احتد الجدل بين الشباب المشاركين في مؤتمر برعاية مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية ووحدة دراسات الشباب بجامعة القاهرة حول شكل دستور مصر القادم، وهل سيكون دائما أم يتم الإطاحة به بعد سنوات قريبة ، وهل يمكن أن تكون مصر دولة برلمانية في ظل صعود الإسلاميين كأغلبية عددية ، ما من شأنه الطغيان على تمثيل القوي السياسية المجتمعية بشكل عادل .
وانتقد د. محمد يونس عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور والذي تغلب عليه البرلمانيين الإسلاميين وحدهم وعلي رأسهم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مخالفة لفكرة التوافق المجتمعي التي تجعل الدستور دائما، وأكد أنه بالمنطق نفسه سيكون من حق اليسار يين لو شكلوا أغلبية برلمانية صياغة دستورهم الجديد . وقال البرلماني أن المادة 60 التي وضعها المجلس العسكري كانت متعجلة للغاية ، كما غيرها من القوانين مثل المادة 28 التي تحظر الطعن على نتيجة انتخابات الرئاسة ، وأكد أنه يجري حاليا طرح تصورات لجمعية تأسيسية معبرة عن الشارع المصري .
من جهة أخرى انتقد يونس تلهف القوى السياسية على اجتماعات المجلس العسكري، وكأننا نعيش في عصر مبارك الذي بيده حل كل شيء .
وقد افتتح المؤتمر مساء اليوم بحلقة نقاشية قدمتها الدكتورة نورهان الشيخ مدير وحدة دراسات الشباب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وميرفت قاسم مدير البرامج بالمؤسسة الألمانية . وألمحت قاسم إلى أن المؤسسة تتخذ اسم أول رئيس ألماني انتخب بطريقة ديمقراطية ، وهي معنية بالتثقيف السياسي للكبار وتتبع فكريا للحزب الديمقراطي الاجتماعي .
وقد أثارت كلمة ممثل حزب "المصريين الأحرار" جدلا بين الحضور، وخاصة حين أكد دعم قانون المحليات الجديد والذي يعطي صلاحيات أكثر للمجلس الشعبي المحلي للمحافظة ، بخصوص مناقشة الموازنة العامة واستجواب المحافظ لمناقشة مشكلات المحافظة لأن كل محافظة أدرى بمشاكلها . واعتبر جانب من المعترضين أن ذلك يفتح الباب لتفتيت المنطقة، وأنه سيكون من المتوقع فتح الباب للنوبيين أو أهل الدلتا وغيرهم ليشكلوا مناطق حكم ذاتي .
وردا على ذلك أكد شوقي أن الحزب يحافظ على الدولة المصرية وهوية مصر المدنية ، وأن هذا التفسير فهم مغلوط ، وأن القانون يعطي الحق فقط للتركيز على مشكلات كل محافظة من جانب أهلها أنفسهم.
في كلمته ، أكد أحمد سامر الناشط بحزب الجبهة الديمقراطية على ضرورة مقاومة الدستور القادم بعد الثورة للتمييز الديني أو العرقي أو الجنسي . ورأى سامر أن الانتخابات الأخيرة تم إدارتها بشكل طائفي بحت ، فكان هناك من يسمى مرشح الكنيسة ومرشح الإسلاميين، وذلك رغم أن العمل السياسي لا علاقة له بديانة الشخص . كما اعتبر أن البرلمان الحالي لم يراعي هموم المرأة المصرية ، بل بالعكس طرح قضايا تنتقص من حقوقها التي اكتسبتها مثل قانون الخلع وتقليل سن الزواج وحضانة الطفل .
ومن الناحية الاقتصادية، رأى الناشط أن مصر لابد أن تطبق حزمة قوانين تجمع بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي، أي تشجع دعم محدودي الدخل ودعم الاستثمار وفتح الأسواق الجديدة في الوقت نفسه .
كما أكد المتحدث ضرورة احترام الدستور المقبل للميثاق العالمي لحقوق الإنسان، لا أن نجد أيام مبارك أن من يخرج عليه يصبح عمله تهديدا للأمن القومي، واليوم م يعترض يقال له أنت ضد الدين وضد الإسلام .
واعتبر سامر أن تغليب فكرة الدولة البرلمانية خطر ، لأن الثقافة التي يختار على أساسها أعضاء مجلس الشعب غائبة، ولابد أن نأخذ وقتا لا يقل عن عشر سنوات حتى يصبح البرلمان هو السلطة التنفيذية ، ورأى أن توضع السلطة التنفيذية في يد الحكومة ، على أن يسائل البرلمان الحكومة، وألا يكون من حقه سحب الثقة منها، بل لابد أن تكون للحكومة صلاحيات كاملة وأن يكون عقابها لو فشلت ألا ينتخبها الشارع .
