هناك، مشيرين إلى أنهم سيدرسون الخطوات التالية في إطار إعلان عصيان مدني عام وشامل.
وبعد القرارات التي أصدرها مصر أمس من حظر تجوال واعلان الطوارئ ، يبدو أن مصر تستحضر أجواء ثورة يناير التي نزل فيها الجيش إلى الشوارع وانسحبت الشرطة وتم فرض حظر التجوال .