بعد نجاح نساء الكويت في إثبات قدرتهن الفائقة على العمل، وبعد نجاح تجربة الاستعانة بالنساء في مجالي الشرطة والإطفاء ودخولها البرلمان، وافق المجلس الأعلى للقضاء في الكويت على قبول المتقدمات لشغل منصب وكيل نيابة ابتداء من نهاية شهر سبتمبر الجاري. وجاء قرار المجلس بقبول المرأة فى السلك القضائى وكيلة للنياية وقاضية، بعد سنوات طويلة من الرفض وفشل المرأة في الوصول إلى مبتغاها عبر القضايا التي رفعت بهذا الصدد، وتعد هذه هي المرة الأولى التي ستعين فيها المرأة كقاضية بالكويت.
وقد فرض قبول المرأة فى السلك القضائى وكيلة للنياية وقاضية، نفسه على الساحة السياسية، وتباينت الآراء بين مؤيد لانتصار المجلس لحقوق المرأة، ومعارض أو متحفظ من منطلق اجتهادات دينية وشرعية.
تفاصيل القرار
وفي تفاصيل القرار، وجه المجلس الأعلى للقضاء وزارة العدل إلى قبول أوراق "الإناث والرجال معاً" الذين يتقدمون لوظيفة باحث قانوني مبتدئ ووكيل نيابة.
وكشف مصدر مطلع لجريدة "الخليج" أن البداية ستكون بقبول أوراق 7 وكيلات نيابة في المرحلة الأولى، وفق ضوابط محددة أهمها النسبة العامة لدرجات التخرج، والتقدير في مادة التخصص، إضافة إلى بقية الشروط التي تنطبق على وكلاء النيابة الرجال.
وتوقع المصدر أن تعمل الوكيلات بعد تأهيلهن وتدريبهن في النيابات المتخصصة بالأحوال الشخصية والاحداث ونيابة المطبوعات، أما في المحاكم فمن الممكن أن تعين المرأة في محاكم "الجنح والتجارية والمدنية"، وبعد ذلك يكون تعيينها في محاكم الجنايات.
حق دستوري للمرأة
فعلى مستوى القوى السياسية وهيئات المجتمع المدنى، أكد يوسف الشايجى أمين عام "المنبر الديمقراطى" أن هذا القرار يأتى تأكيدا لحق المرأة الدستورى انطلاقا من المادة 29، قائلا "إننا نؤيد فترة التدرج التى طرحت فى هذا الموضوع لتأهيل المرأة فترة معينة قبل تسلمها مهام عملها".
وعن المعترضين على هذا القرار، أكد الشياجي أن لكل شخص الحق في إبداء رأيه، مضيفاً أن الأمر يرجع لنصوص الدستور وفي حالة أن الدستور يؤكد حق المرأة على تولي مثل هذه المناصب فذلك تصحيح لأوضاع سابقة ومنذ فترة.
وشدد الشايجي على أنه من حق المرأة المشاركة وأن لديها القدرة على ذلك، مضيفاً أن المرأة أثبتت أنها لا تقل عن الرجل كفاءة وذلك ما أثبتته طوال السنوات الأخيرة من خلال توليها المناصب العليا والعامة بشكل عام، مؤكداً على أن المرأة الكويتية على قدر الثقة والمسؤولية، متمنياً لها التوفيق في منصب القضاء.
وأشاد الشايجي بخطوة القضاء الإجرائية في تدريج تولي المنصب، بداية من تأهيلها لتولي المنصب وتقبل المجتمع له بشكل تدريجي، معتبراً أن المشاركة بحد ذاتها تعزيز لمنح المرأة لحقوقها الدستورية.
واعتبر خالد الخالد أمين عام "التحالف الوطنى الديمقراطى" القرار انتصارا لمبادىء الدستور والدولة المدنية.
وثمن رئيس جمعية الخريجين سعود راشد العنزي القرار، مؤكداً أنه جاء لينصف المرأة التي أجحفت بحقها كثيراً بعض القوانين وكثير من الممارسات الرسمية، كما أنه يشكل خطوة ضرورية ومهمة باتجاه تعزيز مدنية الدولة وتفعيل دستورها .
وقال العنزي: "إن على جميع الذين يحترمون الدستور ويطالبون بتطبيقه دعم هذا القرار والتصدي لجميع محاولات الضغط على الجسم القضائي لإيقافه أو تعطيله".
وبيّن العنزي أن هناك من يصر على فرض وصايته على المجتمع من خلال الدفع بتفسيراته الخاصة للنص الديني الذي طالما اختلف المسلمون عليه خلال القرن والنصف الماضيين .
وقال: "لكننا، وهذا هو الأهم، لسنا في صدد البحث عن تفسيرات للنصوص الدينية المختلف فيها، بل إزاء تطبيق نصوص الدستور الواضحة والجلية في عدم التفرقة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات الدستورية".
