رغم أنه ذاع صيته أثناء الثورة الليبية حيث كان أول مسئول كبير يعلن استقالته من نظام العقيد معمر القذافي في يوم 21 فبراير عام 2011 بمدينة البيضاء، بعد تفجر ثورة 17 فبراير عام 2011 م، محتجا على "الأوضاع الدامية واستعمال العنف المفرط" ضد المتظاهرين ، يواجه مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق سيل من الاتهامات يتم محاكمته عليها، والأكثر من ذلك انه لا يحاكم أمام محكمة مدنية ، ولكن يتم محاكمته أمام القضاء العسكري. محارب الفساد وعرف عبد الجليل في وسائل الإعلام العالمية بمواقفه ضد انتهاكات حقوق الإنسان المختلفة في ليبيا. وبمحاربة الفساد وملاحقة المسئولين عنه ، ويعرف أيضًا بأنه هو من حكم على الممرضات البلغاريات في قضية الإيدز الليبية بالإعدام قبل تخفيف الحكم إلى المؤبد ، ولكن كانت هناك هناك أقاويل تؤكد أنه هو القاضي الذي أفرج عن الممرضات، وأثناء ثورة 17 فبراير، عرف عبد الجليل كرئيس للمجلس الوطني الانتقالي.
كما كان له دور في اسقاط القذافي بسبب مجهوداته الكبيرة في اقناع حلف الناتو وخاصة فرنسا بضرورة التدخل العسكري في ليبيا لاسقاط القذافي.
دماء برقبته
وقد مثل رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق أمام النيابة العسكرية بمدينة بنغازي ، وقال مسئول بالنيابة العسكرية الليبية إن محققي النيابة اتهموا مصطفى عبد الجليل بإساءة استغلال السلطة ، وذلك خلال جلسة تحقيق استغرقت ثلاثة ساعات.
وأضاف المسئول ماجد البراعسي قائلا :"إن المحققين وجهوا الاتهام لعبد الجليل أمس الثلاثاء بعد أن حاصروه بالأسئلة بشأن ملابسات وفاة أحد قادة الثورة التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي العام الماضي". وجرى استجواب عبد الجليل في مدينة مرج شرق ليبيا بشأن مسئوليته عن اغتيال الجنرال عبد الفتاح يونس.
وكان عبد الجليل كان قد أعلن في التاسع والعشرين من شهر يوليو/ تموز عام 2011 مقتل يونس قائلا إنه قتل على يد مجموعة مسلحة وهو في طريقه بعد استدعائه للمثول إمام لجنة كانت تتولى التحقيق في الموقف العسكري في البلاد في ذلك الوقت.
وتابع البراعسي، الذي شارك في الاستجواب " اتهم عبد الجليل بإساءة استغلال السلطة وتقويض الوحدة الوطنية" ، غير أن المسئول الليبي لم يشر إلى رد عبد الجليل على التهمة الموجهة إليه.
منعه من السفر
وأقرت النيابة العسكرية الليبي منع عبدالجليل من السفر على ذمة التحقيق في اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس رئيس أركان الجيش الليبي الذي انشق عن نظام معمر القذافي في بدايات الاضطرابات في ليبيا.
وكان اللواء عبد الفتاح يونس، أعلى العسكريين رتبة ينضم إلى الانتفاضة ضد نظام معمر القذافي في 2011، قتل في يوليو/تموز 2011 في ظروف غامضة بعدما تم استدعاؤه من الجبهة للتحقيق معه.
وتوعد أفراد من قبيلة العبيدي التي ينتمي إليها يونس، بالاقتصاص لمقتله إذا واصلت السلطات الليبية الجديدة "تجاهل" القضية ، وتعتقد القبيلة أن المجلس الوطني الانتقالي اضطلع بدور في اغتيال يونس.
من جهتها، طلبت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو ينسودا من الحكومة الليبية الجديدة عدم العفو عن جرائم ارتكبها معارضون للنظام الليبي السابق. وشددت على ضرورة أن تتأكد الحكومة الليبية من عدم صدور أي عفو عن انتهاكات القوانين الدولية وعلى ضرورة عدم إفلات المتورطين في أي جرائم من العقاب.
على قيد الحياة
وفي سبتمبر الماضي انتشرت أنباء ليس لها أساس من الصحة عن ان المستشار مصطفى عبدالجليل ، قد توفي في أحد المستشفيات الالمانية، وذلك اثر نوبة قلبية انهت معاناته مع مرض القلب الذي كان يعاني منه.
وذكرت وسائل اعلامية ليبية ان عبد الجليل أدخل عدة مرات إلى المركز الطبي الرئيسي في مدينة بنغازي بسبب انخفاض في ضغط الدم، وأظهرت الفحوصات الأولية أن عبدالجليل يعاني من هبوط في ضغط الدم بشكل يومي.
