شعراء : المدينةالمنورة أول مدينة فاضلة عرفتها البشرية محيط – علي عليوة احتفالية الدورة العاشرة لجائزة شاعر مكة شهدت القاهرة افتتاح فعاليات احتفالية جائزة فقى وندوتها العلمية بعنوان " المدينةالمنورة فى الشعر العربي" برعاية وزير الثقافة المصري والدكتور احمد زكي يماني وزير البترول السعودي الأسبق ورئيس مؤسسة يماني الثقافية حيث تم الإعلان عن الفائزين بجائزة شاعر مكة محمد حسن فقي في دورتها العاشرة لهذا العام . وأوضح الدكتور احمد زكي يماني أن هيئة الجائزة أحسنت باختيار ، المدينةالمنورة ، موضوعا لاحتفالية هذا العام ، لما تتمتع به المدينةالمنورة وتمتاز به من بين مدن العالم الإسلامي ، بل مدن العالم كله ، فهي التي وضع وطبق بها أول دستور عرفته البشرية ، كما أنها العاصمة الأولى للدولة الإسلامية برئاسة الرسول صلى الله عليه وسلم . كما لفت يماني إلي أن المدينةالمنورة هي أول بلد في العالم يعرف معنى "المواطنة" وتم تطبيق هذا المفهوم قبل أن تتوصل إليه البشرية في العصر الحديث ؛ فالجميع في مجتمع المدينة كانت لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات أيا كان دينهم سواء كان مسلم أو مسيحي آو يهودي ، كما تمتعوا بالأمن والأمان في المال والعرض والعقيدة . وأوضح أن المدينةالمنورة هي البلد الذي نزلت فيه أحكام الشريعة الإسلامية اذ هبط الوحي في مكة وبقي فيها الرسول صلي الله عليه وسلم منذ بعثته إلي هجرته يدعو إلي وحدانية الله تعالي وعبادته ثم ذهب إلي المدينة حيث طبقت الأحكام الشرعية وتطبعت بها صفات أهلها .
كما أشار إلي أن الهدف من جائزة شاعر مكة هو نشر الثقافة الشعرية والنقدية والتقدير الأدبي والمعنوي للفائزين لافتا إلي أن لجنة تحكيم الجائزة تتشكل من علماء من مختلف الدول العربية وقامت باختيار الأعمال الفائزة بعد تدقيق ودراسة. أدب المدينة من جانبه أكد الدكتور احمد كشك ، العميد السابق لكلية دار العلوم ، والمشرف على الدورة العاشرة للجائزة التي تبلغ قيمتها فى كل فرع 20 ألف دولار أمريكي وفاز بها في فرع نقد الشعر الناقد المصري الدكتور يوسف نوفل ، أستاذ النقد بجامعة عين شمس ، عن كتابه " هجرة الطير من القول إلى التأويل ، و في فرع الشعر ، مناصفة من مصر كل من الشاعر ، مسعود حامد ، عن ديوانه الأخلاء ، والشاعر ياسر أنور ، عن ديوانه " ورقة في بريد المتنبي أن جهود المشاركين ، من أدباء ونقاد ومفكرين كبار أوضحت ما للمدينة المنورة من مكانة عالية في النفوس ، وان الدراسات التي قدموها ، تغطي قدر الإمكان مدى زمنيا طويلا منذ هجرة الرسول صلى اله عليه وسلم ، حتى الآن . وقال د. عاصم حمدان ، أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة في بحثه بعنوان ، " مدرسة الشعر الملحمي والوطني في بيئة المدينةالمنورة ، منذ القرن الثاني عشر الهجري حتى القرن الرابع عشر الهجري أعلامه ، بواعثه ، قسماته الفنية " أن الحركة الأدبية في المدينةالمنورة في القرن الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر الهجري ، تميزت ببروز تيار شعري يغلب عليه الحديث عن الشأن السياسي الذي كانت تعاني منه بيئة المدينةالمنورة ، في هذه الفترة