وسط حضور جماهيري كثيف افتتحت السيدة نادية الزهير في "جاليري ضي –اتيليه العرب للثقافة والفنون" معرضي الفنان الراحل الكبير محسن شعلان والفنان المبدع وليد عبيد أحد أهم المصوريين المصريين المعاصرين، وكان في مقدمة الحضور الفنان القدير د. احمد نوار والشيخ طلال زاهد، وعقب جولة الافتتاح نظم جاليري ضي ندوة ثقافية ادارها هشام قنديل، مؤسس الجاليري، تحدث فيها كل من الشيخ طلال زاهد ود. عادل ثروت والفنان طارق الكومي، وتم على هامشها تكريم ضيفي مصر الكريمين الشيخ طلال زاهد والسيدة نادية الزهير واهدائهم اوسكار الاتيليه. وقالت السيدة نادية الزهير ان المعرض اكثر من رائع فهو يجمع بين قامتين كبيرتين من جيلين مختلفين وهناك تجانس بين الفنانين شعلان وعبيد، واوضحت الزهير انها تعودت على مشاهدة اعمال الفنانين المصريين بجانب اخوانهم الفنانين السعوديين من خلال المعارض التي ينظمها اتيليه جدة. وقال الشيخ طلال زاهد انه يمتلك اكبر مجموعة تشكيلية مصرية من جميع الاجيال الرواد والوسط والشباب، خصص لها متحفا مفتوحا في بيته وزاره كبار التشكيليين المصريين مثل د. احمد نوار وعزالدين نجيب وعصمت داوستاشي وفاروق حسني وادم حنين وطارق الكومي وايمن السمري وحمدي ابو المعاطي حيث اشادوا جميعا بمجموعته التي تضاهي اعمال متحف الفن الحديث، واشار انه عاشق لمصر والفن المصري بحكم دراسته الاولية في القاهرة. من جانبها قالت الاستاذة الدكتورة صفية القباني عميدة كلية الفنون الجميلة انها شرفت بزيارة قاعة ضي المتميزة بمعارضها بادارة الصديق هشام قنديل، واوضحت ان الفنان وليد عبيد من خريجي كلية الفنون الجميلة وانه رسام موديل وبورتريه بامتياز، وايضا الراحل الكبير محسن شعلان الذي كان له اثر كبير علي الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة بحكم ادارته لقطاع الفنون التشكيلية، وقال ان المعرض متميز ومتنوع شأن جميع معارض ضي التي يقدها للساحة التشكيلية. من جهته قال هشام قنديل هل اصبح قدرنا أن يرحل الكبار فى هدوء بينما يملأ الصغار الدنيا ضجيجا.. يرحل الكبار وهم منسيون مظلومون لأن قدرهم ان عاشوا آخر أيامهم فى زمن الادعياء. يرحل الكبار وهم عاتبون علينا لأننا نعيش فى بلد لا تعرف قدر بنيها إلا بعد موتهم تقيم عليهم مأتما وعويلا يتصدرهم الصغار أيضا.. ثم تنسى سريعا قيمة من فقدت فى ظل تشويشهم وصخبهم. نعم ظلم حيا! أربع سنوات قضاها محسن شعلان حبيسا معذبا يعاني من غدر الأصدقاء حين ضيق عليه الآفاقون وسجنوه قهرا وظلما بتهمة الاهمال. وحين ضيقوا عليه الأرض بما رحبت وحاصروه من كل اتجاه رسم شعلان أجمل لوحاته واتسعت له الرؤية واستوعبته اللوحة.. ولأن الريشة والألوان والقلم استسلمت له ووفت بعهدها –شأنها مع كل مبدع حقيقي – بادلها وفاء بوفاء واخلاصا باخلاص فكان هو الصدق كله. كنت أري على وجهه الباسم دائما سحابة عابرة من الاحباط تتسلل إليه، حتى غادرت روحه الشفيفة هذه الدنيا بغته وكأنها تعلن انتمائها لعالم الخلود وانحيازها لدار الحق بعد ما ذاقت من الهموم والزيف فى دار الباطل. عاش شعلان بروح صافية، متسامحا