«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتابات إحسان ..كشف عيوب المجتمع أم نشر قيم الغرب
نشر في محيط يوم 12 - 01 - 2008


بين كشف عيوب المجتمع ونشر قيم الغرب
رحلة في كتابات إحسان عبدالقدوس
محيط – سميرة سليمان
تحت كل سقف مصري حكاية ، وخلف كل جدار قصة يرصدها إحسان عبد القدوس.. يرسم بخياله لوحاتها، وبقلمه يكتب تفاصيلها التي تعكس مكنونات النفوس التي ينفذ إليها إحسان كمحلل نفسي بارع يسجل الهواجس والسقطات والتأملات التي تمرّ بها النفس الإنسانية.
ورحلة بين أعمال إحسان عبدالقدوس .. ما لها وما عليها
"أنا دائماً أقول عن نفسي انني نصفان: نصف خيالي وفني صرف، هذا النصف ورثته عن أبي الفنان محمد عبدالقدوس، أما نصفي الآخر فهو واقعي يعيش الحياة بحلوها ومرها، ذلك النصف الواقعي ورثته عن أمي السيدة روز اليوسف".
نشأ إحسان عبد القدوس المولود في 11 يناير عام 1919 في بيئة اجتماعية متنوعة الثقافة، حيث تأرجح في نشأته بين الثقافة الدينية الصارمة والثقافة التحررية، وقد تمثلت ثقافته الأولى في طفولته التي قضاها في بيت جده لوالده، الشيخ أحمد رضوان، وكان عالمًا من علماء الأزهر، اتسم بالحزم والصرامة مع أهل بيته. وتمثلت ثقافته التحررية في بيئة أمة الفنانة فاطمة اليوسف، وبيئة أبيه الفنان المهندس محمد عبد القدوس .
وتذكر د. لوتس عبد الكريم في كتابها "إحسان عبد القدوس" أن احسان قال: "كان الانتقال بين هذين المناخين يصيبني في البداية بما يشبه الدوار الذهني لكني استطعت التوفيق بين هذه المتناقضات في حياتي بحيث لم تفسد شخصيتي كانسان ولم تقض على مواهبي كفنان وأديب بالحب، الحب هو الذي أعانني على مواجهة كل التناقضات في حياتي الأولى".
بدأ إحسان كتابة نصوص أفلام وقصص قصيرة وروايات وبعد ذلك ترك مهنة المحاماة ووهب نفسه للصحافة والأدب ، وأصبح بعد اقل من بضعة سنوات صحفي متميز ومشهور، وروائي، وكاتب سياسي، وبعد العمل في روز اليوسف تهيأت له كل الفرص والظروف للعمل في جريدة الأخبار لمدة 8‏ سنوات ثم عمل بجريدة " الأهرام " وعين رئيسا لتحريرها‏.
وفي مهنة الصحافة يعترف إحسان أن أستاذه الأول هو محمد التابعي‏، فقد قرأ له في السياسة وهو في العاشرة‏,‏ وكان يعجب بقوة أسلوبه ويعترف إحسان أيضا بأن التابعي علمه أن يتقن الإنجليزية ويقرأ بها خاصة‏ كتب الأدب والتاريخ.
يقول احسان: " كلما ارتقى الإنسان استطاع أن يواجه حقيقة نفسه.. وكلما ظل الإنسان متأخرا ظل يهرب من الحقيقة.. والحقيقة تلاحقه إلى أن تنتصر عليه! أفسحوا الطريق إن الحقيقة تتقدم!"
قاطرة الفساد
من القضايا الهامة التي فجرها إحسان بقلمه الحر قضية الأسلحة الفاسدة عقب حرب فلسطين عام1948 وقد اتهم الملك بتقاضي عمولات ورشاوى في صفقة الأسلحة الغربية مما تسبب في نكبة فلسطين وكانت تلك الفضيحة أحد أسباب اندلاع ثورة 23يوليو .
كان إحسان يلقب من قبل المحافظين بقاطرة الفساد؛ حيث تحمل السجن عدة مرات والتحقيق معه عشرات المرات أيضا إضافة إلى محاولات اغتياله والتي بلغت أربعة كانت أولاهن بعد إثارة قضية الأسلحة الفاسدة.
