لم ينجح المجتمع الدولي في القضاء على الثورة من خلال اعطاء المهل المتتالية لبشار وقطعانه، لذا انتقل الى خيار الزمن من خلال فرض المراوحة المكانية عبر منع التمويل المالي والعسكري. وضع يؤدي الى ترسيخ تقسم مربعات امنية بين طرفي الصراع، عبر ضمان تغذية شريان القطعان بالاسلحة المختلفة، ومنع التغذية الفعلية للجيش الحر والثورة العظيمة.
ومن آخر تقليعات اطالة المراوحة هو النحو الى تطبيع وضع اللاجئين، كما ورد على لسان بوتين من خلال استعداد روسيا لتوفير الدعم اللازم لتهيئة الظروف المناسبة للنزوح في لبنان.
قد تكون الامور متجهة نحو تطبيع وضعية اللاجئين في الخارج مع وصول اعدادهم الى حوالي 650 الف لاجئ. ففرنسا ومن خلال غزوها لمالي وعدم اعتراض روسيا وبدون قرار من مجلس الامن، قد تكون قد باعت مسيحيي الشرق للمرة الثانية ولكن هذه المرة ليس لبشار ولكن لروسيا. وقد يكون تصريح بوتين في نفس السياق.
وضع يهدف الى الصوملة على المدى البعيد. حالة تهدف الى ايجاد حالة اللادولة في سوريا، لانه بالنسبة لاسرائيل فإما الاقلية او لادولة، لكن لادولة منهكة مقسمة، بحروب مستمرة.
ما هي اهم السلبيات التي تؤدي الى اطالة المراوحة، وعدم الخروج منها؟
-- السعي وراء سراب الوعود الدولية، التي تعرض جزرة تلو الاخرى، وتجر الثورة نحو خلافات، وحلول فارغة من محتواها، ومؤتمرات تفضي الى امهال قطعان الاجرام، واستعمالهم كل انواع الاسلحة وألفة خبر القتل في الفضائيات المختلفة.
-- التماهي مع المجتمع الدولي في تقسيم الثورة الى متطرف وغير متطرف بينما الهدف هو القضاء على فصيل قد يحدث حراكه فجوة في جدار المراوحة.
-- اهمال تمويل الكثير من الكتائب المقاتلة، مما يؤدي الى حصر الكتائب في عدد معين منها. وضع كهذا قد يكون خطيرا لجهة حصر القتال تحت اسماء معينة فقط، مما قد يصبغ الصراع مع مرور الوقت الى صراع بين النظام ومجموعات برؤية سياسية مختلفة، وقد يسوق ذلك الى حالة شبيهة بالحالة الجزائرية حينما تحولت المواجهة من شعبية الى قتال بين حكومة والجبهة الاسلامية، وبالتالي انفضاض الحاضنة الاجتماعية.
قد يكون العامل الاكثر تأثيرا في منع تحويلها الى الحالة الجزائرية هو استنهاض النظام وترسيخه للحالة الطائفية، عمل اكسب الثورة صلابة رغم عظم الدهاء، وكثرة الاعداء وسهامهم المسمومة.
الوحدة قوة، ولكن في ظل عدم وجود قيادة موحدة، وعدم توفر الامكانيات لعمل ذلك، فمد الكتائب بشريان الحياة يبقي الحالة الشعبية للصراع حية ترزق، ويتقذها من الانزواء الى صراع محصور برؤى سياسية مختلفة.
-- عدم ادراك البعض ان الثورة لم تنتصر بعد، وان كل مال ينفق على مؤتمر فالاولى به كتائب الداخل التي تحوي شبانا ورجالا تركوا اسرهم وعملهم. كتائب لم تتلق فلسا منذ اشهر عدة. حالة قد تؤدي الى الجريمة او التشرذم.
ماالحل للخروج من الحالة؟
هناك سبل كثيرة، بعض منها ما يأتي:
-- ادراك الكل ان يد الله مع الجماعة. وان لايظن فصيل بفضلع على الاخر، فالثورة فجرها وخاض بدرها كتائب الجيش بمختلف الوانه. ولكل فضله. فلا يظنن فصيل ان له فضل على غيره، فالفضل لله وحده، ولكل المدنيين العزل، الذين –بعد الله- لولا شجاعتهم، وبطولاتهم لما تهتكت اسوار الخوف والرعب، مما فتح الطريق لكل الاخر.
-- التنسيق مع الحالة العراقية، ومد اصر التواصل معها، فالقوى الدولية ترنو الى تسليم المنطقة للاقليات كي تضمن سيطرة مستقبلية. وقد يكون اكبر ضربة للمحور الروسي الايراني هو انفتاح الحدود العراقية الذي قد تؤدي نتائجه الى تهاوي نظامي حكم الملالي الايراني في دمشق وبغداد.
-- الضغط الاعلامي على الحركات الاسلامية في البلدان العربية، لتقصيرها في تبيان سبل ايصال المال الحلال الى الشعب السوري. فكثير من الشعوب العربية تريد التبرع المالي للشعب السوري، ولكن قاصرة عن معرفة السبل الى ذلك. حيث يمكن لتلك الحركات عبر تواصلها مع شعوبها تحصيل الكثير من المال لايصاله الى الثورة.
ان ذلك فرض على تلك الحركات فما يجري هو كبح، وقتل، لبيضة الاسلام في ارض الشام، والعراق.
-- الايضاح والتفعيل للمغتربين، وبيان اهمية المال القليل، وعدم الحرج من قلة المتبرع به، فقليل كثير، خير من كثير قليل. مع وجوب التركيز الاعلامي على ذلك.
واخيرا، ان اعظم الخطر هو اطالة المرواحة وتطبيعها، فطول امد النار قد يفقدها جذوتها، ولابد للنار من تنظيم جهد ووقود وتنظيم كي تبقي سعيرها ملتهبا، وكل صغير او كبير، يجب ان لا يستهان به فكله يساهم في ازدياد توهجها.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه