تصدرت الأزمة الدبلوماسية التي اشتعلت بين سوريا وتركيا على خلفية مقتل خمسة مدنيين أتراك منذ يومين إثر سقوط قذائف مدفعية من الأراضي السورية وحدوث قصف عسكري متبادل بين الجانبين على إثر ذلك صفحات كبريات الصحف الغربية الصادرة اليوم السبت. فقد اعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قيام الجيش التركي مساء امس بالرد على قصف مدفعي سوري جديد للاراضي التركية وتحديدا لمحافظة "هاتاي" في جنوب شرق البلاد يهدد بامكانية أن تصبح الاجواء العدائية المتبادلة بين البلدين حادثا مألوفا على طول الحدود المتوترة بينهما.
وعلقت الصحيفة،في موقعها الألكتروني،على تصاعد حدة التوتر في المنطقة بين أنقرةودمشق بالقول إن الرد التركي الفوري على أعمال القصف العسكري السوري لأراضيها خلال الأسبوع الماضي يؤكد في الحقيقة اتجاه أنقرة للعب على وتر مختلف ربما يتخذ طابعا عسكريا،ولا سيما عقب عدم تحريكها ساكنا بعدما قامت القوات الجوية السورية بإسقاط مروحية تركية في شهر يونيو الماضي.
وتعليقا على هذا الشأن،قال سنان اولجن الدبلوماسي التركي السابق والباحث بمؤسسة كارنيجي في بروكسل:"هذا هو الوضع الطبيعي الجديد،فرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أعلن بوضوح أن الحكومة التركية لن تبقى صامته بعد الأن إزاء هذه التصرفات".
ونسبت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى العديد من المحللين السياسيين قولهم إن أغلب قذائف الهاون التي اطلقت من سوريا خرجت من قنابل طائشة باتجاه تركيا، موضحين أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يجنى مكاسب من الزج بتركيا في آتون الحرب الأهلية التي تعاني منها بلاده.
وعلى الرغم من الهجمات الانتقامية والنبرة الحادة التي باتت تتبعها أنقرة حيال دمشق،أوضحت الصحيفة أن الحكومة التركية ترغب في تجنب تصعيد التوتر القائم على طول حدودها مع سوريا وقد اكدت ذلك فى بيانات كثيرة أشارت فيها إلى انها لن تتحرك إلا بموجب القانون الدولي وبالتنسيق مع القوى الأجنبية الأخرى.
ومن جانبها، رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تعليقات الثوار السوريين إزاء ما يجري حاليا على أرض الواقع في بلدهم، وتناولت قولهم بأن تقاعس الغرب وعدم انخراطه بشكل أكبر في الأزمة السورية ومحاولة إيجاد مخرج لها فهو يدفعهم بذلك إلى نهج التطرف.
حيث نقلت الصحيفة في سياق تعليق أوردته على موقعها الألكتروني عن المعارض السوري ماجد محمد قوله:"في حال استمر الغرب في ادارة ظهره لمعاناة الشعب السوري فإن السوريين سيديرون ظهورهم للغرب في المقابل إلا أن ذلك من شأنه تعريض مصالح الغرب للخطر".
وأوضحت الصحيفة أن شعور بتخلى الغرب عن الدفاع عن حقوق الشعب السوري لا يجد صدى في سوريا فقط بل وصل صداه إلى تركيا،التي يتنامى فيها الشعور بالاحباط من المجتمع الدولي بشكل عام ومن الولاياتالمتحدة بشكل خاص نظرا لاعتقاد الأتراك أنها باتت تجلس على هامش الأزمة التي تحولت إلى حرب أهلية.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن المحلل التركي مليح اسيك قوله:"إن أنقرة اصبحت تقف في منعطف حاسم للغاية،فنحن لم نعد نواجه سوريا بمفردها بل أيضا الدول التي تقف وراءها مثل إيران والعراق وروسيا والصين أما نحن فلم يقف ورائنا أحد سوى الموقف الاستفزازي والوعود الفارغة من قبل الولاياتالمتحدة".
ورجحت الصحيفة الأمريكية أن يكون صدى هذه الأصوات قد وصل إلى الغرب في عقر داره؛ حيث يمكن أن يكتسب الغرب عداءات جديدة حيثما وجد الأصدقاء على خلفية تنامي حدة الغضب حياله على نحو ينذر بامكانية زيادة عدد المجموعات المسلحة المعادية للولايات المتحدة.
وفي السياق ذاته،وصفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية الوضع بالمدن التركية الواقعة على الحدود مع سوريا،ولا سيما عقب توالي الاشتباكات المتبادلة بين الجانبين وسقوط القذائف صوبها وقالت إنه بات من غير الصعب اكتشاف مشاعر الخوف والغضب بين المواطنين والمارة في شوارع مدينة تل أبيض الهادئة.
وأشارت الصحيفة في تعليق لها أوردته على موقعها الألكتروني إلى احد استطلاعات الرأي التي اجريت الشهر الماضي وأظهرت أن نحو 56% من الشعب التركي غير راض عن سياسات الحكومة تجاه الأزمة السورية،في حين أبدى نحو 76% ممن شملهم الاستطلاع معارضة شديدة للقيام بتدخل تركي عسكري احادي الجانب في سوريا.
وعزا المحللون السياسيون حسبما أفادت الصحيفة السبب من وراء معارضة الشعب لتدخل عسكري تركي في سوريا إلى الخوف من الدخول في غمار حرب مريرة مع النظام السوري وخاصة مع تزايد حدة الاشتباكات بين الشرطة التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض،الذي تعتبره أنقره أحد أذرعة الأسد في تركي
مواد متعلقة: 1. «الأطلسي» يطلب الوقف الفوري للعدوان السوري على تركيا 2. «تركيا»: سنسقط أي طائرة «سورية» تقترب من حدودنا 3. خبراء أتراك: حرب «تركيا» على سوريا «مستحيلة»