ألوان الحضارة يكشفها الفنان لطفي أبو سرية محيط – رهام محمود يعود الفنان المصري لطفي أبو سرية الذي يعيش في بلجيكا إلى الوطن ليقيم معرضه الخامس والثلاثين بقاعة "بيكاسو" بالزمالك تحت عنوان "ألوان الحضارة"، ويضم فيه 50 لوحة أنتجها في مراحله المختلفة ، إضافة ل21 لوحة مرسومة على ورق البردي وكتيب يضم أعماله الصغيرة البالغة 88 لوحة أغلبها بورتريهات. هناك لوحتين معروضتان كان الفنان قد أنتجهما ضمن مشروع تخرجه عام 1964 وكانتا تعبران عن تهجير أهالي النوبة. والفنان تأثر بزيارة له لمنطقة النوبة لمدة عشرة أيام رسم خلالها اسكتشات كثيرة عن النوبة وأهلها ومبانيها، واستمع لحكايات الأجداد هناك وانبهر بأسلوبهم في الزي والطعام وعاداتهم في الأفراح وغيرها من المناسبات، وكفنان أعجب بهارموني الألوان الواضح في البيئة النوبية وكذلك التعاملات الإنسانية الحميمة ، وحصل الفنان عن هذا المشروع على درجة الإمتياز مع مرتبة الشرف . بالمعرض مجموعة من اللوحات عن "الجرنة" تلك البلدة التراثية في الأقصر التي تبنى وسط الجبل، بعضها رسمه الفنان بالألوان الباستيل الزيتية، والبعض الآخر بألوان الجواش، وقد قرر الفنان رسم تلك البلدة حينما قررت الدولة هدمها في عام 2007 وكان وقتها في زيارة للأقصر، ولذلك حاول أن يوثق المباني في لوحاته. وقال الفنان ل"محيط" : المرأة تظهر كثيرا في أعمالي لأن لها احتراما خاصا في كل الديانات، فالسيدة مريم لها سورة في القرآن وهي مقدسة عند الأقباط، كما أن الدين الإسلامي يقدر المرأة ومن ذلك وصية الرسول (ص) للصحابي الذي سأله عن أحق الناس بحسن صحابته ، فرد عليه : "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك". فالمرأة مسئولة عن حالة الدفء في البيت وتربية الأطفال ، وبفضلها تكون الأسرة كلها سعيدة، وهي تركيبة خلق الله بها جمال الصوت والملامح ، وإذا نظرنا لوجه امرأة حزينة سنجد به عناصر عمق وراحة أيضا. في لوحة "الرمانة" يتناول الفنان فكرة الحماية الإجتماعية، فالرمانة تشبه في اللوحة مخ الإنسان وبها فصوص مثله ويحيط بها عظام لحماية المخ وكذلك الرمانة، وقد صور الفنان فتاة تحمل في يدها مفتاح البلد وهو رمز حمايته ، حيث نشاهد في خلفية اللوحة مبنى قديم يعود للقرن الثالث عشر ويرمز لبروكسل، ويدخل في التكوين عناصر موسيقية وعناصر تحمل معنى الحماية . ونشاهد في لوحة أخرى امرأة ينزل من كتفها مفرشا عليه ما يشبه الطبيعة الصامتة، ومن رقبتها شلال مياه له خرير يوحي بالموسيقى . وفي لوحة درامية أخرى صور الفنان سيدة ترتدي ملابس مرسوم عليها لوحة "الجورنيكا" التي رسمها بيكاسو، وهي تعبر عن الحرب الأهلية في بريطانيا، وفي دائرة الشعر رسم جميع أنواع الموسيقي والفن من الشرق والغرب، وكانت تحت عنوان "العالم يغني رغم..." أي رغم الحروب. في لوحة "العدالة"، صور الفنان فتاة تفتح عينيها وأخرى عيناها مغلقتان بعصابة ، ونرى في الخلفية رموزا تمثل المحامي الذي بدل رأسه