تنوعت اهتمامات الصحف العربية الصادرة اليوم الأحد، الا ان الوضع في اليمن وسوريا والعراق مازال يتصدر افتتاحيات الصحف. فمن جانبها ، وصفت صحيفة " الراية " القطرية سنة 2011 التى طوت آخر أوراقها أمس بأنها كانت سنة حافلة بالأحداث الإقليمية لم تشهد المنطقة والعالم مثيلا لها منذ عقود طويلة.
واعتبرت الصحيفة - فى افتتاحيتها اليوم الأحد - أن ثورة الشباب التى استخدمت آخر ما توصلت له ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات لتنظيم المظاهرات والاعتصامات في شوارع وساحات المدن العربية للمطالبة بالتغيير والديمقراطية نجحت فى تحقيق أهدافها فى عدد من الدول العربية فيما ما زالت تعيش مخاض التجربة فى دول أخرى التى واجهت مطالب الربيع العربى بالعنف والقتل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشباب فى مصر وتونس وليبيا واليمن حملوا راية التغيير بعد عقود طويلة من التهميش والفقر وانعدام الحرية ودفعوا ثمنا باهظا من دماء وأرواح الآلاف منهم جراء مطالبتهم بالديمقراطية والحياة الحرة الكريمة.
وأكدت الصحيفة أن عام 2011 سيبقى فى ذاكرة الشعوب لأنها كسرت فيه قيودها ، حيث خرج الناس إلى الشوارع بصدورهم العارية متحدين أنظمة الحكم الفاسدة التى واجهت ثورة شعوبها بالرصاص الحى.
ونبهت الصحيفة الى أن التحديات التى تواجه الربيع العربى فى العام الجديد كثيرة ومتعددة ، مشيرة إلى أنه إذا كان تحدى نجاح الثورة فى سوريا واليمن وتحقيق مطالب الحرية والتغيير هو ما يشغل شعبى البلدين وشعوب المنطقة العربية التى يؤلمها شلال الدم الذى مازال نازفا هناك فإن تحدى نجاح المرحلة الانتقالية فى مصر وليبيا وتونس واستقرار الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية في هذه البلدان سيكون الشاغل الأكبر على مدار العام الحالى 2012 .
ولفتت الصحيفة، فى ختام افتتاحيتها ، إلى أن المهمة الأصعب التى تواجه المنطقة العربية فى العام الجديد تتمثل فى قدرة المؤسسات العربية الفاعلة على تجنيب المجتمعات العربية مرارة التنقل بين حالات القمع والكبت السياسى والفوضى والانهيارات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وهو الاحتمال الذى مازال قائما وبقوة خاصة فى ظل تصاعد المصاعب الاقتصادية فى بلدان الثورات العربية التى نجحت فى إسقاط الديكتاتوريات فيها .
الصراع في العراق واليمن
وحول الوضع في اليمن والعراق ، قالت صحيفة " الخليج " الإماراتية إنه من المفترض أن يدخل العراق اليوم عاما جديدا لا وجود للاحتلال فيه على أرضه ، حيث تستدعى هذه المناسبة أن يكون كل العراق محتفيا بالتخلص من احتلال جثم على صدره طيلة تسع سنوات بعدما عاش فسادا وتخريبا وتدميرا وقتلا وممارسا لأفظع الانتهاكات التى يتعرض لها بشر ، إضافة إلى ما أقدم عليه من نشر لبذور الفتنة والتقسيم والطائفية والفساد ووضع اليد على مقدراته السياسية وثروته الطبيعية والعمل الحثيث على إضعافه وإبعاده عن أمته وقضاياها القومية الكبرى .
