حذر عدد من الخبراء من التداعيات السلبية على الاقتصاد السورى بعد قرار المجلس الاقتصادى بجامعة الدول العربية بفرض حزمة من العقوبات الاقتصادية على دمشق فى محاولة للضغط على الرئيس السورى بشار الأسد لحقن الدماء ووقف المجازر ضد المتظاهرين الذى ينشدون تغييرات ديمقراطية. وأكد الخبراء أن النظام السورى حرم نفسه من المظلة العربية التى كان يحتمى بها أمام المجتمع الغربى، لذلك فإنه ينتظر المصير الأسوأ لنهاية كل طاغية استباح دماء أبناء شعبه.? سوريا لم تعد ورقة رابحة لإيران فى الشرق الأوسط ? العقوبات خطوة فى طريق تدوير الأزمة السورية.....بداية أكد محمد كمال عمرو - وزير الخارجية – أن المدخل الوحيد لحل الأزمة السورية والحيلولة دون تدويلها يتمثل فى التوقيع الفورى على البروتوكول المقترح من جانب جامعة الدول العربية وتنفيذ المبادرة العربية، مشددا على ضرورة الوقف الفورى للعنف وإطلاق سراح المعتقلين وبدء حوار وطنى شامل بين كافة الأطراف. ومن جانبه أكد د. جميل صافية – المحلل السياسى اللبنانى - أن قرار جامعة الدول العربية بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا سيزيد الاحتقان الداخلى ضد سياسة النظام السورى، محذراً أن الوضع فى سوريا وصل الى نقطة حرجة سيؤدى إلى عزل دبلوماسى واقتصادى مصحوب بحروب إعلامية فضائية لا تفيد فى حل الأزمة، ولذلك فإن المطلوب من سوريا أن تلبى مطالب شعبها وتقبل بعثة المراقبة لوقف سفك الدماء وتفادى تدويل الأزمة وتدمير الدولة، مطالباً أيضا من العرب عرض خيارات سياسية بديلة كما حصل فى اليمن، مشيراً إلى أنه إذا استمر الوضع كما هو عليه، فمن الصعب التكهن إلى أين تسير الأمور فى المستقبل. واستبعد أية مواقف من جامعة الدول العربية حيال لبنان لرفضها قرار الجامعة بفرض عقوبات اقتصادية ومالية وتجارية على النظام السورى معتبرا أن الموقف اللبنانى يصب فى مصلحة لبنان قبل سوريا، حيث إن هناك ترابطا حدوديا واقتصاديا بين البلدين وبالتالى فإن فرض العقوبات الاقتصادية على دمشق سيؤثر بالطبع على بيروت. واتفق د. فاروق حسنين مخلوف الخبير الاقتصادى والاستراتيجى وعضو المجلس المصرى فى الشئون الخارجية مع د. جميل حول أسباب رفض لبنان قرار الجامعة بفرض العقوبات الاقتصادية على سوريا، موضحا أن الاقتصاد اللبنانى متلاحم مع نظيره السورى، وبالتالى فإن أى تأثير سلبى على سوريا يؤثر على لبنان أيضا. وأوضح مخلوف أن قرار لبنان برفض العقوبات الاقتصادية على سوريا هو مجرد إجراء شكلى ففى الناحية العملية فإن لبنان ملتزمة بتطبيق هذه العقوبات، موضحا أن القرار يقتضى وقف التعامل مع البنك المركزى السورى، ووقف التبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية وتجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية، ووقف التعاملات المالية مع الحكومة السورية ومع البنك التجارى السورى، إضافة إلى وقف تمويل أى مبادلات تجارية حكومية من قبل البنوك المركزية العربية مع البنك المركزى السورى. وأضاف: لاشك أن الشعب السورى سيعانى من هذه العقوبات، لكنه يعانى أكثر من الوضع السياسى الذى وصل إلى مرحلة حرجة جدا. وأوضح مخلوف أن موقع سوريا الجغرافى يمس مصالح دول الجوار من الناحية