رغم تباين مواقف القوى السياسية المختلفة بمصر حول إجراء الاستفتاء على الدستور في موعده المحددة سابقا يوم 15 ديسمبر الجاري ، إلا أن تلك المواقف المتباينة لم تعوق انطلاق التصويت على الاستفتاء بالنسبة للمغتربين بالخارج . هذا وقد اقتربت ساعة الاستفتاء في الداخل، وسط حالة من السخونة السياسية والجدل حول هذا الدستور ، وان احتفظ كل فريق بموقفه السابق من التأييد والمعارضة دون تغيير جوهري.
وفي الوقت الذي أعلنت جماعة الإخوان وقطاعات واسعة من السلفيين موافقتها على الدستور واعتبرته تعبيرا عن الشعب ، في المقابل هناك قطاعات مختلفة منها قوى سياسية مختلفة أعلنت رفضها للدستور ودعت للتصويت ب "لا" .
وأمام الاستفتاء هناك المواطنون العاديون ممن لا ينتمون للسلطة ولا للمعارضة، ممن يريدون تكوين وجهة نظر قبل اتخاذ موقف بالمقاطعة أو التصويت بالرفض أو القبول.
متفاعلين لا منفعلين
وصباح اليوم انطلقت عملية تصويت المصريين بالخارج على الدستور الجديد ، حيث أتيحت بطاقات الاقتراع للمصريين بالخارج على الموقع الالكتروني للجنة العليا للانتخابات بدء من الساعة الثانية عشر ليلا ، مع مراعاة فروق التوقيت بين مصر ومختلف الدول الأخرى.
ووجه إبراهيم درويش عضو اتحاد المصريين في الخارج، الدعوة إلى المصريين في الخارج بأن يشاركوا في الاستفتاء، وأن يكونوا متفاعلين لا منفعلين، مشيرا إلى أنهم لابد أن يعملوا يد واحدة، و أن يدلوا بأصواتهم في الاستفتاء الذي بدأ اليوم الأربعاء في الخارج.
وأضاف درويش خلال مداخلة هاتفية له في برنامج "صباح الخير يا مصر"، أن الإقبال الناخبين في الصباح يكون ضعيفا في الساعات الأولى من الصباح، و أنه سيتزايد شيئا فشيئا مع تقدم ساعات النهار.
واختتم حديثه، بالتأكيد على أن المصريين لابد أن يكونوا يد وحدة في هذا الموقف و الأزمة التي تمر بها مصر حتى نصل بالبلاد إلى بر الأمان.
على مرحلتين
أما بالنسبة للاستفتاء في الداخل ولمواجهة أزمة مقاطعة بعض القضاة ، قررت اللجنة العليا للانتخابات، إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور على مرحلتين يومي 15 و22 ديسمبر، بسبب قلة أعداد القضاة الذين سيشرفون عليه .
وذكر عضو اللجنة العليا للانتخابات المستشار محمود أبوشوشة، أن القضاة الذين طلبوا الإشراف على استفتاء الدستور تجاوزوا 9 آلاف قاضٍ، لذلك تقرر إجراؤه على مرحلتين، الأولى 15 ديسمبر في محافظات القاهرة والإسكندرية والدقهلية والغربية والشرقية وأسيوط وسوهاج وأسوان وشمال وجنوب سيناء، والثانية 22 ديسمبر في محافظات الجيزة والقليوبية والمنوفية والبحيرة وكفر الشيخ ودمياط والإسماعيلية وبورسعيد والسويس ومطروح والبحر الأحمر والوادي الجديد وبني سويف والفيوم والمنيا والأقصر وقنا.
وتتضمن المرحلة الأولى محافظات: القاهرة والإسكندرية والدقهلية والغربية والشرقية وأسيوط وسوهاج وأسوان وشمال سيناء وجنوب سيناء، بينما تضم المرحلة الثانية محافظات: قنا وبني سويف والمنيا والمنوفية والبحيرة ودمياط والوادي الجديد والبحر الأحمر والفيوم وكفر الشيخ والجيزة وبورسعيد والسويس ومطروح والأقصر والقليوبية والإسماعيلية.
