كتبت: منار مجدي في مثل هذا اليوم من عام 1980 انتخب الأمريكيون "رونالد ريجان" الرئيس الأربعين للولايات المتحدةالأمريكية من عام 1981 إلى 1989، وقبلها كان الحاكم رقم 33 على ولاية كاليفورنيا من عام 1967 إلى عام 1975 والذي كان يعمل بمجال التمثيل قبل أن يدخل المجال السياسي الذي بدأه في بداية الخمسينيات. لم يكن "رونالد ريجان" رئيسا عاديا بل اعتبره الأمريكيون استثناءا في تاريخ الولاياتالمتحدة والسبب يكمن في أن هذا الشخص منح الأمريكيين الثقة بأنفسهم فهو البطل الأخلاقي الذي أنزل الهزيمة بالمعسكر الشيوعي وأنهى الحرب الباردة وانتصر لقيم وحضارة الأمريكيين كذلك هو الممثل الوسيم رمز القوة الأمريكية وصاحب القيم والمبادئ المحافظة. مولد "ريجان" وزواجه ولد رونالد ويلسون ريجان في السادس من فبراير عام 1911 في ولاية الينوي، وانتقل الشاب ريجان إلى ولاية كاليفورنيا في ثلاثينات القرن العشرين ليصبح مذيعا في بعض الإذاعات المحلية وشبكات التلفزة وممثلا في هوليوود ، ثم رئيسا لاتحاد ممثلين يعرف باسم SAG . ثم انتقل إلى مجال الإدارة ليصبح متحدثا باسم شركة جنرال إلكتريك وتزوج ريجان مرتين، المرة الأولي كانت من زميلته الممثلة جين ويمان في عام 1940 ورغم أن الزوجين قد رزقا بطفلين وتبنيا ثالثا، إلا أن الزواج لم يستمر طويلا حيث انفصل الزوجان في عام 1948 وبذلك يكون ريجان أول رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدة يطلق زوجته، وإن كان ذلك قبل أن يصبح رئيسا. أما الزوجة الثانية في حياة ريجان فكانت ممثلة أيضا وهي نانسي ديفيز التي تعرف عليها عام 1949 وتزوجها في عام 1952 في مدينة سان فرانسيسكو وولد لريجان طفلان من زواجه الثاني وعاش ريجان ونانسي قصة حب كتب عنها كتاب". إنجازات "ريجان" وإخفاقاته كان "ريجان"من المعجبين بالرئيس "فرانلكين روزفلت" وكانت انتمائاته ديمقراطية لكن ولائه السياسي قد تحول مع نهاية الأربعينات في اتجاه الحزب الجمهوري ورغم أنه كان مسجلا في قوائم عضوية الحزب الديمقراطي، إلا أنه صوت بسبب عدائه للشيوعية لصالح الرئيس الجمهوري أيزنهاور في انتخابات عامي 1952 و1956 كما صوت لاحقا لصالح المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون في انتخابات 1960 التي فاز بها المرشح الديمقراطي جون كيندي وأثناء تلك الفترة أعلن ريجان تحوله رسميا إلى عضوية الحزب الجمهوري، قائلا إنه لم يترك الحزب الديمقراطي بل إن الحزب هم الذي تركه. بعد ذلك أصبح ريجان حاكما لكاليفورنيا في 3 يناير عام 1967 وحتى عام 1975 ثم رئيسا للولايات المتحدة عام 1980 مستغلا أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في إيران وسوء حالة الاقتصاد الأمريكي ليتم إجراء الانتخابات وتوجيه ضربات موجعة لمنافسه "كارتر" والتي انتهت بهزيمته بنسة41% في مقابل حصول ريجان على 50.7%. وسعى الرئيس ريجان خلال سنوات الفترة الأولى من رئاسته أن يطبق سياسات تعكس ما يعرف عن من تفاؤل وثقة، كما طبق سياسة اقتصادية أطلق عليها مصطلح ريجانوميكس خفضت من اعتماد المواطنين على اقتصاد الدولة ، لكنها أدت إلى زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وقد تعرض