وعلي الرغم من سعيه المستمر لكشف فساد المجتمع اتهموه انه من أصل بورجوازي يكتب عن أبطال من أفراد عائلته وفروعها وأغصانها، وان تلك الأغصان سوف تسمم أبناء الشعب المصري، حينها كان إحسان يواصل كتابة عموده الثابت "في مقهي علي الشارع السياسي" ولم يلتفت إلي تلك الشتائم، وتلك كانت أول هزيمة حقيقية في حياة إحسان عبد القدوس، لا سيما وقد نزلت مبيعات كتبه بنسبة 25 بالمائة سنة 1967 وهي الفترة التي ظهر فيها حواره المؤلم تحت عنوان "رواياتي ليست أحذية".
رواياته وصراع القيم الدينية
المرأة حرة من القيم !!
"الكتابة قضية عمري، بدونها لا اعرف كيف أعيش، العالم بدونها يصبح بلا معني، وكتابة القصة تسعدني اكثر من الكتابة في السياسة".
كان إحسان عبدالقدوس كاتب مثمر، فبجانب اشتراكه المتميز بالصحافة كتب 49 رواية تم تحويلهم جميعا نصوص للأفلام، 5 روايات تم تحويلهم إلى نصوص مسرحية، 9روايات تم تحويلهم إلى مسلسلات إذاعية، 10 روايات تم تحويلهم إلى مسلسلات تليفزيونية، بالإضافة إلي 56 كتاب متنوع، "، و نجح أدب إحسان في الخروج من المحلية إلى حيز العالمية‏,‏ وقد ترجمت العديد من رواياته وكتبه إلى لغات أجنبية كالإنجليزية، والفرنسية، والأوكرانية، والصينية، والألمانية.
وصف الأديب الراحل عباس العقاد أدب إحسان بأنه "أدب فراش وأدب جنس"، وأنه رائد مدرسة الأدب العارى، وانه ابن أمه وأنه لا يعتنى بجمله، فهو يكتب السهل غير الممتنع، وتوفيق الحكيم وحقي، يكتبان السهل الممتنع.
وقد نسب البعض السبب في انتشار قصصه الى أنها تتعرض للجنس، فكان احسان يدافع عن نفسه قائلا "إن كاتب القصة كالطبيب، من حقه أن يعالج المجتمع ويصوره من جميع نواحيه حتى الناحية الجنسية، دون أن يتعمد أن يكون الجنس هو الموضوع الرئيسي في القصة"، وكان كثير من الناس يقولون لو كان له ابنة، لما كتب القصص التي يكتبها ولما اعتنق الآراء الجريئة التي يدعو اليها.
،ولكن احسان يرد على هذا الزعم بقوله "الفرق هائل بين قصة تدنس شرف المرأة وقصة تصفع جهل بعض الأسر بواجبها نحو عملية البناء النفسي السليم لبناتهن! أنا إذن مدافع عن كرامة المرأة.. ولست هادمًا لها أو فاضحًا لهذه الكرامة، والمسألة أولاً وأخيرًا هي زاوية الرؤية لما أكتبه من أدب عن المرأة التي كانت أخطر عامل مؤثر في حياتي".
ومن جهة أخرى كان إحسان متهما بأنه استبعد الدين تماماً من قصصه" وأنه برر للخيانة الزوجية، وجعل علاجها في إحدى قصصه بأن تقوم الزوجة بالخيانة أيضا وان تكون لها علاقات برجال آخرين، وبذلك تتساوى شخصيتها مع شخصه، وعندما رفضت الزوجة فكرة الخيانة، اتهمها طبيبها بأنها تسير وفق تقاليد متحفظة، مهملاً الجانب الديني!.
واتهم بأنه جعل "الحب فوق الحلال والحرام، وهاجم الحجاب والفصل بين الجنسين"، وقال: على حد ما ذكر بعض النقاد- "إن شرف البنت وعذريتها من التقاليد التي يجب التمرد عليها"!.
