ما أن أعلنت الجامعة العربية عن فرض سلسلة من العقوبات ضد دمشق , إلا وظهرت تحليلات ترجح أن أيام بشار الأسد في السلطة باتت معدودة . بل وذهب البعض إلى وصف تلك العقوبات ب " الذكية " لأنها تضيق الخناق على نظام الأسد ولاتضر الشعب السوري , هذا بالإضافة إلى أنها قد تساعد على زيادة الانشقاقات داخل هذا النظام وإضعافه شيئا فشيئا ، وبالتالي تجنب التدخل الأجنبي . ولعل تصريحات رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ترجح صحة ما سبق , حيث حذر من أنه إذا فشل العرب في احتواء الأزمة , فإن القوى الأجنبية الأخرى يمكن أن تتدخل. وقال الشيخ حمد في مؤتمر صحفي بمقر الجامعة العربية بالقاهرة :" إن كل العمل الذي تقوم به الجامعة العربية يهدف إلى تفادي التدخل الأجنبي" , موضحا أنه لا يستطيع أن يضمن إمكانية تفادي هذا التدخل إذا لم ير المجتمع الدولي أن العرب جادين. ولعل ما يضفي أهمية أيضا على تلك العقوبات وإمكانية تأثيرها على نظام الأسد ، أن المركز السوري للإحصاء أشار في بيانات نشرها عام 2009 إلى أن أكثر من 50% من الصادرات السورية وأكثر من 16% من الواردات تحصل مع الدول العربية. وأفادت بيانات المركز بأن البضائع السورية تتجه نحو العراق بنسبة تقترب من 31.5%، ثم إلى لبنان بنحو 13%، ثم إلى ألمانيا بنسبة تتجاوز 9%، ونحو السعودية بأكثر من 5%، وبأكثر من 41% نحو دول أخرى. وبالنسبة للاستيراد السوري، فإن دمشق تستورد بالدرجة الأولى من الصين بنسبة تقترب من 11%، ثم من السعودية بنحو 10%، ومن تركيا بقرابة 7%، ومن الإمارات بنسبة 5%، ومن مصر , ولبنان بنسبة 4% لكل منهما، ومن بقية دول العالم بنسبة 59%. وبالنظر إلى أن نظام الأسد تعرض مؤخرا لعقوبات اقتصادية من قبل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن العقوبات العربية من شأنها تشجيع تركيا على اتخاذ خطوة مماثلة ، بل والتحرك بالتنسيق مع الدول العربية لإقامة مناطق عازلة لحماية المدنيين السوريين بعيدا عن التدخل الأجنبي . وبصفة عامة , فإن العقوبات العربية تعتبر خطوة هامة جدا على طريق إنقاذ الشعب السوري من مجازر نظام الأسد الذي تمادى في تعنته وواصل سفك دماء الأبرياء . وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أعلن في ختام اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب في 27 نوفمبر أنه تم إقرار سلسلة من العقوبات ضد سوريا . وأضاف في مؤتمر صحفي أن الجامعة العربية أقرت العقوبات بموافقة 19 دولة من الدول الأعضاء الاثنتين والعشرين , في حين اعترض العراق وامتنع لبنان عن اتخاذ موقف تحت عنوان النأي بالنفس ، هذا فيما نقلت قناة "الجزيرة" عن الشيخ حمد القول إن الجامعة حرصت في قراراتها على أن تشمل العقوبات الحكومة السورية من دون أن يتأثر بها الشعب السوري . وحسب نص القرار الذي تلاه الشيخ حمد بعد انتهاء الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب ، فإن العقوبات تتضمن حظر سفر كبار المسئولين السوريين الى الدول العربية وتجميد الأموال المرتبطة بالحكومة السورية ووقف المبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية باستثناء السلع الإستراتيجية التي تؤثر على الشعب السوري . هذا بالإضافة إلى عدم التعامل مع البنك المركزي السوري ووقف الاستثمارات في سوريا ، والطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية باستثناء الحوالات المصرفية المرسلة من العمالة السورية في الخارج إلى أسرهم في سوريا والحوالات من المواطنين العرب في سوريا.