1- لكل ثورة ثورة مضادة, و لأن الثورة عمل منظم فإن الثورة المضادة لها هي أيضا عمل منظم و قد تكون أكثر تنظيما و انضباطا من الثورة نفسها, و كما أن الثورة تؤسس لبناء نظام ثوري على المستوى الداخلي و الإقليمي والدولي , كذلك فإن الثورة المضادة تعمل على إسقاط الثورة لتظل الأوضاع الداخلية والإقليمية و الدولية كما هي قائمة على التبعية و الاستبداد و الاستغلال و الفساد, لذلك فإن قوى الثورة المضادة لا تنحصر فقط في قوى الداخل التي ارتبطت مصالحها ووجودها بالنظام السابق و إنما ينضم إليها و يتوحد معها قوى إقليمية و دولية كانت مرتبطة مع النظام السابق من خلال شبكة مركبة من العلاقات. 2- تنطبق الفقرة السابقة على الثورة المصرية و كل ثورة , لأن هذا هو علم الثورة , فالثورة عمل علمي و ليست عمل عشوائي فوضوي, و لأنها كذلك , فإن المهمة الأولى لطلائع الثورة هي (التوحد الثوري) الذي يقوم على التنوع في إطار الوحدة الثورية , و التناغم الثوري حول الهدف الثوري الواحد بديلا عن التنافر و الصراع , و لكي تتمكن الطلائع الثورية من الوصول إلى هذه الصيغة الثورية عليها أن تتوحد نظريا و استراتيجيا, أن تتجمع حول ميثاق عمل ثوري يكون مرشدا لبناء النظام الثوري داخليا و إقليميا ودوليا, هذا التوحد الاستراتيجي لكي يتحقق في الواقع يتطلب تحقيق وحدة التخطيط على المدى الطويل و المتوسط و القصير , و يتطلب وحدة الهدف الاستراتيجي و التكتيكي والراهن, و يتطلب وحدة القيادة الثورية , باختصار نحن لكي نتمكن من أن نحقق الانتصار الثوري في حاجة إلى جبهة وطنية يقودها مجلس وطني ثوري , هذه هي القضية رقم (1). 3- لم تصل الثورة المصرية إلى هذه الحالة الثورية بعد , لا نظرية ثورية واحدة و لا جبهة ثورية واحدة ولا خطة واحدة ولا هدف واحد, إنما تنافر وصراع و اقتتال , هذه الحالة التي عليها الثورة المصرية و قواها لا تهدد الثورة فقط بالسقوط أمام قوى الثورة المضادة و إنما الأخطر من ذلك تهدد وجود مصر ذاتها, هذه الحالة غير الثورية التي تعيشها الآن الثورة المصرية لا تحتاج إلى تفصيل, فهي حالة تسمع و ترى كل يوم بل كل دقيقة و تغطي أخبارها كل وسائل الإعلام بل و حتى الأسوار والجدران, لم يعد يرى الثوار إلا أنفسهم و ما يكسبون , و غاب الشعب المطحون المظلوم في خلفية الصورة , فأصبح على وشك الانقلاب على الثورة و أصبحت الثورة على وشك السقوط, إن الثوار لا يملكون المنهج الثوري الموحد لقوى الثورة و الطلائع الثورية فقط , و إنما أكثر من ذلك أصبحوا يفتقدون حتى القدرة على رد فعل تجاه قوى الثورة المضادة, افتقدوا حتى الروح الثورية ووضعوا أنفسهم في صيغة المفعول به, و أصبحت قوى الثورة المضادة هي الفاعل , في ظل هذا المناخ انشغل الثوار بالسفاسف من الأمور بدلا من أن ينشغلوا بالقضايا الثورية الكبرى و تصحيح مسار الثورة و توسيع و تعميق مساحاتها و قواها, هذه السفاسف التي ينشغل بها الثوار صغيرة و لكن مخاطرها كبيرة لأنها تهدد الوجود المصري ذاته وهوية شعبه . هذه هي القضية الخطيرة رقم (2). 4- هذه هي الحالة التي تعيشها الثورة في مصر , تقابلها حالة مغايرة تماما تعيشها الثورة المضادة لها, فقوى الثورة المضادة كلها سواء في الداخل متمثلة في نزيل المركز الطبي العالمي و نزلاء طره المرفهون و جهاز المباحث الجنائية و جهاز مباحث أمن الدولة و رجال المجلس العسكري و فلول الحزب الوطني و رجال الأعمال الفاسدون منهم و البلطجية التي هي زراع البطش و الإرهاب لهذه القوى, و سواء في المحيط الإقليمي العربي متمثلا في عدد من الدول المرتبطة بإسرائيل و أمريكا و الغرب , و سواء في المحيط الدولي متمثلة في أمريكا و الصهيونية و الدول الغربية, هذه القوى المضادة للثورة المصرية لا تنشغل بسفاسف الأمور , و إنما تنشغل بهدف واحد كبير و خطير وهو إسقاط الثورة المصرية و اعتقالها و تحويلها إلى حالة من الفوضى والثورة المضادة التي تؤدي إلى هدم الوحدة المجتمعية لمصر و من ثم تفتيت مصر وتحويلها إلى مجموعة من الدويلات الطائفية و العرقية, إن كان هذا الكلام عصي على التصديق فتذكروا أن حسني مبارك قال "أنا و الفوضى" ووصف الصهاينة بأنهم "أخوة" , ووصفه للمقاومة بأنهم أعداء يريدون سيناء , و تذكروا و دققوا في كل الجرائم والمذابح التي ارتكبت على مدار العام السابق من الثورة, و التي توجوها بعمليات السطو المسلح المكثفة و مذبحة بورسعيد, إن كل هذا يدل بوضوح أن قوى الثورة المضادة أصبحت تشكيل عصابي كبير له إستراتيجية تستهدف تقويض مصر و إسقاطها, هذه الإستراتيجية يتوفر لها وحدة التخطيط و الهدف و القيادة . 