على الجانب الآخر عرى إحسان في قصصه العديدة هذه العيوب في المجتمع والتي تشكل خطا رئيسيا في كل أعماله ويقول " ومنذ سنين عديدة وجدت في نفسي الجرأة لتحمل هذه المسئولية والهدف هو ابراز هذه العيوب وأن يحس الناس بأن أخطاءهم ليست أخطاء فردية بل هي أخطاء مجتمع كامل، أخطاء لها أسبابها وظروفها داخل المجتمع، ونشر هذه العيوب سيجعلهم يسخطون وسيؤدي بهم السخط الى الاقتناع بضرورة التعاون على وضع تقاليد جديدة لمجتمعنا تتسع للتطور الذي يختاره وتحمي أبناءنا وبناتنا من الأخطاء التي يتعرضون لها نتيجة هذا التطور. وهذا هو الهدف الذي حققته قصصي، لقد بدأ الناس يسخطون ولكنهم بدل أن يسخطوا على أنفسهم وبدل أن يسخطوا على المجتمع سخطوا على الكاتب، أي سخطوا على أنا..!".
كان النقاد يهاجمون احسان عبد القدوس بسبب مهاجمته لتقاليد المجتمعات المحافظة حيث يقول: " هناك مجتمعات عربية لا تزال تحرم الاختلاط بين الجنسين، فلا يستطيع الزوج –مثلاً- أن يصحب زوجته إلى زيارة عائلة صديق، ولا يستطيع أن يظهر بها أمام الناس في منتدى أو ملهى عام، أو يراقصها إذا كان من هواة الرقص، .. هذا الزوج وهذه الزوجة ينتظران في كبت، وضيق، وزهق إلى أن يسافرا إلى بلد آخر، حتى لو كان بلداً عربياً، وينطلقان.. الزوج يقدم زوجته إلى أصدقائه سواء كانوا من بلده، أو من البلد الآخر، ويطوف بها النوادي والملاهي ويراقصها ويعيشان كل حياة المجتمع الذي سافرا إليه إلى أن يعود إلى بلدهما.. وهناك يعودان إلى كل ما يفرضه المجتمع المحلي عليهما.. لا يصبح لأصدقائه من نفس بلده والذين كانوا في الخارج معه الحق في أن يروا زوجته، ولا هو يرى زوجاتهم.. ولا يصبح من حقه أن يخرج معها في الشوارع كما كان يخرج معها في شوارع القاهرة، أو يراقصها كما كان يراقصها في فندق سميراميس.."
جولة بين كتاباته
كان يعيش مع لسانه
يقول الناقد إبراهيم محمد حمزة فى قصة" كان يعيش مع لسانه " يمنحنا الكاتب لحظات من المتعة الساخرة القاسية فى سخريتها من طبائع البشر ، لنجد ما يشبه الصورة الكاريكاتورية بالغة اللطف لشخصية مصطفى عبد القادر الموظف الناجح المتفوق، والذي لا يعيبه سوى الرغبة الدائمة فى الكلام والثرثرة التى لا تتوقف، وتمر سنوات ويسافر بتكليف من الشركة إلى كوريا، ويزور بنات الكيسنج ،التى هى كصاحبات بيوت الجيشا فى اليابان ، ودخل البيت وجلس بجانب الفتاة الكورية " باولا تاو " يحادثها بالإنجليزية وهى لا ترد لأنها لا تتكلم الإنجليزية وهو سعيد بهذا الصمت والاستماع حتى لو لم تفهم ما يعنيه ؛ لكنها تصمت وتبتسم ، ولهذا السبب الوحيد يقرر الزواج بهذه الفتاة التى منحها الله الصبر على الاستماع ، وبعد أن وافق المسئولون عنها ، وخرجت معه من بيوت الكيسنج ؛ وفوجىء أنها تتحدث الإنجليزية ببراعة مطلقة ، وفسرت له الأمر بأنه من الممنوع على فتاة الكيسنج أن تتحدث سوى اللغة الوطنية ليشعر جليسها بأجواء كوريا القديمة ؛ والأخطر حين تخبره أنها ستعوضه الأيام التى تركته وحده يتكلم .
