رغم أن الانتخابات الرئاسية في إيران يفصلنا عنها حوالي ستة أشهر، إلا أن التساؤل الأقوى الآن في الشارع الإيراني هو من يخلف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. فبعد ثماني سنوات قضاها رئيسا يقضي نجاد شهوره الأخيرة في الولاية، حيث ستجري الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية عشرة يوم الجمعة الخامس عشر من حزيران / يونيو المقبل، أما فتح باب الترشح ، ونجد أن الإيرانيين يطمحون في التغيير.
الرئيس في الدستور
والرئيس طبقاً للدستور الإيراني ينتخب لفترة مدتها 4 سنوات بوسيلة التصويت المباشر من الشعب ولا يجوز انتخابه مجددا إلا لِمرة واحدة.
وانتخاب رئيس الجمهورية الجديد يجب أن يجرى في موعد لا يتجاوز شهرا واحدا قبل انتهاء مدة الرئيس المنتهية ولايته. في الفترة المؤقتة قبل انتخاب الرئيس الجديد ونهاية مدة الرئيس السابق، يؤدي الرئيس السابق كافة مهام الرئيس القانونية.
وانتخاب رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة للأصوات التي أدلى بها الناخبون. ولكن إذا لم يحصل أي من المرشحين بالحصول على هذه الأغلبية في الدور الأول ، تعاد الانتخابات ثانية في يوم الجمعة من الأسبوع التالي. في الجولة الثانية يشترك المرشحين الذين حصلا على اكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى التي شاركا فيها. ولكن إذا انسحب بعض المرشحين من الذين حصلوا على أكبر الأصوات في الجولة الأولى سيكون الاختيار النهائي بين المرشحين اللذين أحرزا اكبر عدد من الأصوات من بين المرشحين الباقين.
والرئيس في إيران ليس له اليد العليا في البلاد، لأن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، أو الولي الفقيه هو من له الفصل في كل القرارات، فوفقا للدستور الإيراني فإن الرئيس هو أعلى سلطة رسمية في البلاد بعد الولي الفقيه (المرشد الأعلى) وهو سلطة تنفيذية ، فهو صاحب المسئولية عن تنفيذ الدستور ورئاسة السلطة التنفيذية ، إلا في ما يتعلق بالأمور المرتبطة بمسؤوليات قائد الثورة.
صراع على العرش
وتعيش النخب السياسية في إيران، صراعات خفية مع قرب الاستحقاق الرئاسي، فإلي جانب الصراع الأصولي- الإصلاحي، فإن خبراء أشاروا إلى أن صراع آخر يتمحور بين الأصوليين المقربين من المرشد علي خامنئي والأصوليين المعتدلين المقربين من هاشمي رفسنجاني، وتيار الرئيس احمدي نجاد ، فالصراع على الحكم في إيران لا يتمثل في شخصين أم ولكن صراع بين جبهات سياسية.
وأعلنت "شبكة إيران" الحكومية أن مواقع تابعة للحرس الثوري مثل "بولتن نيوز" تقوم منذ 5 أشهر، بكتابة مقالات تهاجم حكومة نجاد، وتتهمها بالانحراف وخيانة ولاية الفقيه. وأشار الموقع إلى تصريحات ممثل خامنئي في الحرس الثوري علي سعيد إضافة إلى العقيد رسولي راد رئيس الدائرة السياسية في الحرس الثوري، حيث أكدوا على وجود تناقض لسيرة الحكومة مع ولاية الفقيه، وأنها تضم عناصر لا تعترف بولاية الفقيه.
في مقابل الضغوط الأصولية علي حكومة نجاد، فإن الأخير ما زال يلوح بقائمة تضم 300 سياسي إيراني متهمين بجرائم اقتصادية دون أن يتحرك القضاء تجاههم. ودعا القضاء الإيراني إلى نشر الأسماء لكن نجاد أكد أنه سيعلنها في الوقت المناسب.
وإذا ما نظرنا إلى جبهة الإصلاحيين، فإن مواقف قياداتها من الترشح ليست واضحة حتى الآن، رغم أن بعض التقارير تشير إلى إمكانية ترشيح محمد خاتمي الرئيس الإصلاحي السابق، وإن كان هو نفسه لم يشر إلى رغبته في الترشح، ومع ذلك يؤكد النائب الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه لموقع "خبر اونلاين الإيراني" أن هناك 3 أقطاب ستخوض الانتخابات وهم الأصوليون التقليديين وهم الأصوليون المنتقدين لنجاد وحكومته والإصلاحيون والحكوميون.
