ما جاء على لسان أحد الحاخامات اليهود بشأن فتوى الشيخ يوسف القرضاوي بتحريم زيارة القدس لغير الفلسطينيين، تلك الفتوى التي جاءت ردا على الدعوة التي وجهها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للعرب والمسلمين لزيارة القدس في مؤتمر القدس الدولي الذي انعقد بالدوحة منذ فترة ،يعبر تعبيرا واضحا عن العقلية المراوغة حيث أعرب الحاخام راب ليئور، والذي يعد الأكثر تطرفا بين الحاخامات على الإطلاق، بأن فتوى القرضاوي ما هى إلا دلالة دينية واضحة على وجود هيكل سليمان أسفل الأقصى وعلى أحقية اليهود بالقدس كعاصمة لإسرائيل، داعيا المسلمين بالالتزام بتلك الفتوى التي وصفها بالتاريخية. وهذا التصريح من أحد أشهر الحاخامات اليهود ليس بغريب على الشخصية اليهودية التي وصفها الله عز وجل في كتابه الكريم بأنها الأشد جدلا، وأنها توظف كل البدائل والاختيارات لخدمة مصالحها وأهدافها، وقد رأينا ذلك في سورة البقرة حين جادلوا سيدنا موسى طويلا في أوصاف البقرة المكلفون بذبحها مظهرين أنهم ينتوون تنفيذ ذلك الأمر الإلهى وهم في واقع الأمر يجادلون للتهرب من تنفيذه، كما نذكر حيلتهم الغريبة حينما حرم عليهم الصيد في يوم السبت حيث قاموا بنصب شباكهم يوم الجمعة وذهبوا لأخذ ما بها من خيرات يوم الأحد، وهم الآن يسيرون على نفس الدرب فهم المستفيد الأوحد من دعوة عباس التي تنسجم تماما مع المصالح الإسرائيلية لكونها تضفي شرعية واعترافا لاحتلال القدس والاستيلاء على المسجد الأقصى وهذا ما يؤكده لجوء المسلمين إلى أخذ التصريح من السلطات الإسرائيلية لزيارة الأماكن المقدسة، كما أن هذه الدعوة تصب في صالح الاقتصاد الإسرائيلي فهؤلاء الزائرون المزعمون سيستبدلون عملاتهم بالعملة الإسرائيلية، كما أنهم سيدفعون رسوم تلك التأشيرات للسفارات الإسرائيلية بالإضافة إلى رسوم استخدام المطارات والموانئ الإسرائيلية، ناهيك عن شرائهم للسلع الإسرائيلية وشغلهم للفنادق الإسرائيلية مما يعني امتلاء الخزينة الإسرائيلية من المال العربي، كما أن الاستجابة لتلك الدعوة يمثل فرصة ذهبية لإسرائيل للظهور بمظهر المتسامح مع الآخرين والمحترم للديانات الأخرى وهم في الحقيقة غير ذلك. من جهة أخرى فهم يحاولون أن يكونوا أيضا المستفيد الأوحد من الأخذ بفتوى القرضاوي التي تدعم الحفاظ على المصالح الإسلامية في القدس عن طريق رفع الغطاء القانوني للاحتلال بعدم زيارة القدس، وكذلك تكسب المسلمون تعاطف الشعوب الأخرى معهم لكونهم غير قادرين على زيارة أحد أقدس الأماكن بالنسبة لهم كنتيجة مباشرة لهذا الاحتلال، وكانت وسيلة تلك المحاولة ذلك التصريح الغريب لهذا الحاخام "اليهودي". هكذا جعلت العقلية المراوغة والانتهازية، التي بسببها لعن الله تعالى اليهود، الموقف فى صالحها فى جميع الأحوال فإن اعتمدنا فتوى القرضاوي الصائبة وقاطعنا زيارة القدس قالوا إن هذا اعتراف بأحقيتهم في المسجد لكونه مبنيا على هيكل سليمان المزعوم، وإن أجبنا دعوة عباس قالوا إن هذا اعتراف بأحقيتهم في المسجد والقدس بدليل الحصول على التأشيرات الإسرائيلية قبل دخول تلك الأماكن. وبذلك يكون الجدل حول فتوى زيارة القدس من عدمها أمرا لا جدوى من ورائه وكأنها بالنسبة لليهود "تجيبها كده، تجيلها كده، هى كده" فهم يتصرفون ولسان حالهم يقول "افتوا بما شئتم فنحن المستفيدون دائما".