أثارت أحداث رفح والعمل السافر والجبان الذي نفذه شرذمة من المعتدين والخائنين لله ورسوله وللمسلمين في الشهر الكريم، والذي راح ضحيته العشرات من خير أجناد الأرض أثناء استعدادهم للإفطار وسعادتهم بآذان المغرب وفطور صومهم، نحتسبهم شهداء في جنان ربهم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم للصائم فرحتان" وهم أخذوا الفرحتان عند فطورهم وأخرى لملاقاة ربهم شهداء أطهار بررة، وهو الأمر الذي آثار حفيظة الجميع حيث غلت الدماء في عروق الشباب والشيوخ والنساء وحتى الأطفال وانطلق الكل يتساءل ماذا لو سكتنا عن حقوق هؤلاء كما حدث من قبل! فما حكم الدين؟ أليست حرمة النفس من مقاصد الشريعة وموجبة للقصاص العادل والسريع الذي يحقق للناس الأمان والاطمئنان ويشفى غليلهم وغليل أسر الضحايا الأبرياء ،عرضنا تساؤلات الناس ورجل الشارع الغرباوي الغاضب على لجنة الفتوى بالغربية. يقول الشيخ محمد النواهلي، رئيس لجنة الفتوى بالغربية، ومدير عام وعظ الغربية، أن توجيهات الشريعة الإسلامية تعني بتنظيم حياة الناس وشئون المجتمع المسلم والحرص على تيسير متطلبات أفراده دون تقصير أو عنف وانفلات أخلاقي أو سلوكي، فجميع مقاصد الشريعة تراعي حرمة النفس والدين والعرض والمال الخاص وترفض كل أشكال الاعتداء عليها من بلطجة أو اغتصاب أو تعد بالقول أو الفعل كترويع الآمنين.
وشدد النواهلي، على أن دم المسلم على المسلم حرام، وأن الشرع نهى عن الإضرار بالناس، معتبرا الخارج على ذلك مجرما يستحق أشد العقاب تالياً قوله تعالى : "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا ..."، داعيا إلى إيقاع القصاص العادل لوجوب إيقاع العقوبة الرادعة، حفاظا على أمن الناس، وحماية لهم من الفساد والتخريب والبلطجة.
وأوضح النواهلي أن السكوت عن إيقاع هذا العقاب الواجب على المخربين يتعارض مع السنة الكونية التي خلقها الله للإنسان وقدرها له، مؤكدا أنه لا يتسنى لنا الحفاظ على هذه السنة إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مواجهة فساد الخارجين عن القانون والحرص على الصالح العام وتنمية منافع المسلمين.
وهذا وأكد علماء الغربية أن مواجهة المخربين والقصاص من مقاصد الشريعة، ويشيرالشيخ محفوظ المداح، رئيس الدعوة والإرشاد الديني بوعظ الغربية، إلى أن الإسلام حافظ على الإنسان وكرمه وحفظ عرضه وصانه من أي تدنيس، وجرم الدين القتل والتعدي على النفس بأي شكل، تجريما عظيما، حيث أوجب له عقوبة رادعة ضد فئة خارجة تبغي الفساد وإزهاق الأرواح، أو التعرض بالسرقة والقتل والترويع ونشر لغة الرهبة والخوف بين الآمنين، قال تعالى"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم"، وهذا جزاء العصاه والمتكبرين في الأرض بالبغي فالإسلام لا يعرف سوى التسامح والضمير واحترام الحقوق والواجبات وقد علم الإسلام الدنيا، قيمة الإنسان ونبل رسالته في إعمار الأرض ونشر الخير وعبادة الله والتعامل مع عباده بما يحمل لهم النفع والصلاح والجزاء العسير للباغين وقتلة النفس لأن هذا بغى وفجور وجبت مواجهته بلا هوادة، لو طبقت حدود الله سينعم البشر بالأمان، ولا يمكن تطبيق الجزاء إلا بعد التحقق من ثبوت الجرم وجزم الأدلة به، والجزاء السماوي عادل ومنهج حياة يُقصى الفوضى ويدعم حقوق الإنسان واستقرار حياة المسلمين وغيرهم فينشئ مجتمع المدنية الفاضلة في بقاع المعمورة.