مع الجميع، تسبقه ابتسامة ودودة تصنع دفئا انسانيا حقيقيا وان كان وراءها ما لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالي من شعور بالألم والشجن. واضاف قنديل.. ربطتني به اخوة حقيقية امتدت إلى ان توفاه الله ولازمني كظلي طوال اجازتي الماضية في القاهرة. ترهقني تفاصيل انسانية قد تبدو صغيرة، أدرك الآن أنها لم تكن كذلك، مرت عابرة وحين أستعيد بعضا منها يدهشني أنها كانت مفاتيح ميسورة تمكن من الولوج إلى العالم الفني شديد الرحابة لمحسن شعلان، وكيف لي ان انسي روحه المتقدة وانسانيته المفرطة في العذوبة وهو يدوس بقدميه اتيليه "العرب" في القاهرة تحت التأسيس ليضع كل التصورات وكل المشاريع الثقافية التي حلمنا بها سويا لرفعة الفن. كان معرضه الأخير بعنوان "القط الأسود" وفكرة القط الأسود لا تخفى على ذى لب من أنها محاولة شعلان الأخيرة فى ان يبوح بكل ما سكن فيه من احساس بالظلم والقهر، وانه كان قليل الحيلة في اتهامه بالاهمال وادخاله السجن ككبش فداء لكل الفساد الذي تعج به البلاد. فكرة القط الأسود هي فكرة رمزيه للغموض والسحر وامتلاك قوى خارقة مسيطرة تستطيع اخضاء اعناق الجبابرة. القط الأسود كان أمل محسن شعلان الأخير فى استرداد بعضا من كرامته التى اهدرت فى زمن العبث. القط الاسود هو ما تمنى شعلان ان يكنه لكنه لن يكون. فشعلان المسكون بسحر الفن وقواه الخارقة التى تخضع اذواق المتلقين بحسه الصادق المرهف تخضعهم لخطوطه وألوانه. القط الاسود الذي لم يكنه شعلان فى الواقع اصبحه فى الفن. وشاءت ارادة الله ان نعجز أن نقدم له الحفاوة التي يستحقها والتي نراها واجبا بحقنا وبحق كل ذي صلة بالفن والابداع وقبلها كل ذي صلة بالانسانية... وقال الفنان الكبير د. احمد نوار ان الفنان وليد عبيد تتوهج عنده منظومات إبداعية مختلفة.. ذات محاور ابتكاريه خاصة تعود بذاكرتنا إلى عصر النهضة وعبقرية "ريمبرانت" الفنان الهولندى الذى جعل من الضوء علامة وفلسفة ورمز وبناء وقيمة تعبيرية خالصة.. داخل مناخ مكتظ وملتف بالغموض والقتامة يقتحمه الضوء بجلال وبسحر غير مسبوق . ويجىء بنا الفنان وليد عبيد ليعكس شأن الضوء فى الظلام وينسج للضوء مهاما جديدة رحبه على مساحة الحياة كأنه يخرج الضوء من الأشياء ويكشف عنها الظلام.. لتنطلق نماءً وجمالاً وتعبيراً صادقاً.. ويتحول الضوء ديناميكياً بارداً ودافئاً وممتزجاً بنسيج الأشياء.. ويصح أن نقول النسيج البصرى المشع الباعث للضوء . ويقول الفنان وليد عبيد عن أعماله: أرى أن أهم شئ فى الفن التشكيلى هو رسم الاشخاص، لأن من يرى الأعمال يتصور بها نفسه أو يبحث عنها، حتى فى لوحات الورد يشاهد الأشخاص ما يشبههم، بل ويعجب بقدرة الفنان فى التعبير عنها فى الواقع، وهذا بصرف النظر عن رؤية النقاد الذين ينظرون للأعمال من منظور أخر كالتكنيك والخطوط والألوان.. فأنا فلسفتى فى الفن هى رسم الإنسان، كما أننى أهوى تصوير الواقع الذى يتغير باستمرار، كشخصيات الناس وطباعهم، والجو العام وشكل الشوارع، فبالتالى تتأثر أعمالى بتلك التغيرات فى حالة من التطوير، فالفن لابد أن يكون مرآة للواقع.