بدأ الجدل والحديث عن من سيخلف البابا شنودة الثالث في مسؤولية إدارة كنيسة الإسكندرية أو الكرازة المرقصية التي يعود عمرها إلى ما يقرب من ألفي عام ؛ منذ أن أصيب البابا شنودة الثالث بوعكة صحية شديدة أجري على أثرها عملية حقن مجهري للفقرات القطنية وتوفى على إثرها . فيبدو أن الذين كانوا حول البابا شنودة كان لديهم إحساس أن البابا هذه المرة سيهزمه المرض ، فأعدوا أنفسهم لاستقبال المرحلة القادمة في ظل غياب البابا ، فمن هنا بدأت التساؤلات حول من سيخلف البابا شنودة الثالث ويحمل على عاتقيه مسئولية البابوية وإدارة كنيسة الإسكندرية. ويقول باحثون في شئون الكنيسة إن الأمر ليس بالسهل والاختيار صعب للغاية ؛ كون منصب البابا يظل مرتبطا بالشخص الذي تم اختياره حتى يموت ، ولا يمكن تغييره بقرار سياسي أو كنسي طالما ظل مرتبطاً بالكرسي. فاختيار البابا يخضع للائحة 1957 م التي تضع شروطاً للبطريرك الجديد التي تتخلص في أن لا يقل سنة عن 40 عاما ، وأن يكون قد مضى في سلك الرهبنة بالأديرة مدة لا تقل عن 15 عاما ، وأن يكون مصرياً ولم يسبق له الزواج ، سواء أكان أسقفا أو راهبا أو مطرانا. أما لجنة الترشيح فتتكون من 9 أشخاص من المجتمع المقدس و 9 أشخاص من هيئة الأوقاف القبطية ، وتجتمع لجنة الترشيح وتفتح بابا الترشيح ويتقدم من تتوافر فيه الشروط ، وتجرى بيتهم الانتخابات ويؤخذ أكبر ثلاثة يحصلون على أعلى الأصوات ثم يتم الاختيار بينهم " بالعناية الإلهية " عن طريق طفل . اتجاهات حول كرسي البابوية هناك محللون سياسيون قاموا برصد ثلاثة اتجاهات في الصراع المقام على ساحة الكنيسة للفوز بمنصب البابوية ، فرصدوا الاتجاه الأول بمرشح مجموعة البابا نفسه ، وأكدوا أن تلك المجموعة تمتلك الكثير من الصلاحيات والأصوات بحكم سيطرتها على الكرسي لمدة طويلة. أما الاتجاه الثاني فتمثل في التيار المنفتح على أمريكا والمهجر ، ورأى المحللون السياسيون أن هذا الاتجاه يتمتع بنفوذ كبير نظراً للدعم المالي والسياسي الذي يتلقاه من المهجر. والاتجاه الثالث يرى ضرورة الابتعاد عن السياسة وعدم ممارستها وعودة الكنيسة إلى سابق عهدها في الاقتصار على الأمور الروحية ، وأكد المحللون السياسيون أن هذا الاتجاه بلا شك سيحظى برضاء المؤسسات المصرية. من هو خليفة البابا شنودة ..؟ قال الناشط الحقوقي والمثقف العربي عبد الله قاسم الشرعبي ل ( محيط) ، أنه ليس من السهل أن نجد شخصيه تخلف البابا شنودة فلقد كان البابا شنودة يظهر بمظهر خاص لن نجده في غيره فكان يحمل قلب المواطن المصري بداخل صدره ويتصرف على هذا الأساس فلا يفرق بين المسيحيين والمسلمين في المصلحه العامه. ووجه الشرعبي رسالة إلى من سيخلف البابا شنودة حيث قال "على من سيخلف البابا شنودة الثالث أن يفكر ألف مره ويتعمق في حياة البابا شنودة لكي يستطيع ان يستخلص حقيقة ما حققه الراحل من التعايش السلمي بين الديانتين وترابط القلوب بين ابناء الوطن الواحد". وختم عبد الله قاسم الشرعبي حديثة بالإشارة إلى أن جميع الأطراف الدينيه والسياسية بداخل مصر وخارجها في انتظار خليفة البابا وهذا يدل على أن الموضوع ليس بعلم ديني توفي و يأتي آخر ليقود الشعائر بدلاً عنه بل أن من رحل هو علم انساني وقيادي لجميع ابناء هذا الدين . فالبابا شنودة