وطالبت الصحيفة - فى افتتاحيتها اليوم الأحد تحت عنوان " العراق بين الماضى والمستقبل " - الممسكين بتلابيب السلطة والحكم فى العراق من سياسيين وأحزاب أن تشكل المناسبة فرصة لهم للخروج من اصطفافاتهم السياسية الضيقة وانتماءاتهم المذهبية والطائفية ونزواتهم الشخصية ليعلنوا ميلاد العراق الجديد والمختلف عما كان عليه عراق الوطن الذى يشكل مظلة للجميع وتكون فيه المواطنة هى المعيار الحقيقى للانتماء .
وأكدت الصحيفة أن العراق يستحق طبقة سياسية جديدة تحقق آمال وطموحات شعبه لا أن تبقيه رهينة مطامح شخصية أو فئوية أو طائفية أو رهانات خارجية .
وحذرت الصحيفة من أن ما يجرى فى العراق من صراعات سياسية يثير القلق ويستدعى تداركه لأن هناك من يسعى لإعادته إلى أجواء الفتنة لعله يحقق ما عجز عن تحقيقه خلال سنوات الاحتلال الأمريكى .
وحول المشهد اليمنى ، قالت صحيفة " البيان " الإماراتية إن حكومة الوفاق الوطنى فى اليمن تتوجه إلى سن قانون المصالحة الوطنية وهو خطوة رئيسية مع بداية العام الجديد لإنقاذ الوطن من براثن فتنة كادت أن تؤدى به إلى مزالق خطيرة ومهالك كارثية.
وأكدت الصحيفة - فى افتتاحيتها اليوم الأحد تحت عنوان "المصالحة الحقيقية فى اليمن" - أن اليمنيين أثبتوا أنهم أصل الحكمة وأن الخلاف أو الاختلاف مهما بلغ بين أبناء الوطن الواحد فإنه لا يمكن أن يصل إلى حد الإضرار بالوطن ولا يمكن أن يطغى على قيم التسامح وثوابت الحرص على المصلحة الوطنية العليا التى يتحلى بها جميع أبناء الوطن دون استثناء.
وأوضحت أن الاختلاف يجب أن يكون من أجل الوطن ولمصلحة تقدمه وازدهاره وأمنه واستقراره فالوطن هو الثابت الوحيد وما عداه يعد متحولا لا المصالح يمكن أن تكون مشروعة إذا تعارضت مع مصلحته العليا ولا القضايا والمطالب تكون عادلة إذا عرض أمنه واستقراره ووحدته للخطر .
وشددت الصحيفة على أن الواجب يفرض على الأطراف السياسية المنضوية تحت يافطة الشراكة فى حكومة الوفاق الوطنى اليمنية أن تسارع إلى تغيير خطابها نحو بعضها وأن تطوى صفحة خلافاتها وتفتح صفحة جديدة تقوم على الثقة ومبدأ التسامح والوئام وتتعزز بالصدق والنوايا الحسنة.
وأكدت الصحيفة أن تكريس هذه المعانى فى علاقات الأطراف السياسية ببعضها سيسهم بشكل إيجابى فى تهيئة المناخات الملائمة أمام حكومة الوفاق الوطنى فى اليمن وتمكينها من تحقيق أعظم النجاحات والإنجازات لكونها ستعمل كفريق واحد يسخر سياسات أحزابه لخدمة المصلحة الوطنية العليا.
ودعت الصحيفة، فى ختام افتتاحيتها، اليمنيين للابتعاد عن كل ما يثير الخلاف ويوسع الفرقة بينهم لإخراج اليمن من عنق الزجاجة والانطلاق به فى إتجاه السلام والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة التى تضمن لأبنائه جميعا العيش الكريم والطمأنينة والسكينة وممارسة حياتهم بدون خوف أو قلق .. فاليمن مقبل خلال هذه السنة الجديدة على استحقاقات مهمة كفيلة بإعادة ترتيب البيت وفق الشرعية الدستورية. خلاف بين الرياض وأنقرة وفي موضوع آخر ، تناولت صحيفة "الرياض" السعودية في افتتاحيتها اليوم العلاقات التركية الخليجية وأبعاد قرار دول الخليج وقف مفاوضات "التجارة الحرة" مع الشقيقة تركيا، معربة عن أملها في ان لايؤثر هذا الخلاف المحدود على مسيرة علاقات أعمق وأكبر وتشهد نموا متصاعدا يمكنه احتواء مثل هذا الخلاف بمرور الوقت.