الممتدة من بداية القرن الثاني عشر. وأضاف بأن تلك الفترة عاش فيها أحد رواد هذا الشعر وهو السيد جعفر البيتي (1110-1182ه)، والمتواصلة في القرن الثالث عشر حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري، حيث عاش شعراء تعرّض إنتاجهم الشعري لهذا الهم السياسي وهم : عبدالجليل برادة (ت 1327ه - 1909م)، وإبراهيم الأسكوبي (1262-1332ه)، ومحمد العمري (ت 1365ه)، وعبيد مدني (ت 1396ه) وقدم د. عاصم حمدان ، في بحثه دراسة للشخصيات الشعرية ملقيا الضوء على بعض جوانب حياتهم الاجتماعية والفكرية ، مما يمكن أن يكون له تأثير في إبداعاتهم الشعرية ، كما استعرض نماذج من النصوص التي تمثل هذا الفن المتميز من الشعر السياسي والوطني ، وكذلك السياق السياسي الذي نتجت عنه هذه النصوص والقي الناقد والكاتب السوري د . وليد مشوح بحثا بعنوان " المدينةالمنورة تجلي المعاني والأمكنة في الشعر العربي " قال فيه : إن الشعر قد عرض لفظاً إلى معالم المدينةالمنورة وشواهدها عندما تعرض الشعراء لقصة الهجرة، أو عرضوا لطيب الإقامة في ربوعها، وفي ذلك العرض تجلت المعاني التاريخية والإيمانية النابعة من أعماق الوجدان تلميحاً، يحمله الشعور تجاه هذه المدينة المقدسة. كما أشار إلي أن المدينة أخذت خصوصيتها من حركة الهجرة التي بثت معاني الإيمان والإخاء والتكافل الاجتماعي، ودفعت بالذات الإنسانية المؤمنة المسلمة إلى القناعة مروراً بالتسليم، وانتهاءً بالتوحد مع القناعة بخروج هذه المدينة من المعنى الجغرافي، ودخولها في المعنى العقيدي المعتقدي الشامل، الذي ما عاد يخص العرب كأصحابها، بل تعداهم إلى المسلمين كافة كأصحاب عقيدة لهم الحق فيها من خلال إسلامهم وإيمانهم. وأضاف : من معالم المدينةالمنورة ، التي كثر ورود ذكرها في الشعر العربي عبر عصوره المختلفة: المسجد النبوي، الروضة الشريفة ، والمنبر الشريف، ومسجد قباء ، ومسجد الفتح ، ومسجد الإجابة ، ومسجد القبلتين، وكذلك نخيل المدينة وثمرها المبارك: ولفت د. وليد مشوح في بحثه الانتباه إلى أن المدينةالمنورة ، تجلت تاريخاً وأمكنة وحراكاً في الملاحم الشعرية ، مؤكدا انه على خلاف وهْمِ الواهمين ، أن الشعر العربي لا يعرف فنَّ الملحمة؛ فلقد وجدنا قصة العرب منذ جاهليتهم الأولى، وقصة إبلاغ الوحيّ الرسالة ، للرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قصة الجاهلية الأخيرة في ملحمتين اثنتين على الأقل، أولاهما للشاعر المصري المبدع أحمد محرم، وثانيتهما للشاعر الليبي "الذبياني". ناهيك عن المطولات الشعرية التي صيغت بأسلوب القص السردي التقريري المباشر، إضافة إلى المطولات الشعرية الخالدة التي تواضع مؤرخو الأدب ونقّاده على وسمها بالأماديح أو المدائح النبوية . من جانبه قدم الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود بحثا بعنوان " المدينةالمنورة في شعر عبيد مدني " حيث رأى أن أفضل من يكتب عن المدينة ، هم أبناؤها الذين عاشوا فيها وأخلصوا لها وتفانوا في حبها وعاشت في سويداء قلوبهم وعبروا عن هذا العشق شعراً ونثراً. الشاعر مدني ومن هؤلاء المدنيين الشعراء – يضيف -ابن المدينة البار الشاعر والمؤرخ عبيد عبدالله