الثالث أحبه كل المصريين ليس الأقباط فحسب وكان له شعبية ومكانة خاصة بقلب كل مصري واستطاع أن يحقق كاريزما قبطية متميزة ، وأجزم البعض أن مثل شخصية البابا شنودة لن تتكرر. فالجدل القائم الآن لا يقتصر على من سيخلف البابا شنودة الثالث فقط ، بل قائم على هل من سيخلف البابا سيكون له كاريزما خاصة وأسلوب مميز في مسك زمام الأمور كلها وإحكامها بمسك العصا من المنتصف. فعلى الرغم من صعوبة تحديد من شخصية وأسم معين لخلافة البابا شنودة ، إلا أن الساحة القبطية بها كثير من الشخصيات التي كانت حول البابا شنودة وعلى علم بأمور الكنيسة وشئونها الداخلية والخارجية ، فالأهم هو من ستختاره العناية الإلهية لشرف تلك الخلافة. فهناك ثلاثة أسماء من الأساقفة اختارهم البابا شنودة كسكرتارية خاصة له ، هم (الأنبا بطرس والأنبا يؤانس والأنبا آرميا ) ، الذين صاحبوا البابا خلال الفترة الأخيرة في كل ما يقوم به من زيارات خارجية ورحلاته العلاجية ، وكان يعتمد عليهم البابا في كل لقاءاته ومقابلاته. "الأنبا يؤانس" ارتبط اسمة بشائعة خلافته للبابا شنودة مما جعل البعض داخ الكنيسة يطالبوا بمحاكمته بتهمته تورطه في نشر تلك الشائعة لكن يؤانس نفي الموضوع ؛ وأمتاز الأنبا يؤانس بقربه الشديد من البابا وتوسطه في كثير من القضايا بين نظام مبارك السابق والكنيسة. أما " الأنبا أرميا " ترددت حوله شائعة حول إحالته إلى محاكمة كنيسة عاجلة بسب ما قيل عن تورطه في شائعة وفاة البابا يوم 22 أغسطس 2011م ، وتميز الأنبا آرميا بالغموض ولا يعرف عنه الكثير من المعلومات. وظهرت عدة أسماء أخرى على الساحة خلال الفترة الأخيرة منها الأنبا رويس مستشار البابا الروحي الذي شارك في بعض اللقاءات التي جمعت البابا بشخصيات عامة، والأنبا بولا أسقف طنطا الذي أختاره البابا ليكون نائبا عنه في رئاسة المجلس الإكليريكي الذي يختص بنظر قضايا الطلاق والزواج الثاني ، والأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة رئيسا للجنة الإعلام بالمجتمع المقدس والذي كان المتحدث الرسمي للكنيسة. الأقرب إلى كرسي البابوية هناك شخصيتان هما الأقرب إلى كرسي البابوية وهما الأنبا بيشوي و الأنبا موسي ، فالأنبا بيشوي هو أسقف دمياط وسكرتير المجمع المقدس وكان له دور كبير في الكنيسة لكنه كثير العداوات وله كثير من الخصوم في الكنائس الكاثوليكية والإنجيلية وداخل الكنيسة الأرثوذكسية ، وبالرغم من هذا فالبعض يطلق عليه لقب ( حامي الإيمان وصخرة الكنيسة). أما الشخصية الثانية هو الأنبا موسى الأسقف العام للشباب فهو كان دائما ذراع البابا للحوارات الوطنية ، ويتميز الأنبا موسى بشعبيتة الكبيرة ووداعته وقربة من الشباب لذلك أطلق عليه لقب ( أسقف الشباب )، كما أنه يتمتع بالقبول لدي الكنائس الأخرى على عكس الأنبا بيشوي. تلك التفاصيل المكشوفة في ساحة الكنيسة لم تحسم الجدل ولا التصارع على الفوز بخلافة البابا شنودة الثالث فالجدل أثير بمرض البابا الأخير وازداد إثارة بموته ، فالكل توقع حدوث هزة كبيرة وصراعات في الكنيسة المصرية بغياب البابا شنودة ، لأن نتيجة تلك الصراع لم تحسم كثير من الأمور والقضايا التي سيكون لها تأثير على مستقبل الكنيسة المصرية فحسب بل ستشكل الحياة السياسية في مصر خلال الفترة القادمة.