حظيت القمة المنتهية السبت بأديس أبابا بين رئيسي السودان عمر البشير وجنوب السودان سلفاكير ميارديت باهتمام المراقبين على المستويين المحلي والدولي. نتائج تلك القمة التي دعا لها رئيس الوزراء الاثيوبي هيلا ميريام ديسالين ، ينظر إليها المراقبون على أمل أن تمهد الطريق أمام تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وعلى رأسها اتفاق التعاون المشترك الموقع في العاصمة الإثيوبية في السابع والعشرين من سبتمبر العام الماضي.
نجاح القمة
فقد أكد على نجاح القمة رئيس فريق الوساطة الأفريقية ثابو مبيكي في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس بأديس أبابا في ختام القمة عندما عبر عن ارتياح فريقه لنتائجها ، وإشارته إلى أن القمة غطت كل موضوعاتها وهي مسألة (آبيي والحدود وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وعلى رأسها اتفاقية التعاون المشترك والاتفاقيات المتفرعة منها بما فيها الترتيبات الأمنية).
ووفقا لما رشح من أنباء حول القمة..فقد خلصت القمة إلى تكليف الوساطة بإعداد مصفوفة تتضمن مواقيت زمنية محددة بانزال تلك الاتفاقيات على أرض الواقع ، حيث أكد الرئيسان رضاءهما التام على نتائج القمة بينما أكد مبيكي حرص الرئيسين على تطبيق الاتفاقيات بكل جدية ، وأنه مطمئن تماما بجديتهما بتنفيذ ما اتفق عليه. ويشير مراقبون إلى أن القمة التي أحيطت أعمالها بسرية تامة وتكتم شديد ، أحدثت اختراقا في ملف آبيي الأمر الذي من شأنه تجنيب الدولتين الضغوط الخارجية المتمثلة في التوجهات الرامية لنقل الملف إلى أعمال قمة الاتحاد الأفريقي المقبلة مما يسهل نقله لأروقة مجلس الأمن الدولي وفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الخارجية.
وحسب التصريحات المعلنة ..فقد نجحت قمة أديس أبابا في اتفاق الطرفين على تطبيق اتفاقية الترتيبات الإدارية المؤقتة لآبيي ، وتكوين الإدارية ومجلس تشريعي المنطقة والشرطة حيث ظلت هذه المسائل محل خلاف بين الدولتين بسبب تباين المواقف والمغالطات.
ووافق الطرفان على عقد اجتماع لرئيسي الدولتين لتحديد الوضع النهائي لآبيي وذلك بعد الفراغ من الإجراءات المتعلقة بإنشاء الإدارية وآليات تطبيقها كما سيتم تحديد الأشياء المتعلقة بقيام استفتاء المنطقة.
بروتوكول أبيي
وفي هذه النقطة ..أكدت حكومة السودان من قبل ومازالت أن موقفها الثابت هو الالتزام ببروتوكول أبيي وقانون استفتاء المنطقة المستمد من البروتوكول ذاته ، وذلك بحيث يتمكن كل مواطني المنطقة - على حد سواء حسب تعريفهم بواسطة مفوضية يتم تكوينها بموجب البروتوكول والقانون من الطرفين - من الإدلاء بأصواتهم في استفتاء يحدد (بقاء) المنطقة في جمهورية السودان أو (انتقالها) لجمهورية جنوب السودان.
وبما أن المقترح المقدم في جولات سابقة قد سلب المفوضية حق تحديد معايير المواطنة وقام بتحديدها مسبقا حيث اقترح رئيس للمفوضية من خارج الطرفين ، إلا أن حكومة السودان رفضت المقترح بينما أكدت على التزامها بالبروتوكول والقانون بشأن تشكيل المفوضية وتحديد معايير المواطنة وإجراء الاستفتاء.
وقد خرجت الوساطة الأفريقية ببيان أمس أعلنت فيه الاتفاق على إنشاء إدارية آبيي والمجلس التشريعي وتكوين قوة الشرطة الخاصة بالمنطقة المتنازع عليها على أن يتم التفاوض في المستقبل حول الاستفتاء ، وإنشاء لجنة الاستفتاء التي يخول لها تحديد من سيشارك في التصويت.
ترسيم الحدود
وفيما يخص موضوع الحدود..فقد التزم الطرفان - وحسب الاتفاق السابق توقيعه بينهما في سبتمبر الماضي - على ترسيم الحدود القائمة في أول يناير 1956 كما كانت عليه عند توقيع اتفاقية السلام الشامل في عام 2005 بناء على التقرير المشترك المرفوع من قبل الطرفين في اللجنة الفنية المؤقتة إلى رئاسة الجمهورية في الفترة الانتقالية على أن يتواصل التفاوض حول المناطق الخمس المختلف عليها (دبة الفخار ، المقينص ، كاكا ، 14 ميل جنوب بحر العرب ، كافيه كنجي).