أما الجانب المحافظ الذي يمثله حاليا نجاد، تدور تكهنات حول رغبة الرئيس الحالي في أن يخلفه صهره ومدير مكتبه إسفنديار رحيم مشائى، وإن كان الأخير لا يحظى بتأييد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية بسبب أفكار مشائى الليبرالية التي تحاول تقويض نظام الحكم الديني في إيران، فضلا عن دوره الكبير في القرارات التي أدت إلى اشتعال فتيل الأزمة بين نجاد والمرشد العام الماضى، لذلك فإن نجاد يحاول، وفقا لمقربين منه، تحضير بدائل أخرى لمشائى، خاصة إذا رفض مجلس صيانة الدستور - الذي يقيم المرشحين بشأن أهليتهم للترشح ومن معاييره في التقييم صحة العقيدة الإسلامية والولاء للنظام والالتزام بولاية الفقيه - مشائى. وقالت مصادر قريبة من رئيس البرلمان علي لاريجاني الطامح بقوة لمنصب الرئيس، إن المرشد خامنئي يرفض ترشح إسفندياري للانتخابات المقبلة وربما سيلجأ إلى مجلس صيانة الدستور لمنع تأهيله.
وكتب أحمدي نجاد بالبيان الموجه إلى مشائي متحدياً ضغوط رجال الدين وبينهم مراجع كبار له: "إنني أعتبر معرفتك والعمل معك منحة إلهية وشرفاً عظيماً".
وكان مشائي أثار غضب المنافسين المحافظين لأحمدي نجاد الذين يتهمونه بمحاولة تقويض نظام الحكم الديني في إيران، ودافع أحمدي نجاد عن مشائي في مواجهة هذا الهجوم.
وألقى مشائي كلمة مؤخراً أشاد فيها بأحمدي نجاد وأعرب فيها عن أمله في إجراء انتخابات "مفعمة بالحماس"، ما دفع للتكهن بأنه يفكر في الترشح للرئاسة.
وخارج هذا وذاك هناك العديد من الشخصيات التي يتوقع بعض المحللين ترشيحها في الانتخابات الرئاسية، ومنها محسن رضائي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام والمرشح السابق لانتخابات 2009 وقائد الحرس الثورى السابق، فضلا عن علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيرانى، والشخصية القوية في النظام الإيرانى، والذي ينظر له كمعارض ومنتقد لنجاد، رغم أنهم ينتميان للمجموعة المحافظة، فضلا عن علي أکبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى، وعلي أکبر ناطق نوري وهو رئيس أسبق لمجلس البرلمان، وحسن روحاني وهو كان كبير المفاوضين الإيرانيين فى المحادثات الأوروبية الإيرانية حول الملف النووى الإيرانى أثناء رئاسة خاتمى وأمين عام أسبق لمجلس الأمن القومي، ومحمد رضا عارف وكان مستشارا للرئيس خاتمى، ومحمد رضا باهنر نائب إيرانى محافظ وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، وعلى أكبر صالحى وزير الخارجية الإيرانى، ونيكزاد وزير النقل وبناء المدن.
"لن نتدخل"
من جانبه شدد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمود أحمدي نجاد على أن حكومته لن تتدخل في انتخابات الرئاسة المقررة في حزيران / يونيو 2013. وأضاف "أن حكومته لا تسعى إلى فرض رأيها على الساحة الانتخابية، بل تعمل ليعبّر الشعب عن رأيه ولتأمين الأجواء المناسبة للمشاركة الواسعة في الانتخابات". وأعرب عن أمله بمشاركة 47 مليون ناخب في الاقتراع، مشدداً على أهمية أن يكون شفافاً.
وأكد أن المشاركة الحماسية في الانتخابات تسلب الأعداء قدرة التأثير على الشعب الإيراني ، كما أكد نجاد على ضرورة إيجاد أجواء مفعمة بالنشاط والحوافز والشفافية في الانتخابات القادمة، معتبراً أن هدف الحكومة الرئيس هو إجراء انتخابات رائعة ومشاركة شعبية قصوى فيها.
وقال أحمدي نجاد أن حكومته ملتزمة حتى الفرصة الأخيرة بميثاقها مع الشعب. وأضاف "لا احد يمكنه ان يتخذ القرار نيابة عن الشعب الإيراني، وبالتأكيد ان اي شخص ينتخبه الشعب الإيراني، سيكون الانتخاب الأفضل، وان على الجميع ان يحترموه ويقدموا له العون".
ولفت الرئيس الإيراني الى ان الهدف الرئيسي للحكومة هو إقامة انتخابات حماسية بمشاركة واسعة، لأن الحكومة اذا انتخبت بدعامة الاغلبية الساحقة للشعب، فإنها يمكنها ان تدير البلاد بشكل أفضل، وإذا كانت الدعامة الشعبية ضعيفة للحكومة، فمن المؤكد أنها ستواجه مشكلات في مسار تنفيذ الأمور.
