قال تعالي:"وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ* وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ"121:120 الأنعام. يقول الأستاذ الدكتور طه أبو كريشة أستاذ بجامعة الأزهر الشريف في تفسير هاتين الآيتين: إن هاتين الآيتين الكريمتين يبينان لنا الحكم الشرعي للأكل من الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها وذلك بعد بيان الحكم الشرعي الذي يتعلق بالأكل من الذبيحة التي ذكر اسم الله عليها في نفس السورة وكان الحكم أن الأكل من هذه الذبيحة حلال وليس هناك ما يدعو إلي التردد في أكلها بعد أن حكم الله تعالي بذلك، وذلك علي النحو الذي جاء في قوله تعالي " فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ *وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ" 119:118 الأنعام.
ثم جاء في هاتين الآيتين الحكم الشرعي للأكل من الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها فقد جاء النهي عن الأكل منها وأنها محرمة كما قال سبحانه "وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ" أي أن الأكل محرما و من فعل ذلك قد ارتكب معصية تمثل خروجا عن طاعة الله عز وجل.
وقد رأينا أن هذا الحكم سبقه تفنيد فيه رأي عام بترك جميع الآثام والمعاصي ظاهرها وباطنها مع التهديد بأن من يتجرأ علي ارتكاب واقتراف ذلك أن سيجازي بالعقاب الشديد، هذا التفنيد هو الذي جاء في الآية الأولي في قوله تعالي "وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ*" ، لذلك كان الأكل من الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها فيه ارتكاب لإثم من هذه الآثام التي جاء النهي عن ارتكابها.
أما الختام الذي جاء في قول الله عز وجل "وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ"، فإنه ختام فيه تحذير من إتباع الشياطين الذين يوسوسون في صدور فريق من الناس حتى يعملوا علي الإغراء بترك طاعة الله عز وجل فيما يتصل بعدم الأكل من هذه الذبيحة المحرمة مع التهديد بأن طاعة هؤلاء تؤدي إلي الشرك بالله تعالي.