وعلقت الصحيفة بقولها إنه لا توجد علاقة بين الدول، تحكمها العواطف وحدها، رغم وجود روابط دينية أو قومية، غير أن المصالح تبرز كحلقة الربط باعتبارها الأساس في عقد الاتفاقات والصفقات.
وأضافت الصحيفة لأن الأخوة في تركيا لديهم ما أسموه "صدمة" بسبب عدم توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج، وهي نتيجة طبيعية إذا ما عرفنا أن القطاع الخاص هو صاحب المصلحة الأكبر، ونحن نعرف أن الوضع المالي العالمي الذي يمر بضائقة كبيرة ترك الشركات بدون تشغيلٍ لطاقاتها العليا، ما جعلها تبحث عن منافذ في دول أخرى لم تتعرض لنفس الأزمة مثل دول الخليج العربي.
وتابعت "الرياض": فالموارد الكبيرة لدول الخليج العربي، والتي ظلت عوائدها من النفط المرتكز الأساسي في دخولها، أغرى شركات عالمية لأنْ تبحث عن فرصها في المنطقة، وبالتأكيد فدول أوروبا وأمريكا، وكذلك الدول الآسيوية، سعت لأن تحصل على عدة مشاريع من المعروضة داخل الدول الخليجية، وتركيا تملك مقومات للإنشاءات العمرانية والمصانع بمعنى أنها مقبولة تماماً إذا استطاعت أن تقدم عطاءات مغرية تتساوى مع غيرها..صحيحٌ أن هناك إجراءات إدارية لم تحل مثل إعطاء ترخيصات دخول رجال الأعمال "التأشيرة" لكنها ليست العقدة الصعبة طالما التفاهم عليها يمكن أن يتم بين الإدارات والسفارات .
وتابعت الصحيفة :" وقد عشنا الأزمة مع دول العالم بعد أحداث 11 سبتمبر لكن المصاعب أمكن التغلب عليها، وفي حال المبادلات التجارية والاقتصادية يجري رسوّ المشاريع وفق المفاضلة، وهو ما تجريه تركيا سواء بالاستثمار الداخلي أو الخارجي، باعتباره قانوناً يسري على الدول وقطاعاتها الخاصة ".
واكدت الصحيفة ان مواقف تركيا السياسية الجديدة قوبلت عربياً بالترحيب الحار، أولًا لوزنها الكبير في المنافسات العالمية، وقد تكون مرتكز عمل مشترك مع العرب ومع العالم الإسلامي بكليّته، والنوايا بين كل الأطراف قائمة على التوافق، وثانياً أنها قوة سياسية مرموقة، ومواقفها لا تخضع لاعتبارات التبعية التي كانت سائدة حتى إن خلافاتها مع فرنسا، أو إسرائيل، وحتى ، في السابق مع أمريكا أثناء غزو العراق، تحمل شهادة من عالمها الإسلامي بأنها عائدة لتكون مركز ثقل يوازن بين السياسات والمواقف.
واعربت الصحيفة عن اعتقادها ان الإدراك الواعي بين دول الخليج وتركيا، لا يجد في الخلاف التجارى أزمة حادة يمكن أن تعطل مشاريع واتفاقات على أعلى المستويات، إذ بتنشيط الحوارات الجادة والرغبة الصادقة، يمكن كسرُ الكثير من العوائق.
المعارضة السورية والتدويل ولم يغب الشأن السوري عن الصحف اللبنانية ، حيث أكدت صحيفة "المستقبل" اللبنانية أهمية الاتفاق الذى تم التوصل اليه بين المجلس الوطنى السورى وهيئة التنسيق الوطنية السورية لقوى التغيير الديمقراطى والذى سيتم توقيعه فى القاهرة يوم الجمعة القادم .