وأضاف نجاد انه في الظروف التي يضيق الأعداء حلقات الضغط ويعقدون الظروف، فإن على الشعب أن يبرز قوته لأنه من خلال استعراض قوة الشعب فإن الأعداء ينزوون. ولفت إلى أنه "عندما تقام انتخابات حماسية بمشاركة الأغلبية الساحقة للشعب في البلاد، فلا الأعداء ولا أي قوة سيكون بإمكانها التأثير على إرادة وحركة الشعب، وحينذاك ستتغير حتى المعادلات السياسية على الصعيد الدولي"
وحول شكل الانتخابات المقبلة أكد وزير داخلية الايراني مصطفى محمد نجار ضرورة التخطيط لإجراء الانتخابات الرئاسية الايرانية القادمة الكترونياً بشكل تام.
ودعا نجار خلال اجتماعه بمساعدي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات ومدراء شركات الاتصالات في ايران الى دراسة وتحليل وتوثيق التجارب الماضية بشأن الانتخابات بشكل دقيق، من أجل معرفة أسباب نقاط الضعف القليلة الموجودة، والاهتمام برفعها من خلال التخطيط الميداني، من اجل الاستفادة المثلى من افضل أساليب التصويت الالكتروني في الانتخابات.
وأضاف، أن الحكومة والمسئولين يبذلون قصارى جهودهم من اجل تسجيل أكبر مشاركة شعبية في الانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة.
كما أعرب وزير الداخلية الإيراني عن تقديره لمدراء قطاع تقنية المعلومات ومدراء شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية على جهودهم وتعاونهم في مجال إجراء التصويت الالكتروني في الانتخابات.
حرب بعد الانتخابات
في سياق آخر أفاد موقع معاريف أول أمس الثلاثاء، بأن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن الملف الإيراني سيؤجل لستة أشهر على الأقل، بعد أن كانت الحكومة الإسرائيلية الحالية أولت اهتماما كبيرا لمسألة توجيه ضربة عسكرية لإيران.
وقال موقع معاريف نقلا عن مصادر إسرائيلية مختلفة إن هذه التقديرات انعكست بشكل واضح من تصريح لنائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون حول الشأن الإيراني وتحديدا ضرب منشآت الذرة الإيرانية إذ قال أيالون في تطرقه إلى الموعد المناسب لتوجيه هذه الضربة: " لا أنصح إسرائيل أو الولاياتالمتحدةالأمريكية بالتحرك قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية في حزيران القادم". وقال أيالون:"إن السنة القادمة ستكون سنة الحسم، وأعتقد أننا سنعرف خلالها الطريق اللازم لحل مشكلة الذرة الإيرانية، وهل سيكون ذلك بالطرق السلمية أم لا".
وأوضح أيالون إنه يستحسن الانتظار مع الخيار العسكري لأن الانتخابات الإيرانية القادمة وتراجع الاقتصاد في إيران قد يؤديان إلى انهيار إيران، وهي أمور يجب أخذها بالحسبان قبل أي عملية عسكرية أمريكية". وبحسب أيالون فإذا أحرزت إيران تقدما باتجاه تصنيع القنبلة الذرية فإن إسرائيل والولاياتالمتحدة لن تتنظرا أكثر، ولكن إذا لم يحدث تطور كهذا فمن المفضل الانتظار وعدم شن الهجوم مؤقنا لمنع توحيد الشعب الإيراني حول القيادة الإيرانية الحالية.
في المقابل قال الموقع إن أجهزة الاستخبارات الغربية تتطلع وتترقب انتخابات الرئاسة الإيرانية ، وهي تعتقد بأن هذه الانتخابات ستطلق سلسلة مظاهرات وأعمال شغب أكبر من تلك التي اندلعت بعد الانتخابات السابقة قبل أربع سنوات. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى توقع تصويت جارف ضد النظام، وقد تؤدي محالو من النظام لتزييف النتائج إلى إطلاق حركة احتجاج غير مسبوقة.
ونقل موقع معاريف عن مصدر إسرائيلي قوله إن " الوضع الاقتصادي الصعب في إيران بسبب العقوبات المفروضة على إيران قاد إلى تراجع مكانة القادة الإيرانيين، إذ يتهم الجمهور الإيراني قيادته بأنهم السبب في تدهور الحالة الاقتصادية لكثيرين من السكان إلى حد الفقر. وأعرب المصدر الإسرائيلي عن تقديره أنه خلافا للانتخابات الماضية حيت تعاملت الولاياتالمتحدة مع الاحتجاجات باعتبارها شأن داخلي فإنها هذه المرة ستؤيد المتظاهرين وتناصرهم. مواد متعلقة: 1. هل تهدد أزمة العملة الإيرانية عرش نجاد ؟ (فيديو) 2. نجاد: سنجبر اعداء إيران على التراجع إلى بلادهم 3. نجاد : مؤامرات الأعداء ضدنا أثبتت عدم جدواها