غداة الضربة التي وجهتها الولاياتالمتحدة إلى قاعدة للجيش السوري، يصر البرلمانيون الأمريكيون على ضرورة أن يحدد دونالد ترامب إستراتيجية في هذا النزاع وأن يحصل على موافقة الكونجرس إذا كان يريد شن حرب في سوريا. وأحيا إطلاق صواريخ عابرة على قاعدة عسكرية في وسط سوريا الجمعة ردًا على "هجوم كيميائي" تتهم واشنطندمشق بتنفيذه، الجدل حول شرعية لجوء الرئيس إلى القوة العسكرية من دون استشارة الكونجرس، وحول صلاحياته العسكرية كقائد للقوات المسلحة، على الرغم من أن غالبية أعضاء الكونجرس الجمهوريين والديمقراطيين أعلنوا دعمهم لترامب في هذه الضربة. واعتبر البرلمانيون أن الضربة المحدودة تشكل رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد بأنه لا يمكنه استخدام ترسانته الكيميائية بلا عقاب، على حد قولهم. لكن أعضاء الكونجرس يؤكدون أن إطلاق 59 صاروخ توماهوك لا يشكل إستراتيجية ويتوقعون من ترامب أن يحدد أهدافه الإستراتيجية في النزاع السوري. وهم يطالبون بألا يحذو حذو سلفه باراك أوباما الذي انخرط في الحرب ضد تنظيم داعش في العراقوسوريا في العام 2014 بدون أن يحصل على موافقة مسبقة من الكونجرس. ويرى البرلمانيون انه، إذا كانت الولاياتالمتحدة تريد محاربة النظام السوري رسميا، وهو ما لم يفعله باراك أوباما خلال ولايته، فإن ذلك سيشكل مرحلة إستراتيجية جديدة تتطلب مشاركة الكونجرس. وصرح رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر "جمهوري" الجمعة قائلا "بأنه أمر لا بد منه في حال اتخاذ قرار حول التزام طويل الأمد". في الماضي، كان الكونجرس يعلن الحرب رسميا بموجب الحق الحصري الذي تمنحه له المادة الثامنة من البند الأول للدستور. لكن المرة الأخيرة التي أعلن فيها الحرب بهذه الصورة كانت في الحرب العالمية الثانية. عمليا، شن الرؤساء الأمريكيون بقرارات أحادية عمليات عسكرية أو حملات غزو بري عشرات المرات باسم السلطة الدستورية للرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة. بعد حرب فيتنام، تبنى الكونجرس "قرار سلطات الحرب" (وور باورز ريزوليوشن) لإجبار الرئيس على الحصول على موافقة برلمانية قبل أي تدخل في "أعمال عدائية" يمكن أن يطول أكثر من 60 يوما. إلا أن عددا من الرؤساء تجاهلوا هذا القانون، ومن بينهم بيل كلينتون (البوسنة والهرسك في 1995 وكوسوفو في 1999) وأوباما (ليبيا في 2011). أما جورج بوش فحصل على تفويضين كبيرين بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 لغزو أفغانستان في ذلك العام ولغزو العراق في 2002. ويشكل هذان القراران الأساس القانوني للعمليات العسكرية في العراقوسوريا ضد تنظيم داعش. في العام 2015، تقدم أوباما بمشروع قرار لإضفاء طابع رسمي على الحرب ضد الجهاديين، لكن الكونجرس ذا الغالبية الجمهورية لم يصوت عليه. بعد ضربة الخميس، دعا الأعضاء الديمقراطيون المعارضون للحرب والجمهوريون المؤيدون لتطبيق صارم للدستور، الرئيس الأمريكي إلى الالتزام بالقانون. وصرح السناتور الديمقراطي تيم كاين، المرشح السابق لمنصب نائب الرئيس مع هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أن "رفض ترامب طلب موافقة الكونجرس مخالف للقانون". واعتبر الجمهوري جاستن أماش "عندما نهاجم دولة كسوريا لا بد من وجود تفويض من الكونجرس ودعم من الشعب الأمريكي". وكان ترامب انتقد أوباما بشدة في العام 2013 لشنه عمليات عسكرية بدون موافقة الكونجرس. ويمكن لطلب موافقة الكونجرس أن يفتح بابا للمشاكل بسبب الاختلافات الشاسعة في الرأي داخل كل حزب حول إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد أم لا، وحول إرسال قوات أمريكية على الأرض في سوريا. ويفضل المسئولون الجمهوريون تركيز عملهم داخل الكونجرس على مشروع الإصلاحات الطموح الذي يسعون إلى تطبيقه في العام 2017.