أكد الكاتب والروائي الكبير بهاء طاهر أن مثقفي مصر كان لهم دائماً اليد العليا في رفعة بلادهم، وانتشالها من براثن التخلف والجهل، وتوقف طاهر عند كتابه "أبناء رفاعة" الصادرة طبعته الأولى عام 1995 للتدليل على ذلك. جاء ذلك خلال اللقاء الذي استضافته مكتبة الشروق أمس وتحدث به الكاتب الكبير، مشدداً على ضرورة احترام الرئيس الجديد الذي رغم اختلاف المثقفين معه، إلا أننا لا سبيل لدينا سوى احترامه لافتاً إلى ضرورة انتقاده إذا اخطأ.
تحدث طاهر عن رفاعة الطهطاوى الذي كان على رأس البعثة التى أوفدها محمد على إلى أوروبا لتحصيل العلوم، فشكّل رفاعة بعمامته ولحيته مظهراً غير مألوف للعامة من أهل الغرب، ومع ذلك استطاع الطهطاوي أن ينهل من العلوم الأمر الذي أعانه على تغيير و جه مصر، فهو أول من أشار إلى حقوق المواطنة.
ومن بعد رفاعة جاء الإمام محمد عبده، الذي يعد واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة؛ فقد ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر وبعث الوطنية وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية، وما أكد عليه محمد عبده هو حق المواطنين على الحاكم فى يسر الحال وحسن المعاملة.
أشار الروائي الكبير كذلك إلى قاسم أمين الذى ابدى كامل الامتعاض من صورة المرأة التى كانت سائدة فى مصر، وتهميش المرأة التي لم يكن يؤخذ برأيها في الزواج، وكان قاسم يرى أن تربية النساء وحريتهن هي الأساس لإقامة المجتمع المصري الصالح، فعمل على تحرير المرأة، ودعا لتحرير اللغة العربية من التكلف والسجع .
وانتقل بهاء طاهر الى طه حسين هذا الرجل الذى دعا إلى مجانية التعليم التى ما كانت لها أن تتحقق لولا جهوده، فحين دعاه رئيس الوزراء النحاس باشا إلى أن يكون وزيراً للتعليم أصر طه حسين على أن تكون أول القرارت التى يوقعها رئيس الوزراء هى مجانية التعليم.
ويرى طاهر أن هذه الانجازات تحققت لأن المجتمع كان يصغي لأصوات المثقفين، وكان الساسة يعتدون بالمثقفين وهو ما دفع سعد زغلول وهو زعيم الأمة إلى ان يتناول في مذكراته خلافه مع قاسم امين وكأنه نهاية العالم، كما أن زغلول حين تولى رئاسة الوزارة كان يعتبر العقاد أهم شخصية في حزب الوفد.
تابع الروائي الكبير قائلاً أن مكانة المثقفين بدأت تتآكل بعد نكسة 67، وحدث استغناء عن الثقافة والمثقفين، وفي عصر السادات ومن بعده مبارك أصبح المثقف كماً مهملاً لا حاجة له، وتم استبداله بالواعظ الديني، ومن ثم تم تغيير عقل الأمة، من محاولة التقدم الثقافي والازدهار إلى التوجه العقائدي الذي يعيد المجتمع إلى الوراء، رغم أن مثقفي مصر قاموا بنقلها من جحيم العصور الوسطى إلى العصر الحديث ثم تم الاستعاضة عنهم بآخرين ليقودوا الأمة إلى الخلف. ودعا طاهر المثقفين إلى العودة إلى دورهم الفاعل من جديد، وقراءة التاريخ خاصة أن مصر في أمس الحاجة إلى جهود مفكريها ومثقفيها، وهي على أعتاب مرحلة جديدة ومعركة حقيقية هي كتابة الدستور الذي لم تضم الجمعية التأسيسية لكتابته مثقفاً واحداُ.
أعرب طاهر عن تفاؤله بالقادم، مؤكداًً أن الثورة مستمرة، وان مصر ستجتاز هذه المرحلة الصعبة، التي تسيطر على مصر السطوة الدينية، لافتاً إلى أن أي سعي لتحقيق نهوض وقيام جديد، يتطلب استقلال مصر عن التبعية للغرب والتبعية للفكر الوهابي، داعياً إلى خوض الكفاح من اجل تحقيق مبادئ الثورة واولاها التحرر.
كذلك دعا بهاء طاهر المثقف إلى النزول إلى الشارع والالتحام بالشعب، وطرح أفكاره على الجمهور معتبرا أننا خسرنا جولة الرئاسة لكننا سنربح جولات اخرى، مؤكداً ان الثوار ارتكبوا خطأ فادحاً بتركهم الميدان يوم 11 فبراير، لأن تحالف الإخوان مع العسكر جعل مصر تسير في عكس الطريق.