وأكد العنزي قائلا: "إنها خطوة ضرورية ومهمة وإن تأخرت كثيراً، فشكراً للسلطة القضائية على احترامها للدستور".
ترحيب نسائي
وقدمت رئيسة مجلس إدارة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية شيخة النصف التهنئة للمرأة الكويتية بحصولها على حقها فى أن تكون وكيلة نيابة وقاضية، معربة عن أملها أن تكون الوظيفة العامة وفقا لمعيار الكفاءة لا الجنس.
وأكدت النصف أن المرأة الكويتية أثبتت جدارتها وقدرتها على العمل فى جميع المجالات والمهمات التى أسندت إليها، سواء كوزيرة أو نائبة أو مسئولة فى أى من القطاعات والمناصب الأخرى.
وفي رد على رأي نواب كتلة الأغلبية الإسلاميين، أكدت النائبة الدكتورة معصومة المبارك أن هذا القرار مكسب للديمقرطية الكويتية، وانتصار رائع لمبادىء العدالة والمساواة، مشيرة إلى أن المرأة الكويتية قد انتظرت طويلا هذه الخطوة، التى تحسب للمجلس الأعلى للقضاء.
هذا وقد ثمنت النائبة أسيل العوضي قرار إدخال المرأة في السلك القضائي بعد انتظار طويل ما يعد خطوة إيجابية نحو تفعيل مواد الدستور بنبذ التفرقة على أساس الجنس، وأشارت إلى انتظار بلهفة كبيرة أول قاضية بالكويت.
وقالت أسيل من حسابها على "تويتر": "المرأة قاضية.. أخيرا. ألف مبروك لكل من دافع عن هذا الحق وننتظر بلهفة كي نبارك لأول قاضية".
وأضافت: "ادخال المرأة السلك القضائي جاء متاخرا جدا إلا أنه خطوة ايجابية نحو تفعيل مواد الدستور التي تنص على المساواة وتنبذ التفرقة على أساس الجنس".
الأغلبية النيابية ترفض
وعلى المستوى النيابى، واجه "إعلان القضاء" رفضا من نواب كتلة الأغلبية الإسلاميين، إذ رأوا أن قبول المرأة فى سلك القضاء مخالف للأحكام الشرعية ويكرس سابقة خاطئة ستسبب خللا فى عمل السلطة القضائية، وأن تولى المرأة منصب القضاء يحتاج إلى بحث شرعى يجب حسمه من العلماء وأخذ رأيهم قبل البدء فيه، لأن تولى المرأة القضاء ليس موضوعا سياسيا للتجادل فيه، بل قضية شرعية محسومة وأجمع علماء على عدم جواز ذلك، بل إنه يفتح باب الخلاف وإحداث الفتنة فى المجتمع بهذا الوقت، وأن القرار مخالف للسنة ولجماهير العلماء، حيث أن الشرع قصر القضاء على الرجال كما قصر عليهم النبوة.
فمن جانبه، رفض النائب أحمد مطيع العازمي القرار، قائلاً: "عجباً للمجلس الأعلى للقضاء بفتح باب الخلاف وإحداث الفتنة في المجتمع بهذا الوقت ورأيهم بقبول المرأة في سلك القضاء مخالف للسنة ولجماهير العلماء".
واعتبر النائب عمار العجمي في تدوينة لع على "تويتر" إعلان مجلس القضاء بقبول المرأة في سلك القضاء مخالفاً للأحكام الشرعية، ويكرس سابقة خاطئة ستسبب خللاً في عمل السلطة القضائية.
وأضاف: "نحن وإن عارضنا سابقا تسييس القضاء فإننا اليوم نؤكد على هذه المعارضة خاصة بعد القرار الاخير الذي صدر بعد ضغوط خضعت لها وزارة العدل بكل أسف"، مبينا أن تزامن القرار مع تشكيل المجلس الأعلى للقضاء يؤكد أن الآوان قد حان لتطوير القضاء ومنحه الإستقلال الفني الكامل والإداري والمالي.
وقال النائب الدكتور علي العميري في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر": "ان الموضوع يحتاج بحث شرعي ونأمل حسمه من العلماء وأخذ رأيهم قبل البدء به".
من جهته، قال نائب مجلس الأمة 2012 المبطل عبداللطيف العميري: "إن موضوع تولي المرأة القضاء ليس موضوع سياسي لنتجادل فيه بل قضية شرعية محسومة واجمع علماء الأمة على عدم جواز ذلك".
أما النائب الدكتور وليد الطبطبائي فأوضح أن اللجنة التشريعية لمجلس 2012 المبطل وافقت على عمل المرأة في النيابة العامة بشرط أن لايتم نقلها للقضاء لأن الشرع قصرالقضاء على الرجال كما قصرعليهم النبوة.
وقال النائب محمد هايف أن تعيين المرأة قاضية خطوة عير مدروسة سواء من الناحية الشرعية أو الأجتماعية ولذلك يجب على مجلس القضاء أن لا يتعجل فالمسألة محل خلاف وقد تلغى بقانون.