قال الكاتب السورى نواف يونس، إن المفكر السوري الدكتور صادق جلال العظم (1934-2016) ، الذي رحل عن عالمنا في الحادي عشر من ديسمبر الماضي، عن عمر يناهز ال82 عامًا، بعد صراع مع المرض في ألمانيا، يُعد نموذجًا حقيقيًا للمثقف المبدع، فقد انحاز لأحلام البسطاء والفقراء برغم أنه من طبقة ارستقراطية. عرّج "يونس"، خلال ندوة "صادق جلال العظم"، ضمن سلسلة فعاليات "شخصيات لها تاريخ"، بالقاعة الرئيسية، أمس الأحد، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، على أعمال المفكر الراحل، وأبرزهم؛ كتاب "النقد الذاتي بعد الهزيمة"، وكتاب "نقد الفكر الديني"، و "الصهيونية والصراع الطبقي"، مشيرًا إلى أنه مفكرًا كبيرًا نادي بالحرية والمقاومة ضد الكيان الصهيوني، الذي اهتم بالعلم وأقام الجامعة العبرية، لتكون سلاحًا قويًا يتكأ عليه الصهاينة. وألقى المفكر السوري سلامة كيلة، كلمة حول تقييم المفكر صادق جلال العظم، من منظوره، معتبرًا أنه مثقفًا إشكاليًا، ومشاكسًا ومناكفًا، كان يشاكس بوعي عظيم وبرؤية واضحة، ويحاول أن يكون ضد التيار، ويتمرد على التيار الذي يسعى إلى الهيمنة، في حين أن الثقافة العربية لم تجد إلا القليلون الذين حاولوا التمرد. اتخذت مساراته ونقاشته ومعاركة، محاولة التصدي لمواجهة وتفكيك التيار السائد، لكي يكشف مكنوناته، وهي السمة الأبرز التي حكمت مسار "العظم"، وكان طبعه المشاكل لم يجعله دائمًا على صواب بل أوقعه في مواقف إشكالية. فلم يكن يستثير ما يصبح عامًا، لهذا سعى إلى ممارسة أقصى النقد، وانطلاقًا من ذلك، اتخذ تاريخ "العظم" المناضل، مستويات عدة؛ أبرزها؛ موقفه من الهزيمة، فقد وجد أن الهزيمة لم تؤدي إلى هزهزة الفكر، أو الدفع إلى إعادة النظر إلى المسلمات، فقرر أن يبرر الهزيمة أصلًا. واعتبر "كيلة"، أن أهم كتبه كتاب "الصهيونية والصراع الطبقي"، وهو كتاب مهم جدًا رغم اختفاءه من المكتبات، وعمله الأهم أيضًا، هو نقد المقاومة الفلسطينية، الذي كان جزءًا منها في مرحلة من حياته، فقد وجد عبر انخراطه فيها، أنها تفتقد إلى الأسس الأساسية التي تسمح لها بالبقاء والنجاح، كما انتد تفككها وغياب الرؤية والمنظور الفكري الذي يحكمها، فقام بعملية نقد شاملة للمقاومة لكي يصل أن هذة العفوية لن تؤدي إلى انتصار حقيقي. وانتقل "العظم" - كما يضيف "كيلة"- في هذا المسار إلى نقد الواقع العربي انطلاقا من تملسه للدور السعودي في الهيمنة عام 1970، فكتب كتاب "سياسة كارتر ومنظرو الحقبة السعودية"، محاولًا أن يفكك الدور السعودي في الهيمنة على وطن عربي ثائر، وبعد ذلك انتقد مسار السلام وكامب ديفيد، وبرز مع بروز موج العولمة والميل العام للعولمة، وجد ان عليه ان يفكك هذا المسل. وقرر "العظم"، أن يلعب دورًا تنويريًا، عن رفض التكفير والتحريم، وبالتالي تفكيك العقل الأصولي، موضحًا أن كان يواجه بشدة التيارات التي تحاول الهيمنة، وباعتباره مثقفًا عضويًا وإشكاليًا، كان يرى أن دوره يكمن في النقد والتفكيك دون أن يستلزم أن يكون ذا ميول تكيفية مع الواقع.