التئمت اليوم اجتماعات القمة العربية الثالثة والعشرين في العاصمة العراقية وهى أول قمة عربية دورية تعقد في بغداد بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 وهو ما يفتح الباب أمام التساؤل عن اختيار بغداد لعقد القمة الدورية وعن الظرف السياسي المعقد الذي ما زال العراق يرزح فيه بكل طوائفه وفئاته. وكان اللافت هو حضور 10 رؤساء عرب من أصل 22 ، وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور عربي متواضع قياسا بالقمم السابقة التي كان التمثيل الرئاسي فيها أكثر. وبالنظر إلى تصريح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيبارى أن هذا التمثيل في مثل هذه الظروف والأوضاع التي تمر بها الدول العربية هو نسبة جيدة، وإن الأهم من ذلك هو التمثيل ومناقشة كل القضايا والتطورات على المستوى الدولي وما يحدث من تطورات في سوريا وأمن دول الخليج والممرات المائية ، نجد أن القيادة العراقية الحالية تبنت قضايا أخرى عربية وتناست تماما القضية الأولى وهى استقرار العراق التام والمصالحة الشاملة بين طوائفه المختلفة. ولا ندرى كيف تغاضت الجامعة العربية وعلى رأسها أمينها العام الدكتور نبيل العربي عن مبدأ رفض إقامة القمة في بلد، حتى وإن خرج منه الاحتلال رسميا فلا زال مسيطرا على كل أركانه، مما يعطى شرعية للاحتلال الذي قدم بالحكومة العراقية الحالية، بل ويعطى شرعية أيضا لتلك الحكومة. وتناقش بنود القمة تسعة بنود منها تطورات الوضع في سوريا، واليمن، والصومال، والقضية الفلسطينية ومستجداتها، والصراع العربي الإسرائيلي، والجولان السوري المحتل، والتضامن مع لبنان ودعمه ، وغاب عن منظمو القمة تماما استقرار الوضع العراقي وكانت القمة تعقد في بلد آخر خارج إطار المنظومة العربية المثقلة بالهموم، وعلى رأسها الشأن العراقي . وعودة على تصريح للسفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس في فبراير عام 2009، حينما أكدت أن الالتزام بإنهاء الحرب في العراق لا ينتقص بأي شكل من تأييد أمريكا الطويل الأمد لتمتع العراق بالسيادة والاستقرار والديمقراطية والرخاء بحيث يكون قوة داعمة للسلام في منطقة مضطربة ، لأن العراق ما زال قضية لها أهمية بالغة بالنسبة للولايات المتحدة، لكنها قضية ستتبع الإدارة نهجا جديدا بشأنها ، نجد أنه أيضا رغم إعلان الانسحاب الأمريكي الرسمي من العراق فلا زال الاحتلال كامنا في كل مفاصل الدولة العراقية. والمشكلة الحقيقية التي لازال العراق يعيش فيها هي ما تمثلت في إعلان القائمة العراقية على لسان المتحدث باسمها النائب حيدر الملا أنها سوف تقوم بطرح موضوع الخلافات السياسية الداخلية العراقية وتدخل بعض دول الجوار فيها في القمة العربية، وأنه لابد من التدخل العربي للحد من النفوذ الإيراني وحل الأزمة السياسية في العراق. وبحسب ما كشفت عنه صحيفة " واشنطن بوست " الأمريكية في 16 مارس الجاري من وجود تقارير إخبارية تتهم نورى المالكي رئيس الوزراء العراقي، وهو شيعي، باستمالة حكومته تجاه جارتها إيران والتي تقوم على سلطة شيعية، وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن المالكي أصدر في اليوم التالي من مغادرة القوات الأمريكية العراق، مذكرة اعتقال بحق نائب الرئيس طارق الهاشمي ،وهو سني، متهما إياه بارتكاب جرائم ذات الصلة بالإرهاب، نجد أن ذلك يعبر في دلالة بالغة على أن العراق مازال يعيش الفرقة والتناحر العرقي الطائفي. وشبكة الإعلام العربية " محيط" إذ تذكر الجميع بالخطأ الذي ارتكبته الجامعة العربية عندما أضفت الشرعية على الغزو الذي تعرض له العراق وما نتج عنه من عملية سياسية غير مكتملة الأركان ، تؤكد أنه كان الأجدر رفض إقامة القمة في العراق في هذا الظرف الأمني والسياسي البالغ الحساسية ، وتشدد على أن استقرار العراق وإجراء مصالحة تامة بين كافة طوائفه هو المبدأ الأساسي قبل قبول إقامة أية قمة عربية ربما قد لا تعود نتائجها بفائدة تذكر إلا إضفاء المزيد من الشرعية على حكومة المحتل.