الجزائر: أكد المراقب الجزائري أنور مالك الذي انسحب من بعثة الجامعة العربية في سوريا، الخميس إن بروتوكول الجامعة لا يمكن تطبيقه على الأرض. واعتبر أن تقارير المراقبين تقتل السوريين، محذرا من أن النظام السوري استغل مهمة المراقبين لتحضير نفسه لمرحلة أكثر دموية، وإذا لم تسحب البعثة سيواجه العرب "كارثة". ولفت مالك ، في مقابلة مع صحيفة "الحياة" اللندنية نشرت في عددها الصادر اليوم الخميس ، إلى أن سوريا تتجه نحو الحرب الأهلية إذا بقي المراقبون، مشيرا إلي أن منطقة بابا عمرو في حمص لا تستطيع الحكومة دخولها إلا بالدبابات.
وقال إنه التقى قادة من "الجيش الحر" في بابا عمرو، لافتاً إلى أنه لا يوجد إرهاب بل ثورة شعبية مدنية، وعناصر الجيش الحر لا تقوم بالهجوم، بل بالدفاع عن الناس.
وقال مالك أنه انضم إلى بعثة المراقبين بعد متابعته لأحداث الثورة السورية، مؤكدا ترسخ قناعة لديه مفادها أنه من المستحيل تطبيق البروتوكول على أرض الواقع لأن النظام متمسك ببقائه ولو على جثث الأطفال.
وأضاف أنه في اليوم الأول رافق رئيس بعثة المراقبين الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي إلى بابا عمرو، ووجد مدينة حمص خاوية مدمرة لا علاقة لها بالحياة.
وأوضح أن الناس في حمص خرجوا من بيوتهم وصار عددهم بالآلاف في دقائق معدودة وبدأوا يهتفون بإسقاط النظام، ومنهم من قال إنه مكث داخل بيته أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لأن القناصة موزعون في مناطق تحيط بمنازلهم.
وتابع قائلا "زعزعتني المشاهد الأولى عندما رأينا الجثث التي سقطت بعمليات قنص، وحتى أكون موضوعياً أقول إنني لم أشاهد عملية قنص، لكن شاهدت قناصة على أسطح عمارات وهذا يؤكد أنهم تابعون للنظام".
وقال إنه قرر تجميد دوره في بعثة المراقبة عندما شاهد جثة منزوعة الجلد لأسير كان في المستشفى وقتل بعد تعرضه لتعذيب، واصفا المشهد بأنه "صعب" و"فظيعاً جداً".
وتابع "كان هناك مشهد آخر تناقلته فضائيات لطفل عمره ست سنوات جرى قنصه وكنت أصوره بالكاميرا، وقد حملوه ميتاً.... وهناك أطفال تعرضوا للقنص وبيوت مهدمة... وشاهدت أشخاصاً لا يجدون لقمة يأكلونها أو خبزاً يابساً فبكيت.... لا أستطيع أن أتجرد من إنسانيتي وأنا أرى تلك المشاهد"
وأشار إلى المراقب المصري أحمد عبدالله خليل، والجيبوتي محمد حسين عمر الذي سحبته منظمته التي أوفدته، إضافة إلى مغربي وتونسي وسوداني وآخرين، مضيفا أن هناك شرفاء يريدون المغادرة حتى لو كانت أوفدتهم حكوماتهم.
وأوضح أن المرافقين أخذوا المراقبين إلى بابا عمرو وليس إلى دمشق حتى يقنعوهم بعدم المغادرة، مشيرا إلي أن أستاذ في جامعة سورية تطل على الجسر الذي رمونا فيها بالرصاص أنه شاهد القناصة على مدى ربع ساعة يجهزون أنفسهم لإطلاق النار على سيارة المراقبين، أي إنها كانت محاولة اغتيال.
ولفت مالك إلى أنه يتم تغيير أسماء الشوارع بإطلاق أسماء أخرى عليها للتمويه، كما ينقل المراقبون إلى أحياء موالاة ويتم إغراقنا في مشاكل هامشية.
وشدد على أن النظام السوري استغل مهمة المراقبين لتحضير نفسه لمرحلة أكثر دموية مستقبلاً، وستبدأ تلك المرحلة مباشرة بعد رحيل المغادرين، والآن يتم تجميع معلومات عن الأشخاص الذين التقيناهم، لأن هواتفنا مراقبة ونحن نتواصل مع الطرف الآخر.
ووجه مالك رسالة إلى الجامعة العربية بأن لا تأخذ بالكلام الذي يأتي به رئيس فريق بعثة المراقبين الفريق أول ركن محمد الدابي، لأن التقارير كتبها رؤساء فرق إذ أن لا صلة لها بالواقع.
وأوضح أن غالبية رؤساء فرق المراقبين الذين يكتبون التقارير اختارتهم حكوماتهم ولا يوجد بينهم واحد من الحقوقيين المستقلين أوكلت إليه أدنى مسئولية.
وحذر من أن سوريا تتجه نحو الحرب الأهلية إذا بقيت بعثة المراقبين، فالنظام يقوم بحقن طائفي، مضيفا إنه شاهدت جثة عقيد متقاعد من الطائفة المسيحية قتل بطلقات متفجرة.
ونفى مالك وجود "جماعات متطرفة" يتحدث عنها النظام، بل ثورة شعبية مدنية، مؤكدا أنه لولا عناصر الجيش الحر لأبادوهم وحرقوهم وأكلوهم.