22 قصة تشكل عالم المجموعة الجديدة للأديبة د. عزة رشاد، وهي تواجه أزمة الإنسان المعاصر في عالم يسوده الإرهاب والقهر، وتتراجع فيه قيم الجمال والحلم والرومانسية والتسامح. تتبادر الصورة للذهن بمجرد رؤية العنوان الذي يحمل اسم المناضل الهندي السلمي العظيم غاندي. لقد تمنت بطلة القصة التي تحمل المجموعة اسمها أن يكون لها جسد "كلوديا كاردينالي" وعقل "أينشتاين" وقلب "غاندي" فلم يبق بعد زواجها وعدم استكمالها تعليمها سوى الحلم الثالث الذي تحقق فعلا وكانت تتسامح حتى مع من امتدت يده لسرقتها . وقد ناقشت "ورشة الزيتون" المجموعة القصصية الصادرة عن دار "كيان"، أمس الأول، وأدارت الجلسة الكاتبة سامية أبوزيد، وشارك فيها النقاد د. محمد الشحات، د. سمير مندي ود. عفاف عبدالمعطي. تيمات المجموعة تظهر الوجوه المتعددة للحب والغيرة والفقدان، كما للنسوية، وكذلك للموت مع استنطاق التكنولوجيا بداية من التواصل الاجتماعي وحتى أدوات القتل، فتبرز الحاجة لغاندي وحمائمه: "رسالة السلام"، مع اجتراح المسكوت عنه دون فجاجة. وقال د. محمد الشحات أن الفن الجيد لا يعطي نفسه للقاريء دفعة واحدة، ولكن على مراحل . ويرى الكاتب أن التسويق للكتب يعاني ببلادنا من الانحياز لأسماء بعينها بغض النظر عن استحقاقها، وبالتأكيد هذه المجموعة القصصية متميزة للغاية وتقدم شكلا ينطوي على قيمة جمالية وثقافية. والكاتبة وديعة في الحقيقة واجتماعية، ولكنها في الكتابة مشاكسة، بحسب الناقد. وهي تبدأ القصص من زاوية رؤيتها وتنتهي برؤى مختلفة. والفن القصصي هو فن صناعة الراوي، فمن يستطيع الإمساك به ، يمكنه أن يصنع نصا سرديا عظيما. يشير الناقد أيضا إلى براعة وضع عناوين المجموعة والتي صيغت بلغة شعرية أحيانا وبحس معرفي واجتماعي مرات أخرى . د. سمير مندي أكد أن عزة رشاد من جهته على تعدد الأصوات القصصية ، واختلاف الأزمنة ما بين العنف والحلم، فزمن نيرون غير غاندي، ويؤكد الناقد أن الكاتبة تحفر عميقا وراء الأحداث والشخصيات واللقطات التي تحمل معانٍ سردية. وقال أنها تمتك حس النيتشاوية بقراءة الأحداث، وتشاهد إمكاناتها برؤية الأحداث بشكل مختلف. و"حائط غاندي" قصة تنتصر لزمن الحلم، بخلاف "حقيبة نيرون" ، والحقائب تشي بالشخصيات المصاحبة لها ونمط تفكيرها ورغباتها وذوقها. وقد استخدمت الكاتبة تقنية السرد العجائبي بعدد من القصص، وهي تلك التي تخترق العالم الخارق العجيب، وهو أسلوب يتصل بأدب الرعب. أخيرا تحدثت د. عفاف عبدالمعطي عن قصة "علياء" وبطلتها فتاة ضحية تحدي الوالدين وخلافاتهما، وتظهر وعيها بذاتها. وفي "رسائل بظهر الغيب" سنرى ما يشبهنا ببوسطجي يحيى حقي؛ وكل فقرة تعد قصة بذاتها؛ الفتاة اللعوب التي تبحث عن بيت صغير لا يتسع سوى لحبوب منع الحمل، والبوسطجي الذي يشبه أعمال يحيى حقي، وغيرها من الحكايات.والشاب المدني المناضل الذي أضرب عن الطعام احتجاجا على ما يجري بالسجون، وهؤلاء بدأوا يرون أننا بعصر مادي ولا علاقة له بالحلم وهناك السيدة الأربعينية التي تبيع المناديل وتحتفظ بها في قفة دمور تتحرك بها بعد أن توصل ابنتها للمدرسة. سيفتح البوسطجي رسائل هؤلاء جميعا، فتتشابك مصائرهم أمامهم، حتى يداهم أحد الإرهابيين الحديقة التي يفترض تجمعهم بها صدفة، والانفجار الذي أحدثته قنبلة يدوية تحت أحد المقاعد والذي أسفر عن وقوع إصابات وقتلى كان بينهم أبطال القصة، فلم يستدل أحد سوى على قفة دمور ونظارة الشاب السميكة وحبوب الفتاة ، فيما يرى الورود قد داستها الأقدام ! من المجموعة نقرأ : "ضغطتْ الزر مرة ثم أخرى، في الأولى رأيتُ الملامح الأسطورية لبطل، وفي الأخرى ظهرتْ ملامح مجرم، وكلتاهما كانت مختلفة عن صورته العادية بالقميص الأبيض وربطة العنق الرمادية؛ لشدّ ما بدتْ المسافة.. شاسعة بين الشاشتين كعالمين متباعدين، أما المسافة بين الحياة والموت.. فلم تكن تلك الملليمترات القليلة بين الزناد وإصبع القناص" المؤلفة طبيبة وكاتبة، صدر لها من الروايات "ذاكرة التيه"، "شجرة اللبخ"، "بنات أحلامي" ، ومن المجموعات القصصية "أحب نورا .. أكره نورهان" و"نصف ضوء" .