5- هل من المعقول والمقبول أن تكون أمريكا قاهرة مصر و العرب و ناصرة الصهيونية و إسرائيل هي الراعي الرسمي للثورة ! و هل من المعقول و المقبول أن تكون بريطانيا و فرنسا صاحبتي معاهدة سايكس بيكو 1916 ووعد بلفور عام 1917 و تسليم فلسطين للعصابات الصهيونية وقت الانتداب و دورهما في حروب 1948 و 1956 و 1967 و 1973 و داعمي الحرب على لبنان في 2006و الرصاص المصبوب على غزة في أواخر 2008 و أوائل 2009 هما رعاة الثورة! إنه لمن الأسف الشديد أن العديد من القوى المحسوبة على الثورة المصرية تعتقد ذلك و تجهر به, و جرت في هذا المجرى المضاد للثورة العديد من الفصائل المحسوبة على العديد من الثورات العربية الأخرى تحت مسميات الليبرالية و حقوق الإنسان , إن هؤلاء قوم من المنافقين متواجدين في الصفوف العليا من الثورة, و هم جزء من الثورة المضادة بل هم الأخطر داخل كيانها , إنهم يزيفون الباطل أمام الناس ويضلونهم, و يحولون العدو إلى صديق و الأخ إلى عدو. إن ما ذكر في الوثيقة الصهيونية عن إستراتيجية الكيان الصهيوني في الثمانينات و التي تحدثت تفصيلا عن تفتيت مصر و الدول العربية و دول الجوار الإسلامي و كذلك وثيقة الأمن القومي الأمريكي لعام 2003 و التي أكدت على ما جاء في الوثيقة الصهيونية من تفتيت البنية التحتية للمجتمعات العربية تحت مسمى الفوضى الخلاقة التي هي على صلة نسب بالأناركية التي يرفعها البعض كل هذا يؤكد على ما نقول في وحدة قوى الثورة المضادة ووحدة إستراتيجيتها و هدفها , إن البلطجية و اللصوص و أمن الدولة و الأمن الجنائي والفلول و رجال الأعمال و عصابة طره و المركز الطبي العالمي و عدد من رجال المجلس العسكري و أمريكا و إسرائيل و أطراف عربية و غربية , كل هؤلاء يصطفون و يتوحدون على اعتقال الثورة و مصر و إسقاطها , و سوزان ثابت هي مسئولة الاتصال الرئيسية. 6- إن هذا الخلط و التمازج و الارتباط بين الأفكار والنظريات و الاستراتيجيات الثورية و الثورية المضادة , و هذا التمازج بين قوى الثورة و قوى الثورة المضادة يحتم علينا أن نحدث ثورة في الثورة لنطهرها و ننقيها من كل النجاسات العالقة بها,فتحدد منهجها الثوري و قواعد بنيان نظامها السياسي والاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و التربوي و التعليمي و الإعلامي , الذي يحقق التقدم لبلدنا و شعبنا في إطار من الحرية و العدالة و الكرامة و الشفافية والطهارة, لتعود مصر قلبا لأمتها و درعا لعقيدتها , حاملة رسالة التحرر و الحرية ومقاومة كل أشكال الاستكبار و الهيمنة و الاغتصاب و أن تكون سياستها الإقليمية والدولية انعكاسا اميناً لكل ذلك . إن مهمة انجاز ذلك – عمل ثورة داخل الثورة – بهدف إنقاذ الثورة من السقوط في مستنقع الفوضى و التفكيك ليس في استطاعة فصيل أو حزب بعينه , و إنما هي في استطاعة كل من يؤمن بضرورة المهمة , إنها مهمة "الجبهة الثورية الوطنية" و لذلك فأنني أوجه نداءا لكل من يريد أن ينقذ الثورة بالتواصل والاتفاق على لقاء للبدء في التنفيذ , إننا نعلم علم اليقين أن الثورة قد تم سحبها بعيدا عن الطريق الثوري و تم وضعها على الطريق الإصلاحي الذي يؤخر و لا يقدم , وهذا بسبب التداخل ة التمازج بين قوى الثورة التي تريد إسقاط النظام بالتمام والكمال و القوى الإصلاحية التي تريد بقاء النظام و إدخال بعض التحسينات عليه , ونعلم أن ميزان القوى لا زال يميل لصالح القوى الإصلاحية بسبب هشاشة القوى الثورية وعدم قدرتها على التعبئة الثورية للجماهير , و كذلك نعلم التداخل في العلاقات بين قوى الثورة المضادة و القوى الإصلاحية و القوى الثورية , و نعلم أن هذا التداخل هو السبب في حالة الفوضى و الجرائم و المذابح التي ترتكب , و هي السبب في تحويل طره إلى منتجع و المركز الطبي العالمي مركزا لقيادة الثورة المضادة و الاستمرار المتزايد في إفقار الناس و تجويعهم , إن المطالب الجزئية لن تحل المشكلة و إنما ستفاقمها , إن الحل في عمل ثورة في الثورة و تشكيل الجبهة الثورية. .. [email protected]