شباكه وثقوبها

في مقدمة القصة يقول احسان " هذه ليست قصة .. إنه حادث كان يمكن أن أرويه كما أتصوره وهكذا أنا دائما لا أستطيع أن أهرب من خيالى ويضيع منى الصحفى داخل الأديب"، وتبدأ القصة قائلا: " كان كل بلد أسافر إليه أسمع قصة ؛ وفى رحلتى الأخيرة سمعت قصة حافظ حمدى"
" المسلمون هناك فى تايلاند قوة لهم خمس ولايات من ولايات تايلاند يمثلون بها الأغلبية المقهورة الضعيفة أمام سيطرة البوذية "، القصة تدور حول حافظ حمدى، وهو نجم مجتمع بانكوك ، عاصمة تايلاند تقدمه القصة باعتباره تاجر مصرى مسلم ناجح له تأثير شديد فى المجتمع وتأثير خاص بين المسلمين الذين يجلسون أمامه وهو يشرح لهم القرآن والسنة ؛ ورغم ذلك فعلاقته بالبوذيين طيبة ومهمة ؛ بل إنه يؤدى المناسك البوذية أمام تمثال بوذا !! ، حتى إن خادمته فى الفيلا " أوكشيه " بوذية.
وفجأة يموت حمدى ويذهب المسلمون لاستلام جثته وتشييعها ويفاجأ الجميع باختفاء الجثة ويلاحظون أيضا اختفاء الخادمة " أوكشيه " وحين يعثرون عليها فى المعبد نجدها تصلى أمام جثة حافظ حمدى ؛ والكهنة مصرون على أنه بوذى ، وتشتعل الحرب حتى تتدخل السلطات لتسليم الجثة للسفارة ، ويسير المسلمون بها كأكبر جنازة إسلامية ، حتى تحدث مفاجأة ثقيلة ..وهى وصول برقية إلى السفارة المصرية تؤكد أن حافظ حمدى يهودى وزوجته يهودية ، وصاحب الرسالة يهودى ؛ وبالفعل يتضح أنه يهودى هاجر من مصر عام 1955م ثم هاجر لفرنسا ثم إسرائيل ثم تايلاند ؛ ثم يعلق الكاتب :
" إنها حكاية اليهودى الذى يلعب بشبكة الأديان ويصطاد بها المسلمين والبوذيين ، ولو احتاج لاصطاد بها المسيحى ... إنها شبكة عريضة تسع العالم .. وكلها ثقوب "، والقصة بهذه الوضعية انتقلت من ذروة درامية إلى ختام هادىء لتصحيح الوضع لدى القارىء، بحسب الناقد نفسه حيث بطل القصة الذى يمثل بطولة وهمية ويخفى حقيقة بشعة وينكر وضعا معينا من أجل خداع الجميع .... حتى يكتشف القارىء فى النهاية أن فساد اليهود أمر واقع فى النهاية .
الوسادة الخالية
"في حياة كل منا وهم كبير اسمه الحب الأول..لا تصدق هذا الوهم حبك الأول هو حبك الأخير"، هكذا بدأ احسان عبد القدوس روايته.
كان يحس بالتعب، ويحس بحاجته الشديدة الى النوم وكان يعلم ان الفراش الوحيد الذي يرتاح فيه هو فراشه في بيته ولكنه لم يستطع ان يذهب اليه، فقد كان يخاف شيئا في الفراش.
يخاف الوسادة التي رسم فوقها بخياله، رأس سميحة، انه لا يزال يحبها، وسيحبها دائما، ولكنه يريد ان ينسى حبه.. يريد ان يستريح من هذا السكين الحاد الذي يتحرك في قلبه، وهذا الهواء البارد الذي يملأ صدره كلما لمح ابتسامة تذكره بابتسامتها، ويريد ان يستريح من الأفكار المجنونة التي تطوف برأسه كلما تذكر ان سميحة اصبحت لرجل آخر، وانها تضحك له وتضع ذراعها في ذراعه.
البنات والصيف
إحسان عبد القدوس يدخل عالم البنات والصيف... ينسج من حكاياتهم رواية شخصياتها مايسة وديدي وناهد... ومدحت وسامي وماجد... والصيف زمانهم والشاطئ مكانهم... ومشاهد تتوالى... وأحداث تتشابك وعواطف تلتهب... والبقية تأتي...
وصعدت الى غرفتها، واغلقت الباب وراءها بالمفتاح.
وحاولت ان تنام.
ولم تنم.
وكانت مدعوة في المساء لحضور حفلة شاي في حديقة النزهة تقيمها جمعية "الخبز للجميع" بمناسبة وضع الحجر الاساسي لمبناها الجديد.
