استمرارا لما يشهده الأردن في الآونة الأخيرة من أجواء مشحونة، وفي محولة للضغط على الحكومة، أعلنت قوى سياسية وشعبية عن تسيير مظاهرات واسعة في العاصمة الأردنية عمان يوم غداً الجمعة، لتحقيق الإصلاحات ومكافحة الفساد. والجميع يترقب ما سيحدث غداً الجمعة، فدعوات التظاهر السلمي تحت شعار "جمعة إنقاذ الوطن"، تأتي بالتوازي مع دعوات أخرى لجماعات موالية للنظام في مسيرات سلمية تحت شعار "الولاء والانتماء".
الإسلاميون والمطالب
من جانبها، أكدت مصادر داخل الحركة الاسلامية أن جمعة "إنقاذ الوطن" ستكون الفعالية المركزية الأكبر والأضخم منذ انطلاق الفعاليات المطالبة بالإصلاح، وستنطلق من الجامع الحسيني وحتى ساحة النخيل وسط عمان، وتوقعت الحركة مشاركة خمسين ألفاً في هذه التظاهرات.
وشددت لجنة "تحضيرية المسيرة" على أن المسيرة لا تمثل الإخوان المسلمون فقط بل نحو 78 حراكا شعبيا، ومضمونها يرتكز على إجراء تعديلات دستورية كفيلة بجعل الشعب مصدر السلطات، وتشكيل حكومة انقاذ وطني تدير حوار وطني للخروج من أزمة الحكم، والمحاسبة الجدية للفساد، إضافة إلى الإفراج الفوري عن جميع "معتقلي الرأي" والحراك الشعبي، وكف يد الأجهزة الأمنية عن الحياة السياسية والمدنية، واحترام حريات التعبير والرأي وإلغاء القوانين المقيدة للحريات العامة وعلى رأسها قانون المطبوعات والنشر.
واختصرت الحركة المطالب بأنها تكمن في وضع قانون انتخابي عصري وعادل، ومكافحة جدية للفساد وإجراء إصلاحات دستورية تفضي إلى حكومة وبرلمان منتخبين.
و صرح زكي بني ارشيد نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن، في وقت سابق بأن مسيرتهم الحاشدة ستكون حضارية هادفة وسلمية وملتزمة، مؤكداً: "نحن لا نتحدى احدا ولا نستفز احدا".
كما أكد رئيس اللجنة الشيخ سالم الفلاحات المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمون أن الهدف من مسيرة الجمعة، المطالبة بالإصلاح والتجمع في ساحة النخيل وسط العاصمة عمان بإطار سلمي ومسئولة واعتبر الفلاحات أن منظومة الفساد والاستبداد هي المستهدفة من المسيرة وليس الاستقرار الاجتماعي.
ونفى سالم الفلاحات إطلاق اسم الزحف المقدس على المسيرة المثيرة للجدل، وقال: "إن هذه الأسماء اخترعها فاسدون"، مشيرا إلى عدم صحة الأنباء عن تحشيد 50 ألفا من المواطنين.
المولاة يتحركون
وفي مواجهة تلك التظاهرات، لم يقف مؤيدو الحكومة "تيار الموالاة" مكتوفي الأيدي، حيث أعلنو عن مسيرة أخري، في نفس مكان وتوقيت مسيرة "إنقاذ الوطن".
وتوقع المسئولون حشد 200 الف شخص في ذات مكان وتوقيت للتعبير عن ولائهم وتأييدهم للعاهل الاردني عبد الله الثاني.
وقد وضع هذا الإعلان رجال الأمن العام أمام تحد كبير بسبب جغرافية الموقع وطبيعة طرقه وكونه سوقا عاما يؤمه المواطنون والسياح على مدار الساعة.
قلق أمني
ومن جانبها أعربت مديرية الأمن عن قلقها من إمكانية استغلال هذه التظاهرات لإثارة البلبلة، لكنها أشارت إلى أنها ستتخذ كل الإجراءات لضمان أمن هذه التظاهرات.
وأعلن حسين هزاع المجالي مدير الأمن العام الأردني أن مديرية الأمن العام ستقوم بحماية كافة المشاركين في الاعتصامات والمسيرات السلمية التي تعبر عن آراء وأفكار منظميها وفقا للقانون مؤكدا أن مديريته ستتخذ جملة من الإجراءات لضمان أمن تظاهرتي الجمعة في وسط عمان.
وقال المجالي: "إن مديرية الأمن العام لن تتخلى عن واجباتها المقدسة بحماية أرواح وأعراض وممتلكات المواطنين".