ريجان في بداية رئاسته لإطلاق نار اعتبر لاحقا أنه محاولة اغتيال. وكانت أول الإخفاقات التي تلاقها الرئيس الأمريكي في عام 1983 في بيروت ، عندما قتل 241 من قوات المارينز في هجوم استهدف قوات حفظ السلام الأمريكية والدولية أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. وفضل ريجان سحب القوات الأمريكية من لبنان في فبراير 1984. وتم إعادة انتخاب الرئيس ريجان بهزيمة منافسه الديمقراطي والتر مونديل رغم كبر سن ريجان، لكن معارضي الرئيس بدؤوا في توجيه الانتقادات إلى إدارة ريغان لبطء وضعف استجابتها للخطر الذي صدم العالم في يوليو عام 1985 عندما تم الكشف عن إصابة أكثر من عشرة ألاف أمريكي بفيروس الإيدز ووفاة ما يزيد على ستة ألاف بسبب المرض ومن بينهم النجم السينمائي روك هدسون. كما أثارت زيارة قام بها الرئيس ريجان وزوجته في نفس العام بناء على دعوة من المستشار الألماني هلموت كول إلى مقبرة بيتسبرج بألمانيا سخط اليهود الأمريكيين. وفي عام 1986 تم الكشف عن فضيحة إيران- كونترا التي هزت إدارة الرئيس ريجان، فقد كشفت التحقيقات عن قيام الحكومة الأمريكية ببيع أسلحة لإيران بصورة غير شرعية لتوفير دعم مالي لتمويل متمردي كونترا في نيكاراجوا. ريجان والحرب الباردة تعتبر الحرب الباردة هي الحدث الأهم في تراث ريجان، فقد بدأ رئاسته بتصعيد المواجهة مع الاتحاد السوفيتي بإحياء برامج تسلح كانت إدارة كارتر قد ألغتها، ووصل سباق التسلح بين القوتين مداه حتى أراد ريجان أن ينقله على الفضاء من خلال برنامج التسلح " حرب النجوم". ووصف ريجان في خطاب بالبرلمان البريطاني خصمه الشيوعي في عام 1982 بأنه " إمبراطورية الشر" . كان ريجان مصرا على إلحاق الهزيمة ولو المعنوية للاتحاد السوفيتي مصورا الصراع على أنه صراعا بين قوى الخير وقوى الشر. وقد تحقق له أكثر مما أراد بالتصدع الاقتصادي والسياسي والضعف الذي مر به الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه بهدم سور برلين عام 1990 وانهيار الاتحاد السوفيتي بعد ذلك بعام، وإن كان ذلك بعد مغادرة ريجان للبيت الأبيض. المرض والوفاة وكانت كلمات ريجان الأخيرة من البيت الأبيض في 11 يناير عام 1989 ، عندما سلم الرئاسة لخلفه الجمهوري جورج بوش الأب. وانتقل ريجان وزوجته للإقامة في ولاية كاليفورنيا مرة أخرى بينما كانت أخر خطاباته في فبراير 1994 كما أن آخر ظهور أعلامي أمام الجمهور كان في 27 أبريل عام 1994 أثناء مشاركته في جنازة الرئيس نيكسون. وفي 5 نوفمبر من عام 1994 كشف الرئيس ريجان من خلال خطاب بخط اليد للشعب الأمريكي عن حقيقة مرضه بمرض الزهايمر قائلا بنبرة لم يغب عنها التفاؤل "إنني أدرك الآن أنها بداية الرحلة التي ستقود إلى لحظة الغروب في حياتي، لكنني على يقين انه بالنسبة للأمريكيين فإن هناك فجرا دائما في الأفق. أشكركم يا أصدقائي وليبارككم الرب." استمر مرض الرئيس سنوات، فضلت خلالها زوجته أن تبعده عن عيون الإعلام وحتى الأصدقاء مبررة ذلك بقولها إن الرئيس لم يكن ليريد أن يراه الناس على هذه الحالة. وتوفي ريجان في الخامس من يونيو عام 2004 بعد عشر سنوات من الصراع مع مرض الزهايمر وهو في الثالثة والتسعين من عمره.