في بداية الثورة وفي اول خطاب للمجرم زعيم القطعان بشار، توقع ان هذه الثورة ستستمر من ستة اشهر الى عامين، ثم يمكن اخمادها. اذا، هناك رهان على الزمن. قد يكون رهانه نابع من ثقته بمباركة المجتمع الدولي، وانه لا حكم لسوريا بدون حكم اقلية، او قد تكون العبارة ناتجة من استشارات الخبراء الروس، او قد تكون لرهانه على عدم وجود قيادات وعلى الاختراق واطالة المراوحة كي يتعب الشعب ثم يلوذ بأي خيار. ما يهم المرء ان عبارته تتضمن رهانات على الزمن.
فمتى ينجح النظام المجرم في رهانه على الزمن؟
هناك حقائق لا يمكن تجاهلها ومنها ان الثورة قد حققت انجازات عظيمة، وقد انتصرت على تآمر دولي عالمي محكم، فمرة هناك حجة الفيتو الروسي، واخرى حجة الخوف من التطرف والارهاب، الا ان الثورة قوية، ومستمرة، ولكن هناك اخطاء لا بد من تسليط الضوء عليها كي تحاول الثورة تجاوزها، لمتابعة درب الانتصار بإذن الله. ومن هذه الامور:
-- وضوح الرد السياسي في وجه اية هيئة كانت، عند الخروج عن ثوابت الثورة، فلا قدسية الا لمتطلبات الثورة: للاسف بعض التجمعات السياسية لم تدرك بعد، او انها لا تستطيع الادراك ان هذه الثورة العزلاء هي من اجبرت العالم على الجلوس معها على طاولة واحدة، فما زالت تحسب ان القوى الدولية هي الاله الذي اذا اراد فإن امره بين الكاف والنون. كل هذه القوى لا تستطيع وأد الثورة، او تحطيمها، ولكن الركون اليها والعمل من تحت الطاولة، والتخلي عن بعض ثوابت الثورة بحجة مراعاة الغرب والدبلوماسية لن يؤدي سوى لطعن الثورة، وقد يصل الطعن لدرجة الخيانة، فثوابت الثورة هي ازالة بشار ونظامه، وحل الاجهزة الامنية، واعادة تركيب اجيش على اسس وطنية.
-- التماهي مع الغرب حول الارهابيين: اكثر من لقاء على الفضائيات ومع اشخاص من تجمعات سياسية شتى وآخرها للسيد نشار عندما تم سؤاله من قبل مذيع العربية حول ان هناك عمليات ارهابية طائفية من الجيش الحر ضد بعض سكان مزة 86 وغيرها. فأجاب السيد نشار، ان هناك جماعات ارهابية ولكنها صغيرة، وهناك متطرفين ولكنها حالات فردية.
هذه اجابة قد تكون ناتجة عن قناعة شخصية لديه او لدى غيره، ولكن عندما يتكلم شخص باسم هيئة سياسية ممثلة للثورة فالاحرى به ان يتكلم باسم الثورة ولسانها. فهل الجماعات المقاتلة هم ملائكة؟، وهل قتل ما يعادل 150 شخص يومي وجرح المئات الذين يتحول كثير منهم الى معاقين، لا يحدث ردود فعل؟. اليس من يقتل ويحرض قطعان النظام على القتل يعتبر مجرما ويمكن القصاص منه؟، اليست الطائفة النصيرية شريكة كاملة في جرائم النظام، وباعتراف الابراهيمي؟
الخلاصة المقاتلون ليسوا ملائكة، والمحاسبة على الاخطاء تكون داخلية بينهم ضمن اطر الثورة، وهذا لا يبيح قتل غير مشترك في الجريمة بسبب العرق او الطائفة، ولكن ايضا يجب تسليط الضوء ان اكثر من 60 الف شهيد قتلوا كي تبقى وتسيطر طائفة واحدة. وما يحدث من رد فعل ليس ارهابا وانما رد فعل انساني طبيعي، ومن لا يستطيع استيعاب رد الفعل الاحرى به ان يوقف قطعان الجريمة عن العمل اولا.
-- الفرقة والنحي نحو التكتل الكتائبي: المشكلة ذات شقين الشق الاول هو ان كل كتيبة او تجمع يعطي المال والسلاح لمن ينضوي تحت لوائه فقط، وقد يكونون محقين للاقتصاد والترشيد بالذخيرة والمال في ظل حصار عالمي ظالم. لكن ذلك لا يعني ايضا عدم التصدق ببعض المال لاخوان في كتائب اخرى، يعينهم على استمرار العمل، وان لم يقبلوا الوحدة والعمل تحت رايتهم. فترك مجموعات كثيرة بلا مال او ذخيرة قد يحرفها عن بوصلتها، وتحاول جني المال بالقوة، مما يؤدي مع الزمن لنشوء عصابات او قد يؤدي الى تلاشي كثير من الكتائب، والتي في تعددها تشتيت ايضا لقوى النظام، وان كان في الوحدة قوة وفعالية اعظم. فالضغط المالي جيد اذا كان هدفه توحيد الجهود، ولكن ذلك له حدود، حدود اطارها مراعاة متطلبات الانسان الاساسية، انسانا ثائرا ما حمل السلاح الا نخوة واباء ونصرة، فانسان بهذه الصفات هل يجوز محاولة اذلاله او تركيعه؟ او ليس ذلك جريمة؟.
-- المال والتبرع: عديد الناس جائعة، وهناك مناطق ترسل اليها مساعدات ولكنها لا تصل نتيجة الحصار، والمواد المرسلة قليلة. وهناك كتائب كثيرة لم يصل اي مال منذ شهور عدة، وهناك مقاتلين لا يملكون فلسا في جيوبهم.
المشكلة ان هناك كثير من السوريين او غيرهم يريدون التبرع، ولكنهم يقولون انتبرع بعشرين دولار فقط؟،
رب درهم سبق الف دينار، فلو تبرع مئة الف انسان بعشرين دولار فقط فالكلام مليوني دولار.
لن يخسر اي منا شيئا لو تبرع بمصروف اولاده المدرسية لمدة خمسة ايام، الاهم في دعم الثورة ليس حضور المؤتمرات، وسماع الاخبار، ونشر الاخبار والاراء عبر الفيسبوك ومجموعاته فقط، بل الدعم الاهم شريان المال للثوار لانه به يتم سد القوت، وشراء الذخيرة.
واما حجة اين تصل الاموال فتلك حجة بالية، لان لكل منطقة من يوصل التبرعات، ويمكن التأكد عبر المجالس من مبالغ الدعم المستلمة.
خلاصة القول، يجب ان لا يمنعن صغر المبلغ احد عن التبرع به، فلو فكر كل منا بذلك لانحسرت ملايين الدولارات الشهرية عن الداخل وسينحصر الدعم بأصحاب الاموال الكبيرة وهؤلاء لا يوصلونها الا لهيئات وتلك هيئات توصلها حسب مصلحتها، او ما تراه هي مناسبا، بينما كل من ينطق بحاجة لكل قترة مساعدة.
ذلك غيض من فيض، ولكننا لم ننتصر بعد، والشطارة السياسية بعيدا عن التضحيات، والالام قد تكون خيانة كبيرة، والكلام عن ارهابيين خيانة وشق للصف، وفلسفة لمن يعد العصي ولا يتوجع بآلامها، والتبرع بالمال قدم في القرآن في جميع الايات على الجهاد بالنفس، لان المال عصب الجهاد.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه