دمشق : مازالت الأزمة السورية تتفاعل على الصعيدين الدولي والعربي ، وسط محاولات مستمرة لإيجاد حلول ترضي كافة الأطراف ، وقالت مصادر دبلوماسية في مجلس الامن الدولي ان المجلس قد يصوت الاسبوع القادم على مشروع قرار ترعاه الدول الغربية والعربية يؤيد مبادرة الجامعة العربية الخاصة بدعوة الاسد الى نقل السلطة لنائبه. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو "يجب أن يدعم مجلس الامن الدولي القرارات الجريئة للجامعة العربية التي تسعى لانهاء القمع والعنف في سوريا وايجاد حل للازمة السياسية". وبدوره ، قال الرئيس الامريكي باراك أوباما في كلمته بشأن حالة الاتحاد ان الاسد "سيكتشف قريبا أن قوى التغيير لا يمكن اعادتها للوراء". وفي المقابل ، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الأربعاء ان موسكو ما زالت تعارض فرض عقوبات على سوريا كما أكد معارضة موسكو لاي تدخل عسكري أجنبي في سوريا. ولم يتبين ما اذا كانت روسيا مستعدة لاستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشرع القرار الجاري دراسته بعد ان استخدمته مع الصين في اكتوبر/ تشرين الاول الماضي لمنع اعتماد مشروع قرار اوروبي كان من شأنه ان يدين سوريا ويهددها بعقوبات بسبب قمع المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية.
سقوط قتلى على الصعيد الميداني ، لقي 23 شخصا في سوريا حتفهم بينهم 13 مدنيا في أعمال عنف وقمع نتجت عن اندلاع اشتباكات بين الجيش ومنشقين عنه بمناطق متفرقة في البلاد الأربعاء. وقالت لجان التنسيق المحلية السورية ان "الجيش السوري يقصف مدينة حماة مستخدما أسلحة ثقيلة من مدرعات بي ام بي ويستخدم آر بي جي وسلاح البي كي سي". واضافت في بيان لها "ان هناك انباء عن تهدم عدة أبنية وسقوط جرحى وشهداء" مؤكدا ان "الاهالي لم يتمكنوا من الوصول اليهم نتيجة القصف العشوائي المستمر" مشيرا الى "انتشار حوالى 4000 جندي داخل المدينة". وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان العمليات العسكرية التي نفذتها القوات السورية منذ صباح الاربعاء في عدد من المدن واستخدمت فيها الرشاشات الثقيلة اسفرت عن سقوط قتلى وهدم بعض المنازل. واوضح المرصد ان 13 شخصا قتلوا الاربعاء في سوريا بينهم 4 في حماة وريفها. وشهدت حماة عملية عسكرية واسعة في عدد من احيائها منذ صباح الاربعاء ومن بين هؤلاء القتلى حسب المرصد فتاة. كما قتل اربعة في محافظة حمص بينهم طفل في الخامسة وامه سقطت قذيفة على منزلهما. وقتل ثلاثة مدنيين في قرية الجراجير في محافظة ريف دمشق حيث قال المرصد ان القوات السورية شنت حملة واسعة. وقال المرصد كذلك ان ستة من الجنود المنشقين عن الجيش السوري قتلوا في اشتباكات في عدة مناطق كما قتل اربعة من عناصر القوات الحكومية في محافظتي دمشق وادلب. لكن الهيئة العامة للثورة السورية المعارضة قالت ان 22 شخصا قتلوا الاربعاء في سوريا. وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية سانا الاربعاء ان "مجموعة ارهابية مسلحة اغتالت الاب باسيليوس نصار الكاهن فى بلدة كفربهم بريف حماة عندما كان يقوم باسعاف رجل مصاب في حي الجراجمة بحماة". وأعلنت منظمة "الهلال الأحمر العربية السورية" مقتل مدير فرعها في محافظة ادلب شمال سوريا. وأضافت المنظمة أن الدكتور "عبد الرزاق جبيرو" لقي مصرعه بينما كان يقود سيارته عائداً إلى "إدلب" من العاصمة السورية دمشق. وقد اتهمت "لجان التنسيق المحلية" قوات الأمن بقتل "جبيرو". من جانبها قالت بياتريس ميغيفاند رئيسة عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر لشؤون الشرق الأوسط والأدنى " تم إطلاق الرصاص عليه( جبيرو)، وملابسات الهجوم لازالت غير واضحة". المراقبون يغادرون
وفي الشأن السوري أيضا، غادر مراقبون تابعون لدول في منطقة الخليج سوريا امس الأربعاء بعد أن قالت حكوماتهم انها متأكدة من "استمرار نزيف الدم وقتل الأبرياء". إلا أن مراقبين عربا آخرين في دمشق تعهدوا بمواصلة مهمة المراقبة التابعة للجامعة والتي تقرر تمديد عملها حتى 23 فبراير/ شباط لتقييم التزام سوريا بخطة سلام عربية سابقة. وقال أحد المراقبين العرب إن مغادرة مراقبي دول مجلس التعاون الخليجي لن تؤثر على عمل البعثة العربية مضيفا أن بقية أعضاء الوفد بإمكانهم القيام بالمهمة، حسب ما ذكرت وكالة أنباء رويترز. وأضاف "إن عددنا هنا يقارب ال 170 وبعد أن غادر المراقبون من دول الخليج أصبحنا حوالي 120. بالطبع نحتاج مزيدا من المراقبين وسيأتي المزيد قريبا ليحلوا محل من غادروا". وكان مراقبون من الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين العاصمة السورية ويتوقع أن يغادر من ينتمون إلى الدول الخليجية الأخرى قريبا. رسالة مفتوحة
وبشأن العلاقة بين دمشق وبيروت ، دعا المجلس الوطني السوري في رسالة مفتوحة وجهها إلى الشعب اللبناني الأربعاء إلى "طي الصفحات السوداء" في العلاقات بين البلدين المتجاورين محملا "النظام الدكتاتوري" في سوريا المسؤولية عنها، وإلى قيام علاقات على أساس "السيادة والمساواة" بين الدولتين. وقال المجلس في الرسالة التي حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منها "مع دخول ثورتنا، ثورة الشعب السوري، شهرها الحادي عشر، وفي غمرة نضالنا لإسقاط نظام بشار الأسد وعصابته، وهو هدف يقترب من التحقق، فإن مجلسنا يقدر عاليا وقوف الشعب اللبناني بجانب شقيقه الشعب السوري، ودعمه السياسي والإنساني والأخلاقي للثورة السورية". وأكد المجلس في رسالته أن "سوريا الحرة المستقلة والديموقراطية تعترف بلبنان وطنا سيدا مستقلا"، و"تريد للعلاقات السورية اللبنانية أن تكون بين دولتين مستقلتين سيدتين متساويتين". كما دعا إلى "إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين" خلال فترة الوجود العسكري السوري في لبنان والنفوذ السياسي السوري الواسع على الحياة السياسية اللبنانية من عام 1976 وحتى ، وإلى "ترسيم الحدود السورية اللبنانية"، و"ضبط الحدود المشتركة بين البلدين". وأيد المجلس "إنهاء الدور الأمني المخابراتي، سواء عبر التدخل في الشؤون اللبنانية، او تهريب السلاح لجعل لبنان ساحة تتنافى ومبادئ الكيان والدولة والقانون". وقال المجلس الوطني في رسالته انه "يتقدم بهذه المبادئ على مشارف لحظة تاريخية لكل من سوريا ولبنان، مشارف سقوط نظام الأسد الذي يمثل العقبة الدائمة في طريق بناء العلاقات الصحيحة بين الدولتين والشعبين." ورحبت المعارضة اللبنانية، وابرز أركانها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، "بالكتاب المفتوح الصادر اليوم عن المجلس الوطني السوري والموجه إلى الشعب اللبناني." واعتبرت في بيان صدر عن الأمانة العامة لقوى 14 آذار الرسالة "بادرة أمل وخطوة شجاعة لفتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية المرتكزة على سيادة واستقلال كلا البلدين". في موازاة ذلك، أطلقت 16 دولة غربية وعربية تحركاً يهدف الى انهاء عضوية سورية في لجنة حقوق الإنسان في "يونيسكو" بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها حكومة دمشق. وتقود التحرك الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وقطر والكويت والامارات العربية المتحدة. وكانت سوريا انتخبت في عضوية اللجنة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويأتي التحرك استباقاً لاجتماع المجلس التنفيذي ل"يونيسكو" في 27 الشهر المقبل ، وتطالب المذكرة الموقعة من مندوبي الدول ال16 مجلس المنظمة "بالاستجابة الى قرار مجلس حقوق الإنسان والى الوضع في سوريا حيث يشهد العالم أعمال القمع التي تقوم بها الحكومة السورية وانتهاكاتها حقوق الإنسان بحق الشعب السوري".