وأشارت الصحيفة - فى عددها الصادر اليوم الأحد - إلى أن هذا الاتفاق يحدد المرحلة الانتقالية التى ستلى سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد ويرسم معالم سوريا الغد.
ونوهت بالاتفاق الذى يقضى بتحديد القواعد السياسية للنضال الديمقراطى والمرحلة الانتقالية وأهم معالم سوريا الغد التى يطمح لها كل حريص على كرامة الوطن وحقوق المواطن وأسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية ورفض أى تدخل عسكرى أجنبى يمس بسيادة واستقلال البلاد .
وأوضحت أن الاتفاق يضع حدا للوضع المتأزم فى سوريا بتحديد مرحلة انتقالية واقرار دستور جديد يضمن النظام البرلمانى الديمقراطى المدنى التعددى والتداولى وانتخاب برلمان ورئيس جمهورية على أساس هذا الدستور.
تجدر الاشارة الى ان صحيفة المستقبل اللبنانية هى الوحيدة الصادرة اليوم وقد احتجبت باقى الصحف اللبنانية بمناسبة بداية العام الجديد .
وفي الأزمة السورية ايضا ، تناولت صحيفة "الوطن" السعودية في افتتاحيتها اليوم تطورات الاوضاع في سورية، محذرة من ان اصرار النظام السورى على استخدام آلة القتل حتى في ظل وجود المراقبين العرب يدفع الازمة في اتجاه التدويل.
وقالت الصحيفة إن إعلان رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون عن إمكانية نقل ملف سورية لمجلس الأمن في الأممالمتحدة، ليس تصريحا يهدف للتصعيد، بقدر ما يعكس حقيقة الوضع المتأزم في سورية، وعدم وجود أي مخرج سياسي للأزمة رغم وجود المراقبين.
وأكدت الصحيفة أن الخطة العربية لم تهدف إلى تعطيل الأوضاع هناك، وإبقاء الحال كما هو عليه، أي أن المسألة ليست منعا لتردي الأوضاع، وإنما كان هدف الخطة هو المساعدة على حلحلة الأزمة، وإيجاد مخرج سياسي لما يحدث على الأرض.
واوضحت ان إعلان الوزراء العرب مرارا وتكرارا أن تدويل الملف لا يرغب فيه أي طرف، تأكيدا على أن المسعى العربي منذ بدايته كان يهدف إلى حصر الحل في النطاق العربي، ولكن النظام السوري بتعنته وسياساته هو من يدفع الأزمة نحو التصعيد والتدويل.
وفي رأى الصحيفة أن النظام السورى كان يمكن ان يوقف آلة القتل ويستغل وجود المراقبين امس الاول في الدفع بحلحلة أكبر وخلق مساحات لتحرك سياسي، ولكن استمرار سياسة القتل والقمع لن تؤدي إلا إلى نتيجة عكسية كما يبدو ظاهرا في الأفق، وهو ما عبر عنه برهان غليون عندما قال "إن التدويل سيكون بهدف دفع المجتمع الدولي لضمان تنفيذ الخطة العربية وليس لهدف آخر".
ولفتت الصحيفة إلى أن احد المراقبين العرب أكد في مقطع مصور مشاهدته لأحد القناصة بالعين، وهذه شهادة تؤكد استمرار نفس النهج القديم للنظام السوري، وهو الأمر الذي يجعل خيار التدويل اليوم، هو الأقرب للتحقيق،خاصة أن ملامح فشل بعثة المراقبة العربية تتمثل في كيفية تعامل النظام السوري معها، وعدم شفافية النظام في تنفيذ الخطة. والآن يقف العرب أمام حلين أحلاهما مر، إما السكوت على المزيد من القتل في سورية، أو القبول بمبدأ التدويل.