دمشق: تسعي الدول الغربية بالعمل في الضغط على مجلس الأمن الدولي لحثه على اتخاذ خطوات عاجلة لإنهاء العنف الجاري في سوريا ، فيما أفادت تقارير اخبارية بمقتل نحو 100 شخص امس الاثنين في أعمال عنف ومواجهات بين قوات الجيش السوري ومنشقين عن النظام في عدة مدن . وقال رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي في مؤتمر صحفي "إننا مستاؤون من الفظائع والقمع الذي يرتكبه النظام السوري ونحض أعضاء مجلس الأمن الدولي على اتخاذ التدابير الضرورية لإنهاء القمع".
وتدعم الدول الغربية خطة عربية تنص على وقف العنف ونقل سلطات الرئيس السوري بشار الأسد إلى نائبه بهدف نقل السلطة سلميا في هذا البلد الذي يشهد احتجاجات مناوئة للأسد منذ أكثر من عشرة اشهر قابلتها أعمال قمع من النظام أسفرت عن مقتل أكثر من خمسة آلاف شخص بحسب تقديرات الأممالمتحدة.
ويسعى وزراء خارجية غربيون الثلاثاء في الأممالمتحدة إلى تجاوز الجمود الذي يسود مجلس الأمن الدولي حيال سوريا لكن لا يتوقع إجراء تصويت حول مسودة قرار يدعمها الأوروبيون والدول العربية ، بحسب دبلوماسيين.
إلا أن مسؤولا فرنسيا قال إن اقتراح الجامعة العربية بإصدار قرار من مجلس الأمن بحق سوريا لقي دعم ما لا يقل عن 10 أعضاء، مما يعني أنه قد يمكن طرحه على التصويت غدا الثلاثاء.
ويحتاج النص إلى دعم تسع دول من أصل أعضاء مجلس الأمن ال 15 ليطرح على تصويت وأعلنت باريس رسميا مشاركة وزير خارجيتها آلان جوبيه في جلسة الثلاثاء، التي سيشارك فيها كذلك وزيرا خارجية بريطانيا وليام هيج والولاياتالمتحدة هيلاري كلينتون ونظيريهما الألماني والبرتغالي.
وتوقع دبلوماسيون في مجلس الأمن أن تعرقل روسيا والصين مجددا أي مشروع قرار يدين القمع في سوريا عبر استخدام حق النقض كما فعلا في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن المقرر أن يوجه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورئيس الوزراء القطري الثلاثاء مناشدة لمجلس الأمن المؤلف من 15 دولة لدعم خطة الجامعة التي تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بتسليم سلطاته لنائبه تمهيدا لإجراء انتخابات حرة.
ويشكل اجتماع الثلاثاء فرصة "لإثبات وحدة المجتمع الدولي" بخصوص سوريا لكن "المفاوضات ستتواصل لاحقا" بهدف التوصل إلى اتفاق في المجلس "في أسرع وقت ممكن"، وفق ما أكد دبلوماسي غربي.
وحشية النظام
في غضون ذلك ، دعت الولاياتالمتحدة دول العالم إلى اتخاذ قرار قوي للتصدي إلى ما وصفته ب "وحشية النظام السوري".
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن الرئيس السوري بشار الأسد فقد " السيطرة وبات سقوطه أمرا حتميا".
من جهته قالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية في بيان صادرعنها في وقت سابق أمس الاثنين أن بلادها تشجب وتصف تصاعد العنف الذي يرتكبه النظام السوري بحق شعبه في سوريا بأشد العبارات.
سوريا ترفض
وفي المقابل، رفضت السلطات السورية الانتقادات الأمريكيةوالغربية، قائلة انها ستهزم ما سمته ب"محاولات اجنبية لنشر الفوضى".
ونقلت وكالة الأنباء السورية " سانا " نقلا عن مصدر بوزارة الخارجية قوله "ان عدائية التصريحات الامريكيةوالغربية تتزايد بشكل فاضح ضد سوريا والتي لا يمكن لاحد ربطها بعد الان بالعملية الاصلاحية الجارية فيها والتي لطالما ادعت أمريكا وأتباعها الحرص عليها".
وفي هذا السياق ، لا تزال روسيا الحليف الأهم لسوريا تعارض استصدار قرار دولي لإدانة العنف الجاري في سوريا وإنهاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي جينادي غاتيلوف " ان روسيا لن تؤيد مشروع القرار الغربي في مجلس الأمن حول سوريا".
ووصف نائب وزير الخارجية مشروع القرار بأنه " غير متوازن ويفتح الباب أمام التدخل في شئون سوريا الداخلية".
والجدير بالذكر ان طرح مشروع قرار للتصويت في مجلس الامن يحتاج الى تأييد تسعة على الاقل من اعضائه الخمسة عشر لكنه مع ذلك قد لا يعتمد اذا اعترض عليه اي من الاعضاء الخمسة الدائمين باستخدام حق النقض "الفيتو".
