أكد ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أن إنشاء لجنة لتقصي الحقائق في الأحداث التي شهدتها البلاد في فبراير ومارس من العام الماضي، كان حدثا فريدا في المنطقة والعالم على حد سواء، وكانت توصياتها واسعة النطاق، ويمثل تنفيذها تحديا كبيرا في حد ذاته. وقال عاهل البحرين في كلمة خلال احتفال أقيم بالقصر الملكي فى المنامة اليوم الثلاثاء، تحت رعايته، تسلم خلاله تقرير اللجنة المعنية بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق المستقلة إن اللجنة الوطنية حرصت على التطبيق الأمثل للتوصيات وفق المعايير الدولية وبالتشاور مع الخبرات العالمية من أمثال الدكتور محمد شريف بسيوني والسير دانيال بيتليم.
وأضاف "إننا تعهدنا منذ تسلمنا تقرير لجنة تقصي الحقائق فى نوفمبر الماضي بعدم تكرار تلك الأحداث المؤلمة فى وطننا الحبيب".
وتابع أن التقرير خلص إلى اتخاذ الحكومة خطوات مهمة في انتهاج الشفافية المستمدة من قيم الديمقراطية، وتم وضع الآليات الإدارية والقانونية اللازمة لتنفيذ ما يتطلب تحقيقه من خطط متوسطة وطويلة الأجل، وإصلاح القطاع الأمني والقضائي، وتحسين المناهج التعليمية، ووضع خطة مفصلة لإصلاح الإعلام ، والعمل من أجل ضمان إعادة الموظفين الى أعمالهم.
وأشار إلى أن التقرير خلص أيضا إلى وضع خطط التعويض لضمان توفير سبل الإنصاف للمتضررين في أقرب وقت ممكن، وبدء برامج لتحقيق لم الشمل الوطني في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وإنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات بوزارة الداخلية، وإنشاء مكتب مستقل للمفتش العام بجهاز الأمن الوطني، وإنشاء وحدة تحقيق خاصة للمساءلة في الأحداث التي وقعت العام الماضي.
وقال ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسي آل خليفة إن تقرير اللجنة طالب الحكومة بالإسراع في الإنجاز والجودة في العمل وهو ما ندعو إليه ونتمناه في جميع أعمال الحكومة وليس في تنفيذ التوصيات فحسب، قائلا "إن الدولة وإن كانت ترعى إعمار دور العبادة ورعايتها فإننا نوجه إلى استمرار العمل وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها ، وذلك بالتنسيق بين وزارة العدل والشئون الإسلامية ودائرتي الأوقاف والجهات ذات العلاقة حتى لا تتكرر نفس الأخطاء السابقة".
ووجه ملك البحرين إلى جميع الإجراءات الممكنة للإسراع بحصول المتضررين من أحداث العام الماضي على تعويضات عادلة، كما أكد أهمية إنجاز جميع القضايا التي تتعلق بحرية التعبير دون تأخير لا لزوم له والتي تكون في إطار القانون ولا تتضمن تحريضا على العنف، أيا كانت صفة مرتكبها أو مهنته.
وطالب الحكومة بأن تضع ذلك في برنامج عملها للمتابعة المثلى للتوصيات والتأكد من تنفيذها في جميع المراحل، كما طالب ممثلي الشعب بمجلس النواب أن يقوموا باختصاصهم الأصيل في متابعة ومراقبة تنفيذ الحكومة لخططها في هذا الشأن. وأوضح ملك البحرين أن تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق يعكس التزام البحرين بالإصلاح في مختلف المجالات، قائلا إن الإصلاح ينبغي ألا يتوقف، فالتطور هو سنة الحياة، ونريد لشعبنا أن يشعر بالتغيير الحقيقي والملموس الذي تعكسه هذه الإصلاحات في حياتهم، والتحديات التي ستواجهنا خلال الأشهر القادمة هي كيفية ترجمة ذلك إلى تغيير ملموس في ثقافة المجتمع.
وقال ملك البحرين "إننا نمد السمع والبصر في ذات الوقت إلى مختلف التجارب العالمية لنستقي منها ما ينفع شعبنا ويحافظ على وحدتنا وقوة مجتمعنا ، دون اقصاء لأحد ، أو تغليب مصلحة فئة على فئة ، فالوطن للجميع .. وأبواب الحوار كانت وستظل مفتوحة".
وأضاف أن ما يؤثر على استقرار البلاد يؤثر على سيادتها ، ويفتح الباب للتدخل الأجنبي، فالدول لا تنشد الاستقرار لمصلحة الاقتصاد فحسب ، وإنما تنشده لحماية سيادتها وكيانها، ولن نفرط في ذلك أبدا.
وأضاف أن المسئولية الوطنية تقع أيضا على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ليقوموا بدورهم المطلوب في المشاركة والرقي بالممارسة الديمقراطية وفق القانون والنظام العام.
وتابع أن على الجميع أخذ العبر مما مر بنا من أحداث، والاستفادة من التجربة، والمضي نحو المستقبل بخطى واثقة، ونوايا صادقة.