منذ أيام فاجأتنا حكومة المهندس شريف اسماعيل عن نيتها إدخال تعديلات جديدة في القانون رقم 89 لسنة 1960، فيما يتعلق بدخول وإقامة الأجانب في مصر، المذهل في الأمر أن التعديل امكانية بيع الجنسية المصرية للمستثمرين الاجانب المقيمين في مصر اقامة طويلة مقابل وديعة بالعملة الصعبة مدتها خمس سنوات متتالية علي الأقل وفقا للتعديل الجديد، ويكون ذلك بقرار من وزير الداخلية. ويهدف هذا التعديل إلي تشجيع استثمار الدول العربية والاجنبية في المشروعات الاقتصادية لدعم المستوي الاقتصادي المصري الذي يعاني من الركود في الفترة الحالية، خاصة بعد ارتفاع أسعار الدولار، وتسهيلا علي الأجانب أصحاب الارتباط القوي بمصر وتحقيقا للاستقرار العائلي لهم. تضاربت الاراء حول هذا التعديل بين المؤيد والمعارض، فانقسم رجال القانون وأعضاء البرلمان ، كما تباينت آراء الجمهور بالشارع ما بين القبول والرفض التام للفكرة . سألنا الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري عن رأيه في التعديلات التي أٌدخلت على القانون فقال إنه يطبق في الكثير من دول العالم مثل قبرص، بلغاريا، رومانيا. ولفت إلى أن الظرف الأمني في مصر واعتبارات الأمن القومي توجب وضع عدد من المحاذير علي تطبيق هذا القانون، خاصة انها أصبحت دولة غير جاذبة للسكان، وتنبأ بموافقة البرلمان علي هذا التعديل لحاجة الدولة له في الوقت الراهن. فيما قال النائب جمال عقبي، وكيل لجنة القوي العاملة بالبرلمان، إن هذه التعديلات تهدف الي التيسير علي الاجانب ذوي الارتباط بمصر، وخلق روح الثقة والاستقرار بين الطرفين في الفترة المقبلة، مشيرا إلي مساعدة هذا القانون في خفض الدولار، كما أنه سيساهم في حل الازمة الاقتصادية - بحسب قوله - . فيما أثار التعديل غضب الدكتور محمد عطا الله، أستاذ القانون الدولي، الذي قال إنه سيفتح الباب أمام غسيل الاموال،كما أنه سيهدد أمن مصر القومي. وأوضح أن القانون يُطبق بالفعل في دول أخري ولكن بشروط معينة من بينها" المحافظة علي الأمن القومي، تحديد حقوق وواجبات المواطن الممنوح له الجنسية، كما أن حق الترشح للبرلمان يُقتصر علي من قدم الخدمة عسكرية للدولة وبالتالي يمنح هذا التعديل عضوية البرلمان للمتجنسين بالمصرية، ويؤكد عطا الله أن جميع منظمات الدولة سوف تطعن بعدم دستورية هذا التعديل حال الموافقة عليه من قبل البرلمان ومن ثم إقراره . وبنبرة غاضية عبر المستشار محمد حامد الجمل ، رئيس مجلس الدولة الأسبق عن قلقه من هذا التعديل ، قائلا:"إن الجنسية المصرية لا هي للبيع ولا للإيجار"، حيث إنها ركن أساسي في الدولة، وتنظم الدستور والقانون. وأكد أن منح الجنسية مقابل وديعة بنكية امر يهدد الأمن القومي ولا يوجد سند قانوني له، مشيرا إلي دعم الجهات المتطرفة للإرهابيين للحصول علي الجنسية والتحكم في الدولة. كما صرح الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدولي، بأن تعديل الدستور لحل أزمة الاقتصاد وتشجيع الاستثمار قرار فادح. مؤكدا أنه يحتاج لتعديل دستوري كما أنه يساوي بين الإجنبي والمصري في جميع الحقوق والواجبات فضلا عن الامتيازات الممنوحة للأجنبي باعتباره مستثمر. وسخر ممدوح حمزة الناشط السياسي من لجوء الحكومة لهذا التعديل القانوني لحل الأزمة الاقتصادية من خلال صفحته علي تويتر قائلا:"بدأت الدولة في بيع عفش البيت، ورهن البيت، وقريبا ستزوج بنتها لعجوز خليجي". كما علقت الصحيفة الاسرائيلية "يديعوت أحرونوت"، على الخبر بإنه هناك تخوفات واسعة بين المصريين من حصول اليهود علي الجنسية المصرية. وأضافت أن هذا الاقتراح كان بمثابة صدمة كبيرة للمصريين الذين يرفضون بشدة عرض مواطنتهم للبيع مقابل الحصول علي أموال. أما عن وجهة نظر المواطن، فتباينت الآراء ما بين مؤيد ومستنكر، فمنهم من يري أن منح الجنسية للأجانب نظير مقابل مادي ما هو إلا تجارة بمصر وأمنها ، ومنهم من رفض مناقشة الأمر برمته معتبرا اياه خيانة، ومنهم من وصفه ب"أسلوب شحاتة". فيما أيد البعض إجراء مثل هذا التعديل، حيث يرون أن الجنسية المصرية ليس لها ثمن لدي مواطنيها الأصليين مؤكدين علي عدم استفادتهم منها وأنه لامانع من بيعها لتحقيق دخل مادي وتنمية اقتصادية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعانيها مصر في الوقت الراهن.