مدني رحمه الله ، الذي ولد (1324 ه – 1396 ه ) في المدينةالمنورة، من أسرة ينتهي نسبها إلى الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما، وفيها نشأ وتربى وانتقل بعد ذلك إلى المدرسة الراقية، فتخرج منها، ثم أخذ يتلقى العلم في المسجد النبوي الشريف على يد الشيخ محمد الطيب الأنصاري. وركز د. الربيع في بحثه علي نقطتين أساسيتين متلازمتين هما ، قدسية المكان ، وتجليات الأحداث ، وبالنسبة إلي " قدسية المكان " ، أكد الربيع أن المدينةُالمنورةُ تشكل عالماً خصباً رحيباً في شعر عبيد مدني، ويُمكننا أن نُلاحظ تجليات هذا الحب للمكان في إبداعه الشعري في ديوانه الشعري «المدنيات»، ويُمكن الإشارة إلى أن هذا العنوان يشير إلى شخصية القائل (مدني) الذي ينتسب إلى المدينةالمنورة، بقدر ما يكشف عن فضاء شعري متيم بالمدينةالمنورة : مكاناً، وناساً، وحضارةً، ومُشاركةً في صُنعِ الحياة ، ويأتي المكان دالاً في البيت الذي يُصدر به ديوانه، وقد ترك له صفحة واحدة، وأحاطه بأزاهير تُمثِّل قوساً منفتحاً على صفحات الديوان يمم قباء وجوِّل في مغانيها واستشعر الروحَ من ريَّا حواشيها وفي قصيدته " الروضة النبوية المقدسة " يشير إلى مكان من أطهر الأمكنة، بقوله في الأبيات الأولى القداساتُ والهدى والجلالُ والعناياتُ والسَّنا والجمالُ والطهاراتُ والمنى والتجلي والشعاعاتُ والجدى والكمالُ تَرحلُ النفْسُ والحجى والسؤالُ كلُّها ها هنا وإليها أما الدكتور محمد عبد الرحمن الربيع فقد ابرز في ورقته البحثية التي ألقاها نيابة عنه الدكتور فريد عبد الظاهر وكيل كلية الآداب بجامعة جنوبالوادي فرع أسوان ، تجليات الأحداث في شعر عبيد مدني ، مختتما بحثه ، بابراز تعلق روح الشاعر والاديب بالمدينةالمنورة ، وإبرازه حبه لها في شعره ، وانه لا يعدل المقام بارضها الطاهرة الطيبة ، باي مكان وبلد آخر مهما بلغت روعة طبيعته . و قدم الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم " ابو همام " ، الأستاذ بكلية دار العلوم بحثا بعنوان " المدينةالمنورة في الشعر الأندلسي " ، أشار فيه إلي أن الأندلسيين ، لاذوا ولهجوا بذكر المدينة والحنين إليها ، وإن كانت بلادهم فردوسا ، لأن فى الأرواح ظمأ لا تطفئه إلا نظرة طامحة ، إلى هذا المعراج الروحي ، ولهذا كانت المدينة رمزا وواقعا ، أو رمزا تحقق0 وتمثل هذا الحنين الجارف إليها فى التمسك بمذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس . وكان عمل أهل المدينة عنده من أسس الأصول الفقهية ، حيث كان الناس ناسا ، أو كانت لهم أجساد البشر وأجنحة الملائكة ، وكان عملهم ذاته تشريعا يحتذى على الأقل أيام الإسلام والمسلمين الأولى . وأضاف بأن الأندلسيين – عموما – حتى الأسبان الآن فيهم كسل لذيذ ، وإقبال على الحياة ، وعدم صبر على معالجة قضايا الفكر الدقيق ، ولم تتخلف هذه القاعدة إلا لدى نفر ممن تأثروا بثقافات وافدة ، وأهل الثغور الإسلامية – عامة – يفزعون إلى المنابع الأولى والأصيلة ولذلك اعتنقوا مذهب الإمام مالك ، كأن لسان حالهم يقول: إن لم نكن نحن فى قلب العالم الإسلامي ، فإننا فى القلب منه سلوكا وحيطة ، وارتباطا بالمهابط الأولى .