وكان رئيس نادي قضاة مصر المستشار أحمد الزند، عقد مؤتمرا صحفيا مساء أمس، أكد خلاله أن 90% من قضاة مصر رافضون للإشراف على الاستفتاء على الدستور المقرر إجراؤه السبت المقبل، رغم إلغاء الرئيس محمد مرسي للإعلان الدستوري، الذي أثار غضبهم، موضحاً أن آثار الإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر/تشرين الثاني وما يترتب عليه من اعتداء على السلطة القضائية مازال سارياً .
وأضاف الزند أن مشروع الدستور مليء بالعدوان على السلطة القضائية، وأن القضاة يرحبون بأية مبادرات لحل الأزمة الحالية بينهم وبين مؤسسة الرئاسة.
وخلال المؤتمر الصحفي أكد رئيس نادي القضاة أن مجلس إدارة النادي التي تعبر عن ضمير القضاة وعن الموقف الرسمي لقضاة مصر، متهما ما يُعرف ب "قضاة من أجل مصر" للعمل لصالح فصيل سياسي محدد، خلال المرحلة السابقة، في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وكان ائتلاف "قضاة من أجل مصر" أعلن عن مشاركته في الإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد.
تمرير ب 70%
وحول نسبة الموافقة على الاستفتاء علي الدستور قال المستشار محمود الخضيري انه يجب أن يقر الدستور بغالبية حضور 60% من المقيدين في جداول الناخبين على الأقل وغالبية تصويت بنسبة 70% مؤيدين.
ورفض خلال لقاء تليفزيوني على قناة التحرير أن يتم إقرار الدستور بنسبة 51% فقط ، معتبرا أن هذه النسبة تدل على رفض كثير من الشعب المصري للدستور الجديد، وهو لا يجوز في حالات الاستفتاء على الدستور الذي يجب أن يكون هناك توافق عليه ، غير أنه قال انه تمعن كثيرا في قراءته لمشروع مسودة الدستور الجديد دون أن يجد عيوب كثيرة كما يدعي البعض.
كما ذكر المحامى خالد أبو بكر عضو الاتحاد الدولي للمحامين ، في تغريدة له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" :"إن الأمين العام للجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء قال إن الموافقة على الدستور تتطلب 70٪، قائلاً: "ده رأى شخصي زى مبادرة مكي رأى شخصي".
من جانبه أكد الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون بجامعة الزقازيق :"إن هناك مستويين لقياس نسبة التصويت على استفتاء الدستور, فعلى المستوى السياسي يجب للموافقة على الدستور أن يتم التصويت عليه بنسبة 50%+1 ", أما من الناحية القانونية قال فرحات: إن هذه القضية لم تثار من قبل ولكنها تفرض نفسها الآن على الساحة السياسية.
وفي إطار ذلك طالب, فرحات, المستشار رئيس اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أن يعلن عن الأسس التي سيعلن لها في الاستفتاء على الدستور فهل ستكون مرجعيته المقيدين في جداول الانتخابات أم غير ذلك, مؤكدًا إن هذا القرار سينعكس على مواقف القوى السياسية بشكل كبير .
وأوضح فرحات خلال "برنامج صباحك يا مصر" الذي يذاع على قناة دريم 1, إن النص القانوني للمادة 225 يقول: إن الدستور يعتبر نافذًا بموافقة أغلبية من أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء قائلًا "هذه المادة بها مشكلة لأنها تصبح نافذة لابد أن يوافق على الدستور فنفاذ الدستور معلق على هذه المادة وتعليق هذه المادة معلق على تنفيذ الدستور".
