من أشهر الروايات التي تحدثت عن حرب أكتوبر , بعد أن تحولت إلى فيلم سينمائي يحمل نفس الاسم , شارك في بطولته محمود ياسين ونجوى إبراهيم , ومن إخراج حسام الدين مصطفي.. وربما تعود شهرة الفيلم أيضا إلى مشاهد المعارك التي استعان فيها المخرج بخبير معارك أجنبي , إلى جانب المساعدات التي قدمتها القوات المسلحة. يبدأ إحسان روايته بحديث إلى القارئ بأنها تتكون من قصتين, كتب الأولي قبل حرب أكتوبر وتوقف فيها عند حرب الاستنزاف , ونشر هذه المرحلة تحت عنوان "رصاصة واحدة في جيبي" , وبعد 6 أكتوبر كتب المرحلة الثانية من القصة تحت عنوان "الرصاصة لا تزال في جيبي". يستخدم إحسان أسلوب السرد على لسان بطل الرواية , الذي لا يذكر اسمه في كل الرواية , ربما لأنه يرمز إلى المقاتل المصري الذي وهب حياته للثأر لمصر بعد هزيمة 1967..هو شاب مصري يدرس في الجامعة , يعشق الفلسفة , لم يكن يطيق حمل البندقية , فهو لا بحب العنف والبندقية هي لغة العنف , لكنه يتغير ويفكر في الانتقام لشرفه.. بعدما اعتدي عباس بيه وكيل الجمعية الزراعية في قريته على ابنة عمه .. واستخدم إحسان هنا الرمز , فعباس يمثل النظام الحكومي الفاسد الذي استغل البلاد والعباد في فترة الستينيات , وفاطمة هي مصر التي لاقت المهانة على يد عباس الذي خدعها , ثم جاء العدو الخارجي وأذلها في 1967 , وهو ما عبر عنه إحسان بشكل أقوي حينما تحدث عن نوعين من الاحتلال تعرضت لهما قرية بطل روايته , احتلال أهلي واحتلال خارجي. وحتى ينتقم البطل لقريته ولابنه عمه يحشر نفسه في قائمة المطلوبين للتجنيد ليتعلم الإمساك بالبندقية , رغم أنه كان مازال طالبا في الجامعة يستطيع أن يهرب من الخدمة العسكرية. وحينما يقرر الانتقام من عباس , يأتيه أمر بالانتقال إلى سيناء , وهناك ينفجر كل شئ.. طائرات العدو فوق الرؤوس ..وهو ورفقاؤه لا تملك أسلحتهم إسقاطها..ويسقطوا كلهم شهداء إلا هو.. ينجو من نيران اليهود. وينقذه إعرابي من الموت عطشا في صحراء سيناء , الإعرابي هو رمز لأهل سيناء الذين تجاهلتهم الحكومة المصرية , فلم يشعروا بانتمائهم إلى المعركة التي تدور على أرض سيناء.. ويلقي إحسان باللائمة على مصر التي تركت سيناء بلا تعمير , حتى أصبح أهلها يشعرون أنهم على هامش الحياة.. وحتى عندما اكتشف البترول في سيناء كانت هي المنطقة الوحيدة في العالم التي لم يغير البترول أهلها.. إن بدو سيناء عالم آخر عن كل الدنيا .. تري هل تغير الوضع كثيرا عن حديث بطل رواية إحسان رغم تعاقب السنوات؟!! ويدل الإعرابي البطل إلى غزة التي وقعت في قبضة اليهود, ومنها يعود إلي مصر , لكنه لا يعود إلى قريته سريعا , فهو لا يستطيع أن يذهب إلى القرية قبل أن يطلق رصاصته..رصاصته التي أخذها من سلاحه قبل أن يتركه في سيناء متخفيا من اليهود...أن قريته أصبحت أي مكان يملك فيه سلاح ويستطيع أن يطلقه على اليهود. ويشير إحسان إلى معارك الاستنزاف التي بدأت في عام 1969, ويشترك بطل روايته في إحدي معاركها ويطلق رصاصته , لكنه يظل محتفظا برصاصه دائما في جيبه استعداد للمعركة الكبرى. وفي عام 1970 يغادر عباس القرية فجأة , بعدما ترك فاطمة الخزي والعار..هل يشير إحسان بهذا التاريخ إلى رحيل عبد الناصر المفاجئ في سبتمبر 1970 ؟! وتبدأ القصة الثانية والتي تحمل عنوان الرصاصة لا تزال في جيبي, وفيها يشكو البطل من حالة "اللاسلم واللاحرب".. لكن التغيير يبدأ.. يستلم عبد الحميد بيه مسئولية الجمعية الزراعية – ربما هو رمز إلى التغيير الذي أجراه السادات في مايو 1971 – ملتزما بالقوانين واللوائح , وتفشل معه كل محاولات الإغراء.. فأصبح الكل سواء في المعاملة.. لا فرق بين غني القرية وفقيرها.. لكن فاطمة – مصر- مازالت كدمية جميلة.. لم تعد تفرح أو تحزن.. حتى تبتسم ولأول مرة حينما يتم استدعاء ابن عمها للجيش استعداد لمعركة الثأر.. عامين من التدريب المستمر..ينقل لنا فيها إحسان التغيير الذي أصاب الضباط والجنود والروح القتالية التي سادت بينهم..تدريبات..تدريبات لا تنتهي على معركة العبور.. وتخطي خط بارليف. وتبدأ المعركة لبطل الرواية , ولكن في يوم 5 أكتوبر حينما يتم تكليفه وثلاثة من رفقائه بالقيام بعميلة داخل سيناء لشغل العدة عن المعركة الكبرى على خط القناة .. ويعود البطل إلى حياته في القرية , تدب فيها حياة جديدة من أجل التعمير والبناء , أما فاطمة فقد تغيرت , لكنه لم يتزوجها , فالمعركة لم تنتهي "وستبقي الرصاصة في جيبي ما دام هناك يهودي على أرضي ".