ويشار الي ان بريطانيا كانت قد دعت السلطات الروسية الى تغيير موقفها تجاه دمشق .
واضافت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الروسي ديفيد كاميرون قائلة "نعتقد ان على الاممالمتحدة ان تتحرك لدعم شعب سوريا وانه لم يعد بامكان روسيا ان تقدم اي مبرر لعرقلة الاممالمتحدة وتوفير غطاء للقمع الوحشي الذي يمارسه النظام السوري".
وكانت روسيا قد سعت إلى الحيلولة دون اجراء تصويت سريع في مجلس الامن.. قائلة انها تريد دراسة توصيات المراقبين العرب في سوريا قبل مناقشة خطة الجامعة العربية التي تهدف الى انهاء الازمة المستمرة منذ ما يقرب عام .
وقالت موسكو ايضا ان دمشق وافقت على الاشتراك في محادثات في روسيا ..لكن عضوا بارزا بالمعارضة السورية قال ان المعارضة لن تشارك في مثل هذه المحادثات.
واضاف برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري ان المعارضة السورية مستعدة لقبول دعوة موسكو وبدء التفاوض مع نظام بشار الأسد شرط تنحيه عن الحكم .
وأكد غليون انه التقى السفير الروسي لدى الاممالمتحدة و ابلغه بان المعارضة مستعدة لتقديم الضمانات التي تحفظ المصالح الروسية في سوريا.
مزيد من القتلى
وعلى الصعيد الميداني، أفاد نشطاء سوريون ان نحو 100 قتيل سقطوا امس الاثنين في أعمال عنف ومواجهات مسلحة في عدة مدن سورية معظمهم في حمص. وبدوره ، اعلن المجلس الوطني السوري "يوم حداد وغضب عام" الثلاثاء .
وقال المجلس في بيان "صعد النظام السوري من جرائمه بحق المدنيين مستغلا الغطاء الذي توفره له بعض الأطراف الإقليمية والدولية، وتلكؤ المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات عاجلة لتأمين الحماية اللازمة للسوريين بكل الوسائل المتاحة". واضاف "لقد شن النظام الدموي (الاثنين) حملة قتل وإرهاب واسعة أدت إلى استشهاد 100 سوري بينهم أطفال ونساء وأفراد أسرتين كاملتين في حمص والرستن، مستخدما الدبابات والاسلحة الثقيلة في قصف الأحياء المدنية، وموسعا نطاق استهدافه لمناطق واسعة في حمص وحماة وريف دمشق والغوطة الشرقية". وتابع ان المجلس وبالتنسيق مع قوى (الحراك الثوري) يعلن الثلاثاء "يوم حداد وغضب عام على ضحايا المجازر الوحشية لنظام الطغمة الأسدية". ودعا "المساجد إلى رفع أصوات التكبير والتهليل، والكنائس إلى قرع الأجراس، وإلى رفع الصوت عاليا بهتافات التنديد بالنظام وجرائمه والأطراف التي تؤمن له المساندة والدعم ليواصل عمليات القتل والإرهاب والتنكيل التي يقوم بها".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 40 شخصا قتلوا بمدينة حمص ومدينتي القصير والرستن بمحافظة حمص.
وفي الوقت ذاته قتل 9 آخرون في عدة بلدات وقرى بمحافظة درعا.. فيما شهدت محافظة ريف دمشق مقتل 5 أشخاص.
وأضاف المرصد أن 10 من جنود الجيش السوري الحر بينهم ضابط برتبة ملازم اول قتلوا الاثنين في معارك في محافظات ادلب وحمص ودرعا وريف دمشق.
وفي المقابل قتل ستة من عناصر الأمن السوري في هجوم على حافلة صغيرة كانت تقلهم في مدينة الحراك بمحافظة درعا إضافة إلى مقتل 25 جنديا في الجيش النظامي السوري خلال اشتباكات وهجوم على حواجز في ريف دمشق وحمص وريف حماة.
وأوضح نشطاء سوريون أن القوات السورية قتلت ما لا يقل عن 25 شخصا خلال اقتحامها الضواحي الشرقية للعاصمة دمشق لاستعادة السيطرة عليها من أيدي المنشقين على الجيش.
وأضاف النشطاء أن العدد يشمل 19 مدنيا قتل أغلبهم في قصف بمدافع الدبابات والمورتر وستة من افراد الجيش السوري الحر المعارض.
وتابعوا، ان القتال انحسر بحلول الليل بعدما بسطت وحدات عسكرية من جيش الاسد سيطرتها على التجمعات الحضرية المتاخمة للمنطقة الزراعية المعروفة باسم غوطة دمشق وتراجع الجيش السوري الحر.
ولا يمكن التحقق من التقارير الواردة من سوريا حول القتلى نظرا لأن السلطات السورية تفرض قيودا على الصحفيين الأجانب الموجودون هناك.