وختم فرحات، حديثه واعدًا الشعب المصري أنه سيتصدى للدفاع عن الدستور ويتقدم ببلاغات للنائب العام إذا تم تفسير كلمة الشعب الواردة على الدستور على غير مقتضى القانون, مؤكدًا إنه لا تعلن الموافقة إلا بموافقة 13 مليون ناخب على الأقل.
وفي السياق ذاته، قال المهندس طارق سعد مدير قواعد البيانات بوزارة التنمية الإدارية إن الوزارة مكلفة تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات بتحديث قاعدة البيانات الخاصة بالناخبين والذي بلغ عددهم 51 مليونا و330 ألفا و24 ناخبا ، بعد حذف أسماء الوفيات أو الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية أو تم ضمهم حديثا إلى جهاز الشرطة والقوات المسلحة بجانب إضافة من تجاوزت أعمارهم ال 18عاما حتى 30 نوفمبر الماضي وهو قرار دعوة الناخبين المصريين للتوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت على مشروع الدستور الجديد.
وأوضح سعد - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء - أن المواطنين الذين لهم حق التصويت في الاستفتاء على الدستور الجديد يمكنهم التعرف على مقار لجانهم الانتخابية عبر الوسائل الالكترونية المختلفة سواء كان موقع اللجنة العليا للانتخابات أو عن طريق خدمة الرسائل القصيرة 5151 ومركز الإتصال 140 وتطبيقات " سمارت فون".
وأشار إلى أن أغلب المواطنين سيكونوا في نفس مقارهم الانتخابية التي أدلوا فيها بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية السابقة لافتا إلى أن التغيير سوف يكون في أرقام اللجان والكشوف.
لحظة فارقة من جانبه قال وزير الأوقاف طلعت عفيفي إن "الاستفتاء على الدستور المصري الجديد لحظة فارقة في تاريخ المصريين"، داعيا الشعب إلى ضرورة أن يكون إيجابيا.
وقال عفيفي :"إذا كانت اللجنة التأسيسية تعجبك والدستور كذلك فاذهب وقل نعم، وإذا لم تعجبك اللجنة ولا الدستور فاذهب وقل لا" . رافضاً مبدأ المقاطعة والإعراض لأن هذا مبدأ مرفوض، مشيرا إلى إرساء مبدأ الإيجابية والذهاب للإدلاء بالصوت.
وأضاف وزير الأوقاف مخاطبا المصريين: "عليكم أن تضعوا مصلحة وطنكم فوق كل اعتبار، ولا تسمعوا لما يقال حولكم، وادعوا الله وقولوا اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا، وارزقنا اجتنابه واستخر الله سبحانه وتعالى فيما تريد أن تفعله لصالح بلدك" .
رفض الطعن
هذا وقد قضت محكمة القضاء الإداري أمس الثلاثاء بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعون التي تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، بدعوة الناخبين للاستفتاء على الدستور الجديد المقرر له يوم السبت الموافق 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وأكدت المحكمة أن قرار دعوة الناخبين للاستفتاء من القرارات السيادية التي لا يجوز الطعن عليها أمام القضاء. وعقب إصدار الحكم، قال عبد المنعم عبد المقصود، محامي الإخوان المسلمين :"إن هذا الحكم تأكيد على أن هذه الدعاوى وأمثالها لا تستند إلى أي أساس قانوني، وأنها مجرد دعاوى كيدية لإعاقة بناء مؤسسات الدولة وإعاقة عملية التحول الديمقراطي".
وأضاف: "إن القضاء المصري سيظل يحكم بصحيح القانون ولا يلتفت إلى أي دعاوى سياسية ولا يتأثر بفصيل سياسي دون آخر". مواد متعلقة: 1. اتحاد شباب الثورة بأسيوط ينشر أسباب رفضه الدستور 2. المصريون بالجزائر يبدأون الاستفتاء على مشروع الدستور 3. «قناة أمريكية»: المصريون بالخارج يصوتون علي دستور "لا توافقي "