أخيرا علق سامر بقوله : نحن نعيش حالة احتقان طائفي وخرجنا لتونا من كبت سياسي، وهذا الجو سيجعل الدستور الذي يوضع الآن غير دائم وإنما مؤقت لعدة سنوات ، ومن الأشياء الإيجابية أن وعي الشارع يزداد ، فقد أعطى 10 ملايين مصري صوته لجماعة الإخوان في الإنتخابات البرلمانية، وتراجع العدد لخمسة ملايين فقط في الانتخابات الرئاسية بعدما لم تنجح تجربة الإخوان داخل البرلمان .
وعن حزب التجمع ، تحدث محمد علي مؤكدا دعم الحزب للحريات والمواطنة . وقال أن الدستور الجديد لابد أن يضمن عدم انتهاك كرامة المصريين على يد الشرطة ومعاملتهم بشكل لا آدمي. وأن يكفل حرية بناء دور العبادة للمسلمين والمسيحيين، وأن تكون الصحافة والإبداع لهم حرية كاملة ، مع ضرورة كفالة حرية النقابات والأحزاب ، كما أكد على ضرورة توفير الدولة ميزانية كافية للبحث العلمي
وأشار ممثل حزب المصريين لتشجيع الحزب للاستثمار وعدم التمييز بين المواطنين المصريين على أساس اللغة أو اللون أو العرق أو الدين , ويؤكد الحزب على حرية البحث العلمي والأدب والتعبير خاصة في ظل طبخ قوانين في مجلس الشعب تهاجم الفن. وبالنسبة لنظام الحكم يؤكد الحزب أن المزاج السياسي يتحول للبرلمان الرئاسي ولكن لابد أن يكون هناك توازن زكي بين السلطات الثلاث .
أخيرا حذر الحزب عبر ممثله من قانون مرتقب لتعيين رؤساء تحرير الصحف القومية في منتصف يوليو وستكون كارثة لأن هناك تيار مهيمن على مجلس الشعب حينما يعين رؤساء التحرير ستكون ردة ورجعة للزمن المظلم ، على حد قوله .
كريم محروس ممثل حزب "الخضر المصري" قال أن حزبه ضد الأيديولوجيات الليبرالية والاشتراكية، ويدعم الفكر الواقعي العملي ورعاية كل من دون الستة عشر عاما باعتباره استثمار في البشر ، والمضارين وهم كل من تسببت قوانين الدولة في تعاسته كأهل النوبة وغيرهم ، وأخيرا المهمشين والمعاقين .
الدكتور محمد يونس عضو اللجنة التشريعية لمجلس الشعب قال أن الدستور يتعرض للحظة مخاض صعبة ، وأساس المأزق هو الإعلان الدستوري المادة 60 وهذه المادة صياغتها لم تكن موفقة بالمرة . والمادة 60 تقول أنه بمجرد اعداد الدستور يطرح للاستفتاء خلال أسبوعين، تخيلوا كيف يستطيع المواطن المصري فعل ذلك، رغم أن متخصصا دستوريا يعجز عن فعل ذلك خلال 15 يوما .
وقال يونس أن المجلس العسكري حافظ على وحدة مصر وعدم خضوعها للتقسيم ، وهي حسنة كبيرة قدمها لمصر ، ولكنه يقع في أخطاء كثيرة أخرها فكرة الإعلان الدستوري المكمل الذي سمعنا أنه ينوي إقراره رغم وجود البرلمان الذي هو المخول الوحيد بالتشريع في مصر بحكم الإعلان الدستوري الأول نفسه . وأكد من جانب آخر أن كل من قال نعم أو لا للتعديلات الدستورية ، صوت على شيء ليس على أرض الواقع ، لأن المصريين صوتوا على تسع تعديلات على دستور 71 وفوجئوا بإعلان دستوري من 60 مادة يتم تطبيقه بلا مبرر .
من جانب آخر أكد يونس أن الدستور لا ينبغي أن نخشى منه، إذ أن العبرة في تطبيقه، فدستور أمريكا يعطي صلاحيات كاملة لرئيس الجمهورية ومع ذلك لا يستطيع الاستبداد بالحكم لأن هناك نظام يمنعه من ذلك . وفي مصر لو دققنا في الدستور الذي كان مطبقا في عصر مبارك سنجد أنه يحرم الاعتداء على الأشخاص ودور العبادة أو انتهاك حريتهم ويشدد على ذلك، ومع ذلك كانت الشرطة تطلق يدها بلا أي رادع وتنكل بهم ، فالعبرة بالتطبيق وليس النص وحده .