وذهبت في الساعة السابعة مساء، ترتدي ثوبا من الشيفون الشفاف الاسود فوق قميص من الستان الاسود.. وكانت ترشق في الثوب دبوسا من الماس، وفي يدها ساعة رقيقة من الماس، وفوق كتفيها شال من الحرير الاخضر.
ودخلت الحفل تخطو خطواتها القوية النشيطة، وتفسح طريقها بعينيها النشيطتين. انها دائما نشطة، وانشط ما فيها دائما، عيناها. وكان وصولها الى الحفل اعلانا لبدئه. انها ملكة الجميعات الخيرية.
الساعات الأخيرة قبل الغروب
يكتب‏‏ إحسان‏‏ في مقدمة قصة‏ "‏الساعات الأخيرة قبل الغروب‏": "كثير من القصص التي كتبتها ترسم شخصيات من المجتمع الذي كنا نطلق عليه قديما لقب "أولاد الذوات‏"‏ وهو مجتمع يمثل طبقة الرأسمالية والإقطاع‏,‏ ولكن هذه الطبقة لم تنقرض ولم تنته أبدا خلال الثورة وإلي اليوم وإن كانت قد تغيرت أسماؤها وألقابها‏,‏ وقد مرت مرحلة انتقلت فيها هذه الطبقة إلي داخل النظام البيروقراطي‏,‏ وتغيرت بالتالي الألقاب التي يحملها أفرادها‏,‏ فلم تعد (باشا‏)‏ و‏(بيه‏)‏ و‏(صاحب الرفعة‏)‏ ولكنها أصبحت‏(سي السيد‏) (‏الوكيل الأول‏)‏ و‏(‏المدير العام‏)‏ و‏(الوزير‏)‏ و‏(رئيس مجلس الإدارة‏)‏ و‏(العضو المنتدب‏),‏ ثم انتقل المجتمع إلي مرحلة أخري اتسعت فيها هذه الطبقة‏,‏ فأصبحت أغلبيتها من رجال الأعمال وهي التي نعيش بينها أن تبرز أخبارها في الصحافة وتبرز شخصياتها في القصص‏,‏ المهم أني عندما أعرض هذه القصص فإني لا أقول رأيا ولكني أسجل ربما للوحة (اجتماعية‏)".‏
النظارة السوداء
: " بطلة النظارة السوداء حقيقة لا كلمات... كانت شيئاً يدب على الأرض... كانت حيواناً جميلاً أليفاً محروماً من كل المتع التي خص بها الله الإنسان... وكانت تعتقد أن هذه هي الحياة... أما الآن فقد أصبحت فتاة أخرى... إنسانة تحس بالألم أو السعادة... وتطوف مع الأحلام... ثم إن نظارتها لم تعد سوداء... وكانت فيما سبق صاحبة النظارة السوداء التي كانت لها هذه الحكاية.
لم يكن لها شعب، ولا وطن، ولا هدف، ولا شيء تغار عليه وتتحمس له.. كانت شيئا ضائعا لا خطوط له ولا حدود. شيئا كهذه الرغوة التي تطفو على سطح مياه البحر قرب الشاطئ، تختفي حينا وتظهر حينا، دون ان يكون لها اثر، ولا اهمية، لا بالنسبة للبحر، ولا بالنسبة للشاطئ، مظهر واحد كان يحدد شخصيتها وهو هذه النظارة السوداء التي تضعها على عينيها دائما، صباح ومساء.
وهو لم ير فيها-عندما رآها لاول مرة- الا هذه النظارة السوداء، وصليبا من ذهب يتدلى فوق صدرها ويترنح بين طياتها ثوبها كانه يحاول ان يختبئ خجلا من صاحبته ومن عيون الناس.
اين رآها لاول مرة؟
انه يذكر اليوم والمكان بالتحديد - 5 يونيو عام 1943- ملهى "الرومانس" بالاسكندرية.
رآها واحتقرها، وثار في نفسه هذا الاشمئزاز الذي كان يثور في نفسه كلما رأى واحدة او واحدا من هذه الطبقة الراقية التي تعود ان يكرهها ويحاربها قبل ان يصبح عضوا بارزا فيها!!
كانت يومها تضحك كثيرا، وتشرب كثيرا. وتطوف بين الموائد والكأس بيدها تداعب الرجال، والرجال يقابلون دعابتها في ترحيب ينقصه الحماس، وكأنهم تعودوا منها هذا الضحك الكثير، وهذا الشرب الكثير، وهذه الدعابات.