وتوافق الطرفان على الاستعانة بخبراء أفارقة لتقديم رأي غير ملزم للطرفين وحال عدم الاتفاق على ذلك ، يختار الطرفان أحد الخيارات المتعارف عليها دوليا لفض نزاعات الحدود بين الدول سلميا وبالتالي تستمر عملية فض النزاع حول المناطق المختلف عليها.
ومعلوم أن تظل السيادة كما هي عليه إلى أن يتم حسم النزاع حول كل منطقة من المناطق الخمس (أربع منها تحت سيادة السودان والخامسة تحت سيادة جنوب السودان - كاكا).
وفيما يتعلق بتقديم حكومة الجنوب ادعاءات جديدة خلافا للمناطق الخمس المختلف عليها ، فقد رفضت حكومة السودان أي إدعاءات جديدة حيث إنها بالضرورة ستقع ضمن المناطق المتفق عليها وهو أمر غير وارد منطقا وقانونا على الإطلاق كما تقول الخرطوم.
وحول تطبيق اتفاقية التعاون وخاصة الجانب الأمني منها - الذي يعتبر محل الخلاف - فقد تقرر أن تضع الوساطة خطة وجدولا زمنيا لتنفيذه على أن تكون جاهزة للتنفيذ في 13 يناير من هذا الشهر ، وهو موعد استئناف المحادثات على مستوى اللجنة الأمنية المشتركة المكلفة بتنفيذ هذا الاتفاق.
وفي هذا الصدد ..أكد سلفا كير تنفيذ توجيهاته التى أصدرها قبل الاستقلال والخاصة بفك الارتباط مع الحركة الشعبية (شمال) ووعد بالرد على خطاب سبق للوساطة إرساله في هذا الأمر.
التنفيذ العاجل
ومن المكاسب التي حققتها قمة البشير - سلفاكير هو الاتفاق على قيام الآلية الإفريقية رفيعة المستوى فورا بوضع مسودة مصفوفة تتضمن مواقيت زمنية تلزم الطرفين بالتنفيذ العاجل وغير المشروط للاتفاقيات الموقعة ين البلدين والتي سيتم تنفيذها فورا بعد توقيع الرئيسين عليها ، كما حددت القمة اجتماع الآلية السياسية في 13 يناير الجاري بأديس أبابا.
أما فيما يتعلق بالمنطقة منزوعة السلاح ..فقد وافق الجانبان على إقامة المنطقة دون أي تأخير بما يتوافق مع الترتيبات الأمنية ، وأكد الرئيسان أن أية شكاوى أو شواغل تتعلق بموضوع فك الارتباط يتبقي معالجته عبر الآلية السياسية المشتركة وفقا للعمليات المحددة في الترتيبات الأمنية المتفق عليها.
وناقشت القمة تطبيق اتفاقية الترتيبات الأمنية في اتفاق التعاون المشترك الموقع في 27 سبتمبر الماضي والذي التزم الجانبان بموجبه بوقف العدائيات العسكرية والسياسية والإعلامية ، وتطبيق كافة الترتيبات والاتفاقيات الأمنية التى تم التوصل إليها سابقا ، والانسحاب الفورى لقوات البلدين إلى جانبهما من الحدود الدولية.
المنطقة منزوعة السلاح
كما اتفقا على إقامة المنطقة الآمنة منزوعة السلاح مع تفعيل لجان المراقبة والتحقق المشتركة حسب الخريطة المؤقتة المتفق عليها عدا في منطقة 14 ميل جنوب بحر العرب ، حيث تم الاتفاق بين الطرفين على جعل المنطقة بكاملها منزوعة السلاح على أن تسرى فيها الأعراف والتقاليد ومحاكم المجموعات السكانية مع فتح المعابر المتفق عليها.
واتفق الطرفان كذلك وحسب ما أعلن سابقا - على الامتناع عن دعم الحركات المعارضة والمتمردة في كل بلد ضد البلد الآخر ، وجعلا لذلك لجنة مشتركة للمراقبة والتحقق في البلدين.
ورغم تلك الآمال..يبقى التساؤل قائما إن كانت قمة البشير - سلفاكير المنتهية أمس قد نجحت فعلا في إحداث اختراق في القضايا العالقة بين الدولتين ... سؤال تأجلت الإجابة عنه انتظارا لاجتماع آخر تقرر أن يعقد بين الدولتين مجددا في الثالث عشر من الشهر الجاري ، وهو موعد استئناف المحادثات على مستوى اللجنة الأمنية المشتركة المكلفة بتنفيذ هذا الاتفاق.
مواد متعلقة: 1. اجتماع ثلاثي بالقصر الرئاسي الإثيوبي بين سلفاكير ومبيكي وديسالين 2. إرجاء قمة البشير وسلفاكير إلى السبت.. والأسباب مجهولة 3. البشير وسلفاكير يتفقان على إنشاء منطقة منزوعة السلاح