شهدت شوارع العاصمة المصرية القاهرة مبادرة شعبية لمكافحة التحرش الجنسي في أول أيام عيد الفطر، وهي المبادرة التي اعتبرها خبير اجتماعي ساهمت في الحد من تلك الظاهرة السلبية، التي عادة ما تزداد معدلاتها في أيام الأعياد. وتهدف مبادرة "امسك متحرش في العيد" التي أشرفت عليها حركتي "بصمة للتوعية المجتمعية"، و"بنات مصر خط أحمر"، إلى رفع وعي المصريين بخطورة التحرش الجنسي على الاستقرار المجتمعي، والتعريف بأن هذا السلوك جريمة يعاقب عليها القانون.
ووصفت المبادرة "عيد الفطر" بأنه موسم للتحرش"، مستشهدة بعدد من حالات التحرش الجماعي حدثت في كل من عيدي الفطر والأضحى العام الماضي، إلا أن شرطة العاصمة لم تتلق العام الحالي أي شكوى من تلك الظاهرة.
واستخدمت المبادرة فرق من اللجان الشعبية أخذت تطوف الشوارع والحدائق العامة ومترو الأنفاق ودور العرض السينمائية، بالقاهرة الأحد، لتوثق وترصد حالات التحرش الجنسي والمعاكسات من ذكور ضد فتيات ونساء.
وعن آليات عمل المبادرة، أوضح القائمون عليها عبر صفحتهم على "فيسبوك"، أن المجموعة الأساسية للمبادرة وعددها 15 شخصًا، بالإضافة إلى 40 شخصًا آخرين تطوعوا عن طريق "فيس بوك"، توزعوا إلى مجموعات داخل المترو، وعلى الأرصفة.
وأشاروا إلى أن هدفهم ردع المتحرش والإبلاغ الشرطة عنه للتعامل معه، حيث يتم تدريب المجموعة على كيفية التعامل في المواقف المختلفة مع المتحرشين لتوصيل الرسالة بشكل سلمي.
كما استعان فريق المبادرة بالملصقات واللوحات الإرشادية والتي تم لصقها في بعض المحطات الرئيسية لمترو أنفاق القاهرة، والتي تتميز بالازدحام والتكدس وخاصة أيام الأعياد، ومن أبرز تلك الملصقات "بلد فيها تحرش.. ماينفعش تبقى مصر"، كما رفعوا لوحة إرشادية مكتوب عليها؛ " لا للتحرش والمعاكسات..آن الأوان نقضي العيد بأمان".
وعن آليات عمل مجموعة الحدائق والمنتزهات والأماكن العامة تقول الناشطة بالمبادرة نانسي عمر، على صفحة المبادرة على "فيسبوك": "قسمنا أنفسنا إلى مجموعات مرتدين شعار "بنات مصر خط أحمر" لسهولة التواصل مع الجمهور ومع الضحية، وانقسمت كل مجموعة إلي أربع مجموعات وهم؛ مجموعة لتوثيق حالات التحرش، مجموعة للمساعدة في الإمساك بالمتحرش، مجموعة للمساندة المعنوية للفتاة ضحية التحرش، مجموعة لمساعدة البنت في الذهاب إلى أقرب قسم شرطة والتواجد معها حتى تحرير محضر.
و من جانبه، يقول الخبير الاجتماعي وأستاذ الطب النفسي محمد المهدي، إن "مثل هذه المبادرات من شأنها أن تروض المتحرش وتجعله يفكر مرتين قبل الإقدام على مثل هذا الفعل، وذلك لأن هناك رقابة مجتمعية ستقف له بالمرصاد، وهو ما يساعد في الحد من الظاهرة".
ويضيف المهدي لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء أن المجتمع عليه دور هام لمكافحة ظاهرة التحرش الجنسي وغيرها من الظواهر السلبية التي تسئ للمجتمع المصري؛ لهذا على المجتمع أن يرعى وينمّي في أبنائه ضوابط الضمير والضوابط الاجتماعية والضوابط القانونية للحفاظ على التوازن الصحي بين الدوافع والضوابط.
ويشير أستاذ الطب النفسي إلى أن المجتمع يحتاج أن يقي أبنائه وبناته شر التحرش، وأن يجنبهم آثاره؛ وذلك بتيسير إشباع الاحتياجات الإنسانية بطرق مشروعة، والحد من المواد الإعلامية والإعلانية المثيرة للغرائز، وترشيد الخطاب الديني الذي يصوّر المرأة على أنها "جسد شيطاني شهواني يجب تغييبه عن الحياة تماماً وعزله بالكامل داخل غرف مغلقة بعيداً عن أعين الرجال الحيوانيين".