الإنساني بالثعلب ! كما ربط اسم محام باللغة الفرنسية "أبوكاتو" بفاكهة "أفوكاتو" في إشارة لإنعدام القيمة، وتتضمن اللوحة أيضا عناصر تمثل مشكلات العصر، كتلك التي بين الرجل والمرأة ممثلة في الميزان. أما لوحة "الوحدة" فهي تمثل امرأة وحيدة في الحياة، خلفها توجد رموز للوحدة، فهي تمسك بمرآة دلاله على أنها تتحدث مع نفسها طوال الوقت، كما يوجد ساعة بدون عقارب دلالة على أوقاتها التي لا تمر. كما يوجد رموز كالكوتشينة والساعة الزمنية، وفي الجزء الأيمن من اللوحة يوجد ثلاثة صقور صورهم الفنان على أنهم المستغلين الذين يحاولون استغلال المرأة سواء جنسيا أو عاطفيا فهي مهددة منهم؛ ولذلك يرسمهم بشكل قاس ليست به ليونة أو نعومة، فهم يتسمون بصفة الاعتداء. وفي لوحة "العيون السود" رسم الفنان على امرأة على كتفها كمانجة واستخدم الكتابة بالخط الكوفي فوق اللوحة ومنها كلمات من أغنية "العيون السود" لعبد الحليم حافظ. افتتاح المعرض يضم المعرض خمس لوحات جرافيكية "حفر بالألوان"، ويستخدم الفنان الوسائل العادية في الحفر ولكن بأسلوب حديث في التطبيق كي يحمل اللوحة تشكيلات معينة في اللون والتكوين. اما اللوحات الصغيرة المرسومة على البردي فتبرز من خلالها مهارة الفنان في حشد العناصر بمساحة صغيرة، وصلت لأن يرسم خمسة أشخاص على ورقة 9 مليمتر × 4.5 سنتيمتر. في بعض الأعمال استخدم الفنان محاليل كيماوية بدلا من الألوان، وخلط تلك المحاليل على النشافة يخلق مجموعات لونية جمالية تبدو كالألوان الطبيعية في أحجار المرمر والصخور وغيرها ، وتحتاج من الفنان لحرص شديد لأنه لا يصلح إجراء تعديل عليها كما أنها لا يجب أن تمس جلد الإنسان. أما عن مرحلة الموسيقى فقد استخدم الفنان فيها آلة من كل بلد، كالبيانو، الكامنشي، الكامنجا، القانون، السكسفون، الكورة، والطبلة، وآلة الشامسن في اليابان، كما رسم الفنان الوجوه معبرة عن كل بلد. وتوجد لوحتان في المعرض اسماهما الفنان "طبيعة صامتة حية"؛ حيث أن الفنان يضيف للطبيعة الصامتة لمسة من الحياة كي تتحرك، ففي لوحة صور نصف الآلة بيانو ونصفها الآخر كمانجة. كما توجد وردة قطعت وطارت في السماء، وتحولت إحدى ورقاتها إلى فراشة، كما أن ال نوت الموسيقية خرجت منها الكتابات لخلفية اللوحة، وفي لوحة أخرى ظهر شخص جالس لكسر رتابة الطبيعة الصامتة، وهناك آخر يدخل من على بعد من بوابة يدخل خلالها النور الذي يضيء الطبيعة الصامتة . كما عرض أبوسرية بعضا من لوحاته ذات الأسلوب الرمزي والتعبيري، فبينها لوحات عن الكتابة التي استخدمها من جميع أنحاء العالم، والوجوه التي تتصدر كثير من اعماله، وهذه الأعمال تتناول فكرة الحضارة ، ويقول الفنان ل"محيط" : الحضارة لها لون واحد، وهي وإن كانت تختلف بين شعوب العالم وتتغير سماتها الجغرافية والثقافية وفي كافة مظاهر الحياة بما فيها الدين ، وكل منها يحمل طعما مختلفا، إلا إنها جميعا تقوم على الإنسان . من لوحات المعرض .. لوحة البخت