الأمنية والاقتصادية، حيث إن إيران تعتمد على سوريا لدعم حزب الله خط دفاعها الأول فى المنطقة كما أن سوريا توفر لإيران نافذة على البحر المتوسط، ولكن هذا لايمنع أن إيران فى الوقت الراهن تراجعت كثيرا فى دعمها للنظام السورى وذلك لانشغالها بالملف النووى أما لبنان فلها جذور وعلاقات تاريخية عميقة مع سوريا وهناك اتفاقيات أمنية ودفاعية بين البلدين وذلك من الناحية الشكلية لكن من الناحية الواقعية فإن لبنان مازالت تحت تأثير الإرهاب السورى ولن تستطيع أن تتخذ أى إجراء ضد سوريا. كما أرجع الخبير الاقتصادى رفض العراق العقوبات الاقتصادية على سوريا الى المصالح المشتركة بين البلدين، حيث إن العراق لا تريد المخاطرة بمصالحها المشتركة مع نظام بشار الأسد، خاصة أن العراق يعتبر أحد أهم المنافذ البرية لسوريا، وأحد أكبر شركائها التجاريين فى المنطقة إلى جانب أن العراق يخشى من تسلل عناصر القاعدة من خلال سوريا وبالتالى هى تشكل عاملا أمنيا خطيرا بالنسبة للعراق، وبغض النظر عن الخلافات التاريخية فالعراق يرفض أى تدخل أجنبى فى سوريا ومن المحتمل أن نرى فى المستقبل البعيد منظومة جديدة فى المنطقة تضم دول إيران وسوريا ولبنان والعراق بعد خروج القوات الأمريكية من بغداد، موضحا أن علاقة العراق الحالية مع سوريا تصب فى صالح التحالف الإيرانى السورى. وفى سياق متصل أكد د. فخرى الطهطاوى أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة وخبير فى إدارة الأزمات الدولية أن قرار فرض العقوبات على سوريا بمثابة حرمان النظام السورى من المظلة العربية فى مواجهة أى مخاطر أو مواجهات قادمة سواء كانت اقليمية عسكرية أو دولية سياسية وبذلك حرم من أهم أوراقه وهى المظلة العربية فى الوقوف امام الغرب وبالتالى ليس لديه سوى الحفاظ على الورقة الايرانية التى أدركها المجتمع الغربى ونجح فى إرباك وإشغال ايران عن سوريا من خلال الملف النووى وهذا يعنى أن النظام السورى لن يصمد كثيرا فى المرحلة القادمة خاصة أن سوريا لم تعد ورقة رابحة لإيران فى الشرق الأوسط فى المرحلة القادمة. وقال إن إنهاء الأزمة السورية تتمثل فى تجميد مقعد سوريا فى الجامعة العربية ثم الوصول إلى مجلس الأمن الدولى وإحالة الوضع فى سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الذين يرتكبون انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان. واستبعد الطهطاوى الخيار العسكرى ضد سوريا فى الوقت الراهن ولكن يمكن أن يحدث اذا استطاعت تركيا تأميم غطاء دولى بمظلة عربية وتستخدم الأجواء التركية وحدودها الجنوبية كمناطق عزل لضرب سوريا وفى هذا الوقت لن يسقط النظام السورى وسيحدث تصعيد عسكرى على الأراضى السورية. وأشار أن قرار الجامعة لن يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد السورى خاصة أن سوريا استطاعت سحب 94% من ارصدتها من البنوك العربية ولكن هذا لايمنع من أن الاقتصاد السورى ينهار بالفعل ليس بسبب العقوبات الاقتصادية التى فرضتها الجامعة العربية فحسب، إنما بسبب العقوبات الأخرى التى فرضتها الدول الأوروبية مسبقا على سوريا وبالتالى فإن الشعب السورى كان يعانى وسيظل خاصة فى ظل التشبث بالسلطة من قبل نظام بشار الدكتاتورى الحالى.