وتعهدت الأجهزة الأمنية بحماية الإعلاميين الذين سيغطون مسيرة غد الجمعة، في وسط العاصمة، مشيرا إلى أن قوات الأمن ستضمن حرية التنقل للصحفيين للقيام بواجبهم المهني.
وقد تقرر بحسب المجالي، بعد دراسة الأبعاد والمعطيات الأمنية فتح نقاط غلق وتفتيش على الطرق المؤدية من والى مكان المسيرة لإجراء تدقيق أمني سريع على كل من يشتبه به ويرغب التوجه إلى موقع المسيرة إضافة إلى عدم السماح لأي شخص غير أردني بالتواجد في مكان المسيرة لمبررات ومعلومات أمنية تحتم كل ذلك".
ودعا مدير الأمن العام الجهات المنظمة للمسيرة والمشاركين فيها إلى التعاون مع رجال الأمن العام "حفاظا على سلامتهم وسلامة المتواجدين في المكان".
تجاذب سياسي
وكانت الأوساط السياسية الأردنية شهدت حالة تجاذب سياسي غير مسبوقة، خلال الأيام الماضية, ومن المتوقع أن ترفع المسيرة، بحسب المنظمين، شعار "التعديلات الدستورية" المفضية إلى التقليص من صلاحيات الملك مجدداً، وهو ما اعتبرته مؤخراً شرطاً للمشاركة في العملية السياسية، وليس مطلباً.
وتمركزت المخاوف حول الشكل غير التقليدي، الذي أعلن عنه منظمو المسيرة للتظاهر، بما في ذلك الحديث عن نشر سيارات إسعاف محيطة بمنطقة المسيرة، رغم التأكيد على أنها للحالات الصحية الطارئة.
ورغم تطمينات الحركة الإسلامية ب"سلمية" المسيرة، ونفيها تبني مسميات ك"غزوة بدر الكبرى"، و"الزحف المقدس"، إلا أن ذلك لم يمنع من تزايد أجواء التحشيد المتبادل، بين مسئولين رسميين، وقيادات الحركة.
غموض للأهداف
وفي الإطار ذاته، قال مراقبون: "إنهم يروون غموضاً يحيط بأهداف المسيرة، التي جاءت عقب إعلان الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات، قبل أيام، تمديد فترة عملية التسجيل للناخبين لفترة ثانية، والتأكيدات الملكية على إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري".
واعتبر محللون أن "إصرار الحركة الإسلامية" على تنفيذ المسيرة في هذا الوقت، هو أمر غير مفهوم، في الوقت الذي أتيحت الفرصة أمامها للدفع بعملية الإصلاح مؤخراً، حيث تبنى رئيس الوزراء الأسبق، فيصل الفايز، مبادرة للحوار معها بشأن المشاركة.
يذكر أن الشيخ أرحيل الغرايبه الرجل الثاني في "حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني" الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمون بالأردن، كان قد صرح لأول مره في وقت سابق ، بأن الحزب أقر فعلا برنامجا لتغيير بنية النظام في الأردن.
وأصدر الحزب بيانا استغرب فيه الهجوم علي التيار الإسلامي بدعوي أنه يدعو لتغيير بنية النظام الآن، وكشف الغرايبة أن الحركة أقرت السعي نحو "تغيير بنيه النظام" قبل الربيع العربي، وأعلنت عنه بشكل جلي في أغلب وثائقها ومن بينها مشروعها للإصلاح وهو أمر متفق عليه مع بقيه أطراف عمليه الإصلاح في البلاد.
وشرح الغرايبة الأمر بالإشاره إلى أن المقصود هو إحداث تغيير جوهري يتضمن المواد 34 و35 و36 من الدستور بحيث تكلف الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة وينتخب كامل مجلس الأمه ويحصن من الحل بهدف إرساء نظام ديمقراطي حقيقي دون استبعاد أي طرف أو مكون ودون تغيير او اسقاط النظام القائم.
جدير بالذكر أن عبارة "السعي لتغيير بنيه النظام" لم ترد سابقا علي لسان أدبيات الإخوان المسلمون بالأردن، مما أثارالعديد من علامات الاستفهام والاستفسارات عن جدوي وهدف الإعلان مباشرة عن الأمر وبهذه الطريقة في التوقيت الحالي. مواد متعلقة: 1. الأردن يستعد لجمعة "إنقاذ الوطن" 2. قوى أردنية تطالب الأمن بحماية مسيرة "إنقاذ الوطن" 3. ناشطون أردنيون يطالبون الأمن بحماية مسيرة "إنقاذ الوطن"