كان عام 2012 مشحونا بالأحداث على كافة الأصعدة في تركيا، لكن الأزمة السورية ببعديها السياسي والعسكري كانت الشغل الشاغل للأتراك لا سيما السياسيون منهم. وواصلت أنقرة تصعيدها ضد النظام السوري، حتى وصلت العلاقات التي كانت توصف ذات يوم بالمتينة بينها وبين دمشق إلى حد القطيعة، واستمرت في استضافة اجتماعات ومؤتمرات المعارضة السورية ودعمها، واستقبال مزيد من اللاجئين السوريين.
وتوجت تركيا موقفها المعارض لدمشق بدعوة حلف الناتو إلى نشر صواريخ باتريوت في حدودها مع سوريا تحسبا لأي هجوم صاروخي سوري.
ويتوقع المتابعون للأزمة السورية كنوح آلبايراق رئيس تحرير صحيفة تركيا أن تبقى تأثيرات تلك الأزمة مستمرة سواء على الصعيد السياسي أم الاقتصادي، فتركيا كانت ولا تزال من أكبر المتضررين سياسيا واقتصاديا من انطلاق الثورة السورية.
ويقول ويسل دارماز –المنسق الحكومي للاجئين السوريين في تركيا- في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي": إن دول الجوار السوري تضررت من الأزمة السورية، لكن تركيا تضررت أكثر من غيرها، فقد كان لها علاقات تجارية مهمة وكبيرة مع سوريا ودول الشرق الأوسط، لكن اليوم فإن أبوابها شبه مغلقة أمام التجارة مع تلك المنطقة المهمة، وتلجأ لوسائل وطرق أكثر تكلفة للوصول إليها.
ويتفق آلبايراق وجل المتابعين الأتراك للازمة السورية على أن الملف السوري سيبقى مفتوحا في العام الجديد 2013 أيضا، وقد تنتقل الأزمة إلى دول جديدة في المنطقة كإيران مثلا.
تركيا وجيرانها
وفضلا عن الملف السوري فإن ملفات أخرى ستشغل الأتراك في العام الجديد لعل أهمها علاقات تركيا مع جيرانها كالعراق وإيران وشريكتيها التجاريتين روسيا والصين، لا سيما وأن الدول الأربع تتعارض رؤيتها مع رؤية أنقرة لحل الأزمة السورية، وكذلك المشكلة الكردية التي باتت الداء المزمن لجميع الحكومات التركية المتعاقبة منذ ثلاثة عقود.
وتقول الصحفية التركية التي تنتمي إلى أصل كردي، رائدة أورال: إن أزمات الشرق الأوسط لن تنتهي في العام الجديد 2013، وتنتظر أورال أن تهب فيه رياح ما يسمى بالربيع العربي إلى دول جديدة، وداخليا تتوقع أورال أن تشهد المشكلة الكردية والدستور المدني تطورات مهمة.
وهناك ملفات أخرى كانت مفتوحة في عام 2012، وسيبقى مفتوحا في العام الجديد، كمفاوضات العضوية في الاتحاد الأوربي التي كانت بطيئة في عام 2012 ربما لترؤس قبرص رئاسة الاتحاد الأوربي في النصف الثاني من العام.
وهناك المحاكمات في عدة قضايا كارغين ايكون أو الدولة السرية التي يحاكم فيها عدد كبير من قيادات الجيش السابقين والحاليين، وفي مقدمهم الجنرال ايلكر باشبوغو رئيس أركان الجيش التركي الأسبق وعدد كبير من الأكاديميين والمثقفين والصحفيين.
وهناك محاكمة من يعرفون بانقلابيي أيلول سبتمبر 1980، ولم يبق منهم سوى قائدهم الرئيس السابق كنعان ايفيرين وقائد قواته الجوية الجنرال تحسين شاهين قايا اللذين تجاوزا التسيعن من عمريهما.
وتواصل محاكم في ديار بكر واسطنبول محاكمة بعض الأكراد والصحفيين المتهمين بالانتماء إلى منظمات إرهابية، وقد تصدر أحكام في بعض تلك المحاكمات في السنة الجديدة، لا سيما قضية ارغين ايكون.
اقتصاد مبشر
وسيكون للملف الاقتصادي أهمية خاصة في العام الجديد، فتركيا التي شهد اقتصادها نموا ملحوظا في النصف الأول من عام 2012، وانخفاضا في الربع الأخير منه، تماسك اقتصادها أمام الأزمات التي ضربت الاقتصاد الأوربي.
وعلى الرغم من تطمينات المسئولين الماليين في الحكومة التركية، فإن الاقتصاد التركي قد يشهد بعض الركود في العام الجديد.
ورياضيا تستضيف تركيا حدثا مهما في صيف 2013 وهو كأس العالم لكرة القدم تحت عشرين سنة، وتستعد الأوساط الرياضية منذ عدة أشهر لإخراج تلك البطولة العالمية المهمة في أحسن صورة.