لا أنام
كتب احسان في المقدمة قائلا: "أنا الخير والشر معاً لاني انسان"
الى اطيب البنات قلبا.. واشدهن احساسا بضميرها. وكل جريمتها انها ارادت ان تكون اكثر من انسان. الى "ن".. وقد اعطتني قصتها، ثم ذهبت بعيدا.. بعد ان اخذت حفنه من ايامي، وقطعة من قلبي!!.."
عزيزي احسان
انا نادية لطفي
وانت لا تعرفني، وان كنت قد استطعت ان ادير عنقك في المرتين اللتين وقعت عيناك فيهما علي. مرة على شاطئ سيدي بشر بالاسكندرية، ومرة في فندق سميراميس بالقاهرة. وفي كلتا المرتين لم اهتم بالتفاتتك كثيرا، فقد تعودت ان ادير اعناق الرجال!.
وباختصار انا جميلة.. واحدة من اجمل فتيات القاهرة وقد قلت لك اني تعودت ان ادير اعناق الرجال بما فيها عنقك. ولكني لست فخورة بجمالي ولست متباهية به. فلم ينقذني الجمال من الشر، بل ربما كان سببا من الاسباب التي تدفعني اليه. وكم تمنيت على الله الذي وهبني الجمال ان يسترده مني نظير ان يدلني على طريق الخير!.
في بيتنا رجل
في بيتنا رجل قصة دارت في الوقت الذي سبق انفجار أحداث الثورة في مصر حيث كانت النفوس تغلي من قهر الاحتلال ، وكان مكانها القاهرة ، أما البطل فهو محيي الدين المصري المخلص .
ابراهيم حمدي طالب الجامعة الذي مات زميله وصديق عمره في مظاهرة على كوبري عباس برصاص العدو يجد نفسه من الغليان وكأنه يريد أن يلتهم كل عسكري إنجليزي يقابله ، لكن إن كانت للعدو مبرراته مهما كانت كاذبة وواهية ، فليس هناك أي مبرر لابن البلد الذي يبارك الاحتلال ويحارب أبناء بلده في صفوف العدو ، من هؤلاء أحد عملاء المحتل ، وبديهي عندما تأتي الخيانة من عدو فهذا ليس بمستغرب لكن أن تأتي الخيانة ممن تظنه معك وهو ضدك فتلك هي المأساة ، لذلك قرر إبراهيم أن ينظف البلد أولا من الخونة المصريين بأن اغتال هذا العميل ، في إحدى المناسبات التي يحضرها ولم يستطع الهرب حيث احاط به الحرس الخاص وأوسعوه ضربا حتى تم نقله إلى المستشفى للعلاج .
بالإتفاق مع زملائه دبروا له عملية هروب ، فهرب ، لكن إلى أين ذهب ؟ سأل نفسه ، البوليس سيحاصر بيته بمجرد اكتشاف الهروب، وكذلك بيوت أصحابه ، تذكر زميله محيي الطالب المسالم الذي لا يعرف من السياسة إلا إسمها وبالتالي فهو بعيد كل البعد عن تفكير البوليس السياسي .
ذهب إلى حي العباسية حيث يسكن محيي ، وكان آذان المغرب قد حل وجلس أفراد أسرة الأستاذ زاهر لتناول الإفطار ، طرق الباب ، فتحت له نوال ، رأته ، وكان حلمها قد تحقق ، فقد كانت معجبة ببطولته وصورة التي تملأ الجرائد حينما يعلنون حملات البحث عنه بعد أن هرب من السجن ، وعرضت الأسرة نفسها للخطر بقدوم هذا الوافد الهارب ، وعاش ابراهيم في البيت 3 أيام عرف فيها معنى السلام والحرية وأحب نوال ، ثم اضطر لترك البيت رغم حلمه بالزواج من نوال ، وتعرض محي صديقه للتعذيب ولم يتكلم عن مكان ابراهيم ، وقرر أصحاب ابراهيم أن يسافر خارج البلاد متنكرا ، ومع حركة الباخرة ، سأل نفسه أيهما أكرم لي أن أعيش في فرنسا أم أموت في مصر ؟ وعاد وسط دهشة زملائه الذين خططوا معه لاكبر عملية فدائية وهي تفجير مخازن الذخيرة في العباسية ، ليلقى بعدها ابراهيم حتفه برصاصة غادرة مودعا الحياة .
