قالت تقارير صحيفة بريطانية اليوم الأحد، أنه بالرغم من أن المواطنين السوريين المسيحيين ليس لديهم طموح للوصول إلى سدة الحكم في سوريا، إلا أنهم يمكن أن يكونوا بمثابة عامل التحفيز للأطراف المتحاربة للتفاوض ولعب دور أساسي للوصول إلى اتفاق سلام، مشيرة إلى أن السؤال الذي يشغل بالهم وخاصة أنهم من الأقليات في سوريا يكمن في ماذا سيحدث إذا سقط الرئيس السوري بشار الأسد في هذا الوقت؟. و لفتت صحيفة "الجارديان" البريطانية في سياق مقال أوردته على موقعها الإلكتروني، إلى أنه بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق اعترف الحلفاء الغربيون بأنهم لم يكن لديهم خطة لما بعد الحرب، مما جعل العديد يدفعون ثمن هذا وخاصة الأقليات العرقية.
وأوضحت الصحيفة أنه منذ سقوط صدام، فر مئات الآلاف من المسيحيين فضلا عن المسلمين من العراق خوفا من مواجهة العنف الطائفي والإرهاب..مشيرة إلى انه في الوقت الراهن يدعو الناس إلى تغيير النظام في سوريا من دون خطة واضحة ، وعلى هذا فقد تدفع الأقليات الثمن نفسه في سوريا.
ووصفت الصحيفة السوريين باعتبارهم "فسيفساء ديموجرافية" حيث تضم سوريا غالبية سكانية سنية بالإضافة إلى أقليات من الدروز والعلويين الشيعة والأكراد والمسيحيين.
والمسيحيون مثلهم مثل كل جماعة أخرى في المجتمع السوري ، لديهم عدة مواقف إزاء مجريات الأحداث هناك : فالبعض يقدم الدعم للنظام ، والكثير رفض الانجرار إلى الصراع، والبعض الآخر هم أعضاء عاملون في المعارضة السورية.
وأعربت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن اعتقادها بأن ربما يعتقد 95% من السوريين وخاصة المسيحيين، بأن العنف ليس الوسيلة لإحداث تغيير في البلاد، ففي حالة اللجوء للعنف فإنه لن يولد سوى العنف والانتقام ، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تدمير البلاد كما حدث في بلدان أخرى.
ومضت الصحيفة تقول : " أن معظم السوريين يخشون ما سيحدث بعد إسقاط النظام، خاصة في ظل تزايد حدة التعصب الديني في منطقة الشرق الأوسط..مشيرة إلى أن السوريين من كل دين يخشون إقامة دولة سورية ذات أفكار إسلامية راديكالية أو متطرفة".
ورغم ما يمكن أن يقرأه المرء في كثير من وسائل الإعلام الغربية، فإن سوريا تعد بمثابة منارة ثقافية ذات مجتمع علماني لديه جوهر من الروحانية العميقة، والاعتقاد السائد هناك هو أن " سوريا للجميع"..مشيرة إلى أن من شأن دولة أصولية أن تدمر تقاليد التعايش والانسجام الديني "على حد قول الصحيفة"، التي وجدت في هذا البلد منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية منذ ما يقرب من 100 عام مضت نال فيه السوريون استقلالهم ببحور من الدماء.
وأوضحت الصحيفة "أنه رغم القلق العارم الذي يحيط بالسوريين من استيلاء الإسلام الراديكالي على السلطة، إلا أن القلق الأكبر يكمن في عدم وجود نظام سياسي بديل ليحل محل النظام عندما يسقط فعليا، موضحة أن نظرا لما حدث في لبنان وليبيا والعراق، فإن الدولة بدون حكومة أو مؤسسات بديلة تحل محلها، يمكن أن تنزلق إلى أتون الحروب الطائفية والفوضى".
وتابعت الصحيفة البريطانية، معربة عن اعتقادها أكثر من أى وقت مضي بأن السبيل الوحيد لحل النزاع هو أن يجلس السوريون إلى طاولة الحوار والتفاوض، وعلى القوى الإقليمية والدولية أن تعمل على تسهيل وتشجيع هذا الحوار بدون المشاركة فيه، مشيرة إلى مؤتمر جنيف الدولي حول سوريا والذي رأت أنه كان يدور بين القوى الدولية ، وليس بين السوريين الذين يحتاجون إلى التوصل إلى اتفاق سلام وهو ما كان عكس هذا المؤتمر .
وخلصت صحيفة "الجارديان" البريطانية - في ختام تعليقها - إلى أنه نظرا لأن المسيحيين ليس لديهم طموح للوصول إلى الحكم في سوريا، الفكرة التي وصفتها"بالسخيفة"، فهم يمكن أن يضطلعوا بدور المحفز سعيا لصنع السلام ، وتشجيع جميع الأطراف ، على العمل سويا معا والتخلي عن الغرور والحلفاء الأجانب من أجل سوريا، مؤكدة على أن عملية السلام يتعين أن تكون دون شروط مسبقة، والوقت الراهن هو وقت التفاوض حتى لو في خضم الصراع،فالتفاوض بعد أن لقي عشرات الآلاف حتفهم هو أفضل من التفاوض بعد أن يلقى مئات الآلاف حتفهم.