ونفى عبد الجليل هذه الانباء الاعلام المحلية عن وفاته ، داعيا المنابر الاعلامية إلى تحري الصدق عند تناولها لمثل هذه الاخبار حتى لا تفقد مصداقيتها عند الناس .
وأكد في مقابلة اجرتها معه قناة ليبيا الوطنية ان حياته ليست أعز من حياة الليبيين الذين ضحوا واستشهدوا من أجل تقدم ورفعة وازدهار ليبيا ... وتهجم المستشار عبد الجليل خلال المقابلة على بعض وسائل الاعلام المحلية التي تنشر اخبارا غير صحيحة ، ووصفها بأنها تخدم اجندات واشخاص لا يسعون للصالح العام .
وقال "إن اغلب القنوات الإعلامية التي تنشر مثل هذه الأخبار تساندها وتسيرها ايدلوجيات معينة بدعم من أشخاص لا يسعون إلي الصالح العام ، داعيا إياها إلى الالتزام بالأمانة الصحفية وميثاق الشرف الإعلامي خاصة قناتي الأحرار والعاصمة ... وأعلن المستشار عبد الجليل في ختام المقابلة أنه بعد أدائه المهمة الوطنية المكلف بها إختار التقاعد من عمله القضائي اختياريا ، موجها التحية والتقدير إلى الأعلام الصادق خاصة في هذه المرحلة التي تمر بها ليبيا ".
تصريحات مثيرة
وكان من جملة تصريحات عبدالجليل المثيرة في مقابلة له نشرتها صحيفة إكسبرسن السويدية أنه يملك الدليل على أن معمر القذافي هو الذي أمر شخصيا بتنفيذ تفجير لوكيربي عام 1988 الذي راح ضحيته 270 شخصا غالبيتهم من الأميركيين.
ورغم أن الرجل تقلد منصب وزير العدل في عهد القذافي الذي يوصف بأنه شمولي، فقد وجد لنفسه مساحة للتحرك خارج ما يريده النظام. حيث كان قد استقال احتجاجا على عدم تنفيذ أحكام القضاء واستمرار الأجهزة الأمنية في اعتقال أكثر من 300 سجين سياسي يقبعون في المعتقلات السياسية بعين زارة وبوسليم، رغم أن محاكم ليبية قضت ببراءتهم. وانتقد عبد الجليل في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2009 تغول جهاز الأمن الداخلي على أحكام القضاء .
وقد رفض القذافي إطلاق سراح هؤلاء السجناء ممن سماهم "إرهابيين من القاعدة"، وتساءل –ردا فيما يبدو على وزير العدل- قائلا "من يستطيع أن يضمن هؤلاء المنضمين ل(أيمن) الظواهري و(أسامة) بن لادن وتنظيم القاعدة".
وأشار أمام مؤتمر الشعب العام الذي انعقد بمدينة سرت نهاية يناير/ كانون الثاني 2010، إلى أنه "إذا كان هناك من يضمنهم، سواء كان أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل أو أي شخص آخر، فعليه أن يوقع على ذلك حتى يتم إطلاق سراحهم".
حياة حافلة
والقاضي مصطفى عبد الجليل، كما يقول العارفون به، ذو تاريخ مشرف في محاربة الفساد وملاحقة المسئولين عنه.
كما دخل الرجل دائرة الاهتمام الإعلامي، بشكل أكبر، بعد إعلانه في أوج أحداث الثورة الليبية عن مساع لتشكيل مجلس وطني مؤقت برئاسته تمهيدا لتشكيل حكومة تضم شخصيات مدنية وعسكرية "موثوقا بها" تسير شؤون كل "المناطق المحررة" مدة ثلاثة أشهر، على أن يتوج ذلك بانتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة، يختار الشعب بموجبها نوابه ورئيسه بشكل ديمقراطي حر.
ولد مصطفى عبد الجليل فضيل في مدينة البيضاء بشرق ليبيا عام 1952، ودرس بمدارسها خلال المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.
انتقل عام 1970 للدراسة في جامعة قاريونس ببنغازي، ثم عاد إلى البيضاء بعد انضمام الجامعة الإسلامية إلى الجامعة الليبية، وتخرج في قسم الشريعة والقانون بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية بتقدير ممتاز عام 1975.
عين عبد الجليل بعد تخرجه بثلاثة أشهر مساعدا لأمين النيابة العامة في البيضاء، ثم عين قاضيا عام 1978، ثم مستشارا عام 1996. وفي عام 2002 تم تعيينه رئيسا لمحكمة استئناف، ثم رئيسا لمحكمة البيضاء عام 2006، قبل أن تختاره أمانة مؤتمر الشعب العام في ليبيا أمينا عاما للجنة الشعبية العامة للعدل (وزيرا للعدل) عام 2007. مواد متعلقة: 1. عبد الجليل: لن نترك دماء الليبيين تراق بهذا الشكل 2. عبد الجليل: حريصون على إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها 3. عبد الجليل: من يعرض أمن الليبيين إلى الخطر سنواجهه بالقوة