" عقرب الساعة يدور وقلب نوال يخفق ، وهي جالسة في حجرتها فوق فراشها تصلح سترة البدلة التي سيرتديها ابراهيم في هربه. بدلة الضابط.
ولم تعد تتصور هذه البدلة كفنا لابراهيم. او لحبها. إنها تضمها بإصبعها كأنها تحتضن أحلامها وتمرر إبرتها في نسيجها بحنان وحرص كأنها تخشى على النسيج ان تجرحه الابرة، وتنظر اليها بعينين مبتسمتين كأنها تنظر إلى ثوب عرسها.
هل سيأتي إبراهيم للقائها وهو مرتد هذه البدلة.. كيف يبدو بها، وابتسمت وهي ترى في خيالها قامته النحيفة الطويلة، وعينيه الواسعتين. وشفتيه الرقيقتين فوق فكه العريض القوي، وانفه الكبير كأنه رأس سهم موجه الى صدر عدوه.. وكل ذلك في بدلة ضابط..
لقد اختفت المأساة من حياتها ومن تفكيرها، ولم يخطر على بالها ان ابراهيم قد لا يأتي الى لقائها.. قد يقبض عليه. وقد يستمر في هربه حتى يتجاوزها ويتجاوز مكان اللقاء. "
زوجة أحمد
تروي هذه القصة سيرة امرأة وزوجة وأم، وبعينين هذه المرأة متلهفاً لأن يعرف الحل لمثل هذه المشاكل وهذه التفاصيل التي مرت معه، أو سوف تمر مع أولاده... تحوي هذه الرواية الكثير من حياته مع زوجته لولا، يقول احسان في القصة "زوجتي نموذج فريد للمرأة النادرة الوجود..شعلة محبة ووهج عطاء وخلاق، عطاؤها بلا مقابل، ويكفي انها تعيش وتكرس كل الظروف وتهيئ كل الاجواء، من أجل أن أعمل في هدوء، ويكفي أنها تتحمل قلقي وتوتري ومعاناتي بصدر رحب، أعجب بيني وبين نفسي كيف ملكت زوجتي كل هذه الطاقة لتتحملني، ويبدو لي أحياناً إني انسان لا يطاق، وقد أبدو أنانياً في بعض الاحيان".
كثير من الناس يقولون لي: لو كان لك ابنة لما كتبت هذه القصص التي تكتبها، ولما اعتنقت هذه الآراء الجريئة التي تدعو اليها.
ان الكاتب عندما يكون رأيه، انما يكونه نتيجة نظرته الى المجتمع كله، لا نظرته الى نفسه، ولا الى عائلته. ورغم هذه ففي عائلتي بنات كثيرات، كلهن قرأت قصصي، واتمنى لو كل واحدة منهن سمعت كلامي..
وهذا الخطاب. اهديه الى صغيرتي فاطمة الجندي ابنة اختي والى كل بنات الناس، لعلي أراهن جميعا سعيدات.
أين عمري
يقول احسان في "أين عمري" "إن العمر لا يحتسب بالسنين، ولكنه يحتسب بالاحساس، فقد تكون بالستين وتحس انك في العشرين، والعكس صحيح".
لم يعد من عمرها – عمر التاسعة عشرة – إلا بشرتها وبعض نضارتها القديمة ، ولم يعد لها من ومضات عمرها، الا هذه اللفتات التي تنطلق من عينيها، احيانا كلما مرت في شارع ( البارون) بضاحية مصر الجديدة ولمحت مواكب العشاق، او كلما رأت زوجة شابة سعيدة بزوجها الشاب. وهي لفتات لم تكن تدري لها سببا. انما كانت تتنبه الى نفسها فتدير عينيها وتعتدل في جلستها، وتعود كما كانت وكأنها امرأة في الاربعين.
فبطلة "أين عمري؟" ل"إحسان عبد القدوس" التي ارتبطت بعد الثلاثين اكتشفت نفسها من جديد؛ فالراوي يحكي عنها: "لم تعد هذه الذراع مجرد قطعة منها تتدلى بجانبها، إنما أصبحت تحس بها، وتحس بالدماء تجرى فيها، وتحس أنها قطعة غالية ربما لأنها اكتشفت أنها تستطيع بها أن تتعلق بذراع خالد"، إن ارتباطها بخالد أمدها بالحياة ذاتها بل وبقيمة هذه الحياة، وفوق ذلك بإدراكها لنفسها بعد أن توقف تماما إحساسها حتى بجوارحها.
أنا حرة
أما في قصة "أنا حرة" يقول...."الحرية هي المسئولية، وعندما تقول فتاة أنا حرة فهي تقول انا مسئولة".
وكانت في كل مرة تعود من انطلاقها لتستقبلها عمتها بالشبشب. وكان احيانا يكون في استقبالها زوج عمتها، وكانت في بادئ الامر تبكي وتصرح وتستغيث وهي تحت الصفعات وضربات الشبشب، ثم بدأت، تدافع عن نفسها وتصرخ وتصد الضربات بذراعيها، وتجادل عمتها وزوج عمتها وقد صاحت في وجههما يوما:
- انا حرة. اعمل اللي انا عايزاه.. ما حدش له دعوة بيه واخرسها كف زوج عمتها بصفعة على شفتيها، وردت عمتها:
- حرة. حر لما يلهفك، قليلة التربية!.
وعندما هدأت اخذت تكرر بلهجة ساخرة: انا حرة. انا حرة. انا حرة.
ثم انطلقت دموعها مرة اخرى.
هل هي حرة، وهل يقدر لها يوما ان تكون تفعل ما تريد, متى ستخرج من هذا البيت، والى اين.
انها لو خرجت منه، فستخرج الى بيت زوجها. رجل كزوج عمتها يحدد حريتها باربعة جدران وبالمقابلات والزيارات وحفلات الزار او رجل آخر. واحمر وجهها وهي تذكر هذا الرجل الآخر.. فقد كان في حينها رجل آخر فعلا. رجل تكرهه وتشمئز منه، وستكرهه طول حياتها؛ وتشمئز منه طول حياتها.
لن أعيش في جلباب أبي
في جوّ مصري صميم تجري أحداث هذه الرواية، وإحسان عبد القدوس بريشته يعكس مدى الصراع الذي تتناوب أزماته على عائلة عبد الغفور البرعي الذي كان له حظ كبير في جمع ثروة كانت السبب في أزمات ابنه الوحيد عبد الوهاب ومن ثم بناته الأربع.
تتابع الأحداث لتكشف عن هذه العقدة التي استحكمت بالأبناء وكشفت عن محاولات الابن في أن يكون هو عبد الوهاب لا ظلّ أبيه.
بعبارة أخرى أن ينظر إليه شخصياً لا من خلال ثروة أبيه وشخصية أبيه. في حومة هذا الصراع يخسر عبد الوهاب الكثير، وعقد عبد الغفور البرعي كذلك تمتد إلى البنات الأربع اللواتي كان حظهن في الزواج، ممهوراً بثراء أبيهم.
لذا كتب لبعضه الفشل المنتهي بالطلاق، ولبعضه الآخر الفشل الضمني. ولكن نظيرة الابنة الصغرى التي كانت على جانب من الوعي والثقافة والنضج حاولت أن تضح زواجها من حسين في إطاره الصحيح. وبأسلوبه الشيق تمضي القصة ليكشف إحسان عبد القدوس من خلالها عن هذا الخلل الاجتماعي الذي بالإمكان تداركه بالوعي والنضج.
يقول احسان عن أعماله: "كل القصص التي كتبتها كانت دراسة صادقة جريئة لعيوب المجتمع، وهي عيوب قد يجهلها البعض ولكن الكثيرين يعرفونها، وهي عيوب تحتاج لجرأة الكاتب حتى يتحمل مسئولية مواجهة الناس بها"
توفي احسان يوم 12 يناير عام 1990ومن الجوائز التي حصل عليها.. وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى منحه له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وسام الجمهورية من الدرجة الأولى منحة له الرئيس محمد حسني مبارك في عام 1990، الجائزة الأولى عن روايته "دمي ودموعي وابتساماتي" في عام 1973، جائزة أحسن قصة فيلم عن روايته "الرصاصة لا تزال في جيبي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.