في 2 يناير الحالي تتم ثورتنا العظيمة عاما كاملا -من عمرها المديد بإذن الله- مر سريعا نسبيا، وشهد أحداثا جساما وأمورا بالغة الأهمية، وتطورات مثيرة، وإنجازات عظيمة، فهو عام تاريخي وفارق في تاريخ مصر والوطن العربي والعالم الثالث. عامٌ كان نقطة تحول ما بين الهزيمة والخيانة والتردي والفساد والعمالة والخضوع للصهيونية العالمية والاستيقاظ والصعود إلى قمة الأمم. وإذا أردنا أن نستعرض ما تم في هذا العام من انجازات عظيمة فإننا يجب أن نوجه في البداية التحية الواجبة لدماء الشهداء الأبرار والجرحى والمصابين، وهم ليسوا الذين سقطوا خلال أيام الثورة ال 18 من 25 يناير حتى 11 فبراير فحسب، وإنما كل من استشهد أو أصيب وهو يجاهد ويناضل ضد النظام البائد على مدار ال 30 عاما الماضية. وكذلك أنتهزها فرصة لأوجه التحية إلى القوات المسلحة الباسلة التي لولاها ما كانت هذه الثورة وما كان هناك نجاح يذكر، فدور القوات المسلحة لم يقف فقط عند مجرد حماية الثورة ونزول الدبابات المكتوب عليها يسقط حسنى مبارك، وإنما للحقيقة وللتاريخ القوات المسلحة أجبرت المخلوع على ترك الحكم وكان موقفها تاريخيا وايجابيا. ومازالت هناك كثير من الأسرار التي لم تظهر بعد للرأي، ومع رفع الحظر عليها سيعرف الرأي العام حقائق مذهلة تؤكد أنهم فعلا وصدقا خير أجناد الأرض وأنهم في رباط إلى يوم الدين كما قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. أقول إنه لولا القوات المسلحة ومجلسها الأعلى لكانت مصر قد تعرضت لمحنة كمحنة اليمن في حالة نجاح المخطط الصهيوني الذي كان يراد تحقيقه وتنفيذه في مصر. وبالمناسبة أرى أن ما تحقق من إنجازات خلال العام المنصرم في تقديري كان أكثر من المتوقع، رغم أن بعض من لا يعجبه معدل الأداء ويصفه بالتباطؤ يتجاهل الواقع المرير الذي كانت فيه مصر تحت حكم المخلوع مبارك، ويتجاهل أيضا حكم التحديات الرهيبة في الداخل والخارج وعمق الفساد المنتشر في المجتمع المصري والذي رعاه مبارك شخصيا. وكذلك حجم الاختراق المعادي والذي وصل إلى نخاع المجتمع المصري وضرورة الحفاظ على البلد الكبير الذي يضم 85 مليون نسمة والتصدي للتحرشات والتربص الأجنبي المعادي وكلها أمور ليست بالسهولة التي يتكلم بها بعضهم، ومع ذلك فبعض المخالفين لنا يتجاهل إبعاد حسنى مبارك وعائلته عن الحكم، ويرون أنه حدث بسيط، رغم أنه كان من الأحلام المستحيلة التحقيق. وعندما نرى الحزب البائد وقد اختفى من الوجود ومجالسه ورموزه وسياسته الإجرامية من خصخصة وفساد وصكوك ومزايا فاجرة لرجال الأعمال، وزواج باطل بين السلطة ورأس المال. عندما نرى أن كل ذلك قد اختفى من مصر وأن رصيد حجم التغيير في السياسة المصرية الخارجية وبدأ يستعيد جزءا لا بأس به من الحضور المصري والريادة الغائبة والمتمثلة في فتح معبر رفح وإنهاء الحصار الظالم على شعبنا في غزة وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وإيقاف الحرب الأهلية الفلسطينية والدفع بأمين عام الجامعة العربية محل إجماع وطني مثل نبيل العربي في مواجهة مرشح قطر مثلا وتحقيق اتفاق تبادل الأسرى التاريخي بين حماس وإسرائيل وإعادة النظر في اتفاقيات الغاز مع إسرائيل والعالم الخارجي والمناورات العسكرية المصرية التركية البحرية والتي أجريت لأول مرة منذ نحو 15 يوما وعودة الاهتمام بحوض النيل واستعادة الدور المصري التقليدي في إفريقيا........ إلخ. إنني لا أحدد إنجازات السياسة الخارجية، ولكني أعطي أمثلة لما تحقق من إنجازات لا تأخذ حقها الكافي من الاهتمام الإعلامي، وأيضا يكفي محاكمة مبارك في أول سابقة تاريخية من نوعها، فهل كان أحد يتخيل ذلك، بعد والصمود في وجه الضغوط الغربية والأمريكية في الوقت الذي كانت فيه كثير من القوى السياسية والرموز السياسية يطالبون الخروج الأمن لمبارك وأسرته ٍرفضت القوات المسلحة وأصرت على محاكمة مبارك لكي يكون عبرة للتاريخ. الخلاصة أن ما تحقق في العام الأول رصيد طيب يجب المحافظة عليه ثم الاستمرار في تحقيق مزيد من الإنجازات في العام الثاني وتكفي أنزه انتخابات نيابية شهدتها مصر في تاريخها منذ أن عرفت نظام الانتخابات وهو ما يعني أن المستقبل جيد ويدعو للتفاؤل. فقط مطلوب منا التكاتف وتفويت الفرصة على القوى المرتبطة علنا بالغرب وإسرائيل والتصدي للاختراق الأجنبي، ولعل ضربة المنظمات المشبوهة الممولة من الخارج خطوة هامة جدا في هذا المشوار ويبقى أن نستكمل الشكل المؤسسي للدولة برئيس جمهورية ومجالس نيابية وتشريعية لنواصل الانطلاق في كافة الميادين الداخلية والخارجية من مواجهة الفقر والبطالة والعنوسة والديون والفساد إلى عودة مصر